رياضة

للمرة الأولى منذ 40 عاماً مدرب السيلساو لا يغادر بعد المونديال … تيتي يبقى مدرباً للبرازيل حتى 2022

| خالد عرنوس

بعد ثلاثة أسابيع على خروج السيلساو من ربع نهائي مونديال روسيا 2018 أعلن الاتحاد البرازيلي عن بقاء المدرب تيتي على رأس الجهاز الفني لمنتخب السامبا لأربع سنوات جديدة أي حتى النهائيات العالمية القادمة في قطر 2022 وذلك في حالة نادرة في تاريخ زعيم المونديال، فللمرة الأولى منذ 40 عاماً يتم تجديد الثقة بمدرب السيلساو عقب الخروج من المونديال وحتى عندما نجح كارلوس البرتو بيريرا وفيليبي سكولاري بالتتويج لم ينتظر كثيراً في المنصب، إلا الحالة الجيدة التي ظهر عليها المنتخب في روسيا وارتياح اللاعبين للمدرب جعل بقاءه شيئاً متوقعاً وهو ما كان.

منصب خطير

يعد منصب مدرب المنتخب البرازيلي الأصعب في العالم وذلك لاعتبارات عديدة منها أنه يقع فريسة لانتقادات أكثر من مئتي مليون برازيلي يعتبرون أن كرة القدم شيء أساسي في دمائهم ولا يقبلون إلا ثقافة الفوز وهم نقاد من الدرجة الأولى، حتى إن الكثيرين منهم يعتبرون المركز الثاني مثل الأخير في أي بطولة والتتويج هو الفوز الوحيد.
منذ الخطأ الذي ارتكبه أديمير بيمينتا مدرب البرازيل في مونديال فرنسا 1938 عندما لم يشرك الهداف ليونيداس في مباراة نصف النهائي ومنصب المدرب مثار جدل كبير ومنذ التتويج باللقب الأول لم يجرؤ أي مدرب على مناكفة الجماهير، ورأينا كيف انقلب الرأي العام على المدرب سالدانيا لمجرد التفكير بإبعاد بيليه عن مونديال 1970 وفي عام 1974 لم يشفع لزاغالو أنه بطل العالم لاعباً (1958 و1962) ثم مدرباً عام 1970، فكانت الإقالة تنتظره بعد الحلول رابعاً في المونديال الألماني، إلا أن الحال تبدل مع سلفه كوتينيو الذي بقي في منصبه عقب مونديال 1978 إثر حلوله ثالثاً من دون هزيمة لكن الموت كان كفيلاً بإنهاء مسيرته مع السيلساو في العام التالي، وهو آخر مدرب لم يستقيل أو يقال من منصبه عقب كأس العالم.

سانتانا وتوابعه

ففي مونديال 1982 قدم تيليه سانتانا أفضل تشكيلة لم يكتب لها الفوز بالمونديال ولم يشفع له ذلك فقد استقال من منصبه وحتى عندما عاد إلى مونديال 1986 خذله الحظ وركلات الترجيح مجدداً ليبتعد تماماً وفي 1990 خرج لاتزاروني مطروداً بعد الأداء الباهت والخروح من الدور الثاني أمام الأرجنتين، أما كارلوس البرتو بيريرا فقد شهدت عودته لقيادة السيلساو في المونديال الأميركي 1994 تتويجه باللقب الرابع ورغم ذلك فقد أثر الخروج مباشرة، وقاد معلمه زاغالو المنتخب في المونديال الفرنسي وأخفق بالحفاظ على التاج العالمي ليغادر منصبه مباشرة رغم حلوله وصيفاً.
سكولاري استطاع بعد أربع سنوات من الظفر بالكأس الخامسة لكنه لم يقبل البقاء وهو الذي تعرض لأعلى الضغوط بعد تسلم منصبه وسط تراجع كبير للمنتخب قبل أن يقوده إلى اللقب بفضل «عصابة الراء» وعاد كارلوس البرتو بيريرا لتسلم المنصب في ألمانيا 2006 لكن الفريق الحديدي أصابه الصدأ فخرج من ربع النهائي ليخلفه تلميذه النجيب دونغا الذي قلده بالخروج من الدور ذاته فلحق بأسلافه، وفي 2014 عاد (الفيليباو) سكولاري بآمال عرضة خاصة أن بلاده استقبلت البطولة لكن خسارة نصف النهائي الشهيرة أمام الألمان والحلول بالمركز الرابع كان مخيباً فخرج البطل السابق منبوذاً.

تخبط وتحول

السقوط الكبير في مونديال 2014 جعل منصب المدير الفني غير مرغوب فيه للكثيرين إضافة إلى شح المدربين البرازيليين بالأساس رغم أنهم كانوا الأكثر رواجاً وتوزعاً في بلدان العالم في وقت من الأوقات، ومن سخريات القدر أن يطالب البعض بمدرب أجنبي، وبالفعل جرى تداول اسم غوارديولا الإسباني، إلا أن الكبرياء البرازيلي منع مثل هذا الإجراء ليعود دونغا قبل أن يجد البرازيليون ضالتهم بالمدرب تيتي وهو لقب صغير جرياً على عادة بلاد السامبا.
اسمه الكامل أدينور ليونارد باتشي ويبلغ من العمر 57 عاماً سبق له أن قاد كورينثيانس إلى بطولة البرازيل 2011 و2015 إلى بطولة الليبرتادوريس عام 2012 وبطولة مونديال الأندية في العام ذاته، وقد تسلم مهمة «الكوتش» العام صيف 2016 ليبدأ مهمته رسمياً مع السيلساو بتكملة التصفيات المونديالية وفيها سجل نتائج رائعة، حيث كان أول منتخب يحجز مقعده في نهائيات روسيا 2018.

الحظ وأشياء أخرى

دخل المنتخب البرازيلي المونديال مرشحاً للنجمة السادسة وعلى الرغم من التعادل الافتتاحي مع سويسرا إلا أن ما قدمه نيمار ورفاقه في تلك المباراة وفي المباريات التالية التي انتهت بالفوز بهدفين على كل من كوستاريكا وصربيا والمكسيك والأخيرة في الدور الثاني جعلهم مرهوبي الجانب، وزاد يقين العالم أنه من الصعب إيقافهم قبل النهائي، وهو الأمر الذي توقف في ربع النهائي أمام منتخب (محترم) هو شياطين بلجيكا الحمر وبظروف غير عادية ذكرت الجميع بما حدث للفريق الساحر بمونديال 1982 مع بهارات إضافية وبالحظ وعدم التوفيق والتألق غير العادي من دفاع وحارس بلجيكا وبعض هفوات التحكيم جاءت الهزيمة الرسمية الأولى في عهد تيتي لتطيح بالسيلساو من البطولة وتبعده عن الحلم العالمي من جديد.

عمل محترم

ما قام به تيتي مع اللاعبين خلال عامين جعل منه مدرباً محترماً، فقد اعتمد الأسلوب البرازيلي المحبب لدى الجماهير من إظهار فنيات ولعب بحثاً عن الفوز مترافقاً مع المتعة ووضع اللاعبين تحت المسؤولية بتدوير شارة القيادة بين اللاعبين كبار السن حيث لم يقتصر هذا الأمر على لاعب أو اثنين ومنح اللاعبين حرية التصرف داخل الملعب لكن ضمن حدود معينة.
وبفضل هذه الطريقة وأسلوب اللعب الهجومي وتمتين الدفاع على الطريقة الأوروبية نجح تيتي بتسجيل نتائج كبيرة ورائعة خلال مشواره، حيث لم يخسر سوى مباراتين، الأولى في الإطار الودي أمام الأرجنتين في حزيران 2017 والثانية أمام بلجيكا في ربع نهائي المونديال.
وخاض السيلساو 26 مباراة تحت قيادة تيتي فنجح بالفوز في عشرين منها وتعادل 4 مرات وخسر مرتين، ومنها 15 رسمية فاز بـ11 وتعادل بـ3 وخسر واحدة، وسجل لاعبوه خلال الرسميات 35 هدفاً مقابل 6 أهداف فقط بمرماهم.

الحل الأمثل

عندما تسلم تيتي المهمة توقع الكثير من الضغوط أمام وسائل الإعلام والرأي العام حسب تصريحه الخاص لموقع الفيفا الإلكتروني لكنه لم يكن يتصور أن تكون الضغوط بهذا الحجم، فالبرازيليون لا يرضون بالفوز دون العرض وكذلك لا يعتبرون الأداء متكاملاً إلا عندما يترافق بالنتيجة. لكنه بفضل حنكته وتفاعله مع المجموعة أصبح مدرباً محبوباً عند معظم أبناء جلدته الذين طالبوا به فكان أن جدد الاتحاد البرازيلي الثقة به على أمل أن يكون المونديال القطري موعداً نهائياً للنجمة السادسة، إلا أن الامتحان الأول سيكون في كوبا أميركا الصيف القادم ومن بعدها التصفيات الماراثونية لمونديال 2022، فهل ينجح تيتي في مسيرته القادمة؟.. ربما، لكن الوقت مازال مبكراً للحكم عليه بالتأكيد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن