ثقافة وفن

أنا ابن شرعي للمسرح وحبي له يفوق كل الحدود … محمد خير الجراح لـ«الوطن»: نضال سيجري غلبني.. وأتمنى الوصول إلى عتبات رفيق سبيعي

| وائل العدس

يؤمن النجم محمد خير الجراح بأن المسرح هو أوكسجين الحب وبصيص الأمل ورمز الحياة والوجود والانتماء إلى العالم المتحضر.. ولذلك لم تغب شمسه عن الخشبة التي عشقها وكان وفياً لها منذ البدايات الفنية.
ورغم الصعوبات الماثلة أمام المسرحيين، إلا أن الجراح ومنذ نشأته الفنية لعب دوراً ريادياً وأساسياً في ديمومة النشاط المسرحي من خلال جهود مضنية بذلها كان دافعه الوحيد شغفه للمسرح، فقدم خلاصة خبراته ولم يبحث عن مكاسب شخصية.
هذه الأيام، نجح الجراح ورفاقه بجذب الآلاف لحضور مسرحية «السيرك الأوسط» التي تعرض كل خميس وجمعة على مسرح راميتا في دمشق.
الجراح حل ضيفاً على «الوطن» وكان الحوار التالي:

معظم نجوم الدراما ابتعدوا عن المسرح لمصلحة الدراما التلفزيونية، فما الذي دفعك للوقوف على الخشبة مجدداً؟
أكثر ما شجعني المطالب التي أتلقاها بكل حبّ وودّ من الجمهور والأصدقاء، وخاصة لما تتملكهم من رغبة وشغف بمشاهدة عرض مسرحي مختلف تماماً عما يقدم خلال الأزمة، بمعنى إعادة إحياء المسرح الشعبي الخاص الذي غاب كلياً لأكثر من ثماني سنوات.
إضافة إلى استفسارات الناس الدائمة عن سبب عدم امتلاكنا لمسرح «كوميدي نايت شو» في ظل وجود نجوم كثر وإمكانيات تمثيلية عالية المستوى على الصعد كافة.
أما على الصعيد الشخصي فحبي للمسرح يفوق كل الحدود، وانطلاقاً من هذا الحب إضافة إلى الشغف والإخلاص للخشبة، فإنني أعود للوقوف عليها.
حتى زوجتي تقول لي دائماً: «عليك أن تعمل في المسرح»، وهي من أكثر الأشخاص تحفيزاً لي رغم أنها تدرك تماماً حجم التعب الذي أجنيه من وراء ذلك وكذلك المردود المادي الضئيل.
عموماً لم أرفض يوماً تلبية أي دعوة مسرحية، رغم أن عروض المسرح القومي لا تحقق شرط الربح المادي بل على العكس تماماً.
وأتمنى أن نوفق بتقديم مسرح شعبي، كي تكون خطوة قابلة للتكريس في المستقبل وحافزاً للآخرين كي يعودوا إلى هذا المسرح، وأتمنى أن يديم الله علينا الصحة وأن نحافظ على اللياقة الذهنية والبدنية كي نبقى قادرين على تقديم مسرح جيد ولائق.

كيف جاءت فكرة المشاركة في «السيرك الأوسط»؟
المسرح يحقق لي المتعة، وخاصة أن الدراما التلفزيونية تعاني حالة سكون، وخلال الفترة الأخيرة راودتني رغبة عارمة في تقديم عرض مسرحي في الوقت الذي عرض عليّ المخرج غزوان قهوجي فكرة هذه المسرحية، وبعد أن قرأت النص استهواني.
في البداية عَرضَ عليّ إطلالة واحدة ضمن العرض فرفضت، لأنه من المعيب بحقي أن أقدم دوراً صغيراً، وعن غير قصد تحول العرض رويداً رويداً ليلائم مزاجي الخاص، وأصبحتُ بطله «من الجلدة إلى الجلدة»، لدرجة أننا استخدمنا إحدى أغنياتي «مدوا الأيادي» على اعتبارها تتقاطع مع فكرة المسرحية.

إذاً، تدرك أن نجاح العمل مرهون باسمك؟
هذا الكلام صحيح، ولكن في المقابل لا يقلل ذلك من إمكانات باقي الممثلين، وهم بالفعل فنانون مدهشون وممتعون وجديرون بالثقة وأنا سعيد بالعمل معهم.
فنياً راهنت منذ البداية على نجاح العمل، لأنه عمل احترافي، صحيح أن اسم المخرج ليس لامعاً رغم تجاربه المهمة، إلا أنه قدّم العرض نفسه ضمن مسرح الهواة وحصد عبره جوائز عديدة.

أنت نجم دراما لكن ليس كل نجم درامي هو نجم مسرحي بالضرورة، ما الفرق بينهما؟
أنا ابن شرعي للمسرح، أتيت من المسرح إلى الدراما وليس العكس، طبعاً ليس من بوابة المعهد العالي وإنما من بوابة الورثة التي ورثتها من والدي حيث كان منتجاً مسرحياً وغزير الإنتاج. عملت معه في بداياتي ومع فرق مسرحية أخرى في حلب، حتى عند قدومي إلى دمشق كانت الانطلاقة من خشبة المسرح إلى التلفزيون.
أمر لافت أن تعود للعمل في المسرح بعد أن تصل إلى مكانة ما في التلفزيون، لأن الناس تتعاطى مع المسرح على أنه مرتبة ثانية في الوقت الذي يجب علينا أن ننظر إليه على أنه مرتبة أولى، فمن الصعب جداً أن تقدم ساعتين من المتعة المتواصلة من دون توقف، على حين في الإنتاج التلفزيوني لديك إمكانية التوقف والإعادة والتكرار، إضافة إلى محسّنات ورتوش على اللون والصورة وكذلك الأمر بالنسبة للسينما، أما في المسرح فلا تستطيع فعل ذلك.
المسرح ميدان مفتوح في مواجهة مباشرة مع الجمهور، وعليك أن تقدم نفسك بطريقة صحيحة وأن تقدم المادة التي تريد إيصالها بإقناع ومتعة.

ما سبب ابتعادك عن المسرح في الفترة السابقة؟
لم أبتعد بشكل كلي، وتقريباً أطل على الخشبة مرة على الأقل في كل عام، وآخر إطلالة لي كانت خلال الشتاء الماضي في عرض «هنا لنا- نتذكر» مع الأستاذ دريد لحام، وبعدها خلال فترة عيد الميلاد المجيد شاركتُ في عرض «بروفة الميلاد» مع جوقة الفرح ومع المخرج عروة العربي.
أما في المسرح القومي فيعود آخر عرض قدمته إلى عام 2014 في مسرحية «هوب هوب» مع الدكتور عجاج سليم، كما قدمت بعض العروض البسيطة مع فرقة «جلنار» خارج دمشق.
لا أغيب عن المسرح، بل من أكثر الفنانين من أبناء جيلي عملاً بالمسرح وبالمجان تقريباً، وقد يكون غلبني في هذا المجال الراحل نضال سيجري رحمه الله، فهو لم يكن ممثلاً مسرحياً فقط وإنما كان منتجاً ومخرجاً، وكنت قد عملت معه في بعضها.

هل وضعت بعض اللمسات الإخراجية في عرض «السيرك الأوسط»؟
سواء في التلفزيون أم المسرح، نتشارك في الآراء والأفكار، وفي هذا العرض قد أكون قدمت اقتراحات في بعض المشاهد، لكن للأمانة المخرج غزوان أحاك العمل بشكل جيد جداً بالمشاركة مع فريقه الفني، وأريد أن أنوه بأن التقنيات التي نعمل بها قد لا تكون ذات مستوى عال لكن الظروف الحالية لا تسمح لنا بأكثر من ذلك.
قدمتُ مقترحات تتعلق بضبط الإيقاع وبصناعة اللمسة الكوميدية، واقترحت بعض النكات على غيري من الممثلين.

الإعلان للمسرحية كان ضئيلاً وهناك تقصير في هذا الموضوع؟
صحيح، وسببه تأخر وجود الداعم الإعلاني، ففي البداية استعانوا بمؤسسة كي تتصدى لهذه المهمة لكن التعامل مع الشركات الاقتصادية كان صعباً وخاصة من جهة إقناعهم بتقديم الدعم لعرض مسرحي عدد نجومه محدود، فجميع الشركات تهتم بكيفية الإضاءة عليها وعلى اسمها وما الفائدة التي ستحصدها من رعايتها لعرض مسرحي، على حين أن كلمة «سبونسر» تعني الدعم للفكرة وليس الاستفادة، وللأسف المفهوم في بلدنا خاطئ، وتحول إلى مفهوم اقتصادي.
عندما انضممتُ إلى فريق المسرحية تمكنا من تحقيق جزء من الدعم بسرعة قياسية.
المسرح بحاجة إلى دعم كبير من دون التفكير بالعائد المادي الذي ستجنيه من خلاله، وإن أردنا تناول الموضوع من باب فكري وثقافي وإنساني وحضاري لأننا عندما نقدم الدعم لنشاط معين فإننا نسهم في الحفاظ على هويتنا وعلى بقاء الحيوية.
في بلدان أخرى كفرنسا، المؤسسات التي تقدم الدعم ليس بالضرورة أن يكون شرطها وضع اسمها بمكان معين، ربما تطالب بوضع اسمها بمكان لائق فقط، وفي بعض الأفلام اللبنانية كأفلام المخرجة نادين لبكي لولا «السبونسر» الأجنبي لما تمكنت من تقديم أفلامها بهذا الشكل، وإذا نظرنا إلى الإعلانات في نهاية الشارة فنلحظ وصول عددها أحياناً إلى العشرين، وبالطبع هذه الشركات لا تقصد من ذلك تسليط الضوء على اسمها بقدر الشكر على دعمها.

بعيداً عن المسرح ما جديدك؟
أحضّر لأغنية جديدة لمدينة حلب للملحن الصديق خالد ترمانيني، بدأنا العمل عليها قبل عامين وهي من كتابة الراحل أنطوان مبيض وتوزيع براق تناري، تم تنفيذها عندما كانت حلب متعبة، وأعتقد أننا نستطيع تعميمها على حالة السوري عموماً، لكون كلمة حلب تذكر مرة واحدة وهي صالحة لأي زمان ومكان، وبعد انتهاء عروض المسرحية أنوي تصويرها في حلب على طريقة الفيديو كليب ثم إطلاقها.
إضافة إلى ذلك، تم التواصل معي مؤخراً من أجل إحياء حفل خاص في قلعة حلب ضمن أحد المهرجانات.
أحلم بتقديم «شو غنائي» وأن أعيد إحياء حالة المونولوج والأغنية الشعبية الفلكلورية، علماً أن الرائد الكبير في سورية وملك هذا اللون هو الأستاذ رفيق سبيعي رحمه الله، وإن شاء الله نتمكن من الوصول إلى عتباته، هذا المشروع أتمنى أن يرى النور قريباً.

معظم أغنياتك حلبية ألا تعتقد بأن هذا التخصيص يؤثر سلباً في الانتشار؟
بعض أغنياتي كانت لحلب، لكن أغنيات «دفش» و«مدوا الأيادي» و«غربل» لم أخص بها هذه المدينة.
وفي حال عُرض عليّ كلام لائق لباقي المدن فمستعد أن أغنيها، والموضوع بحاجة إلى شاعر غنائي.
مؤخراً لم يُكتب شيء لدمشق، بعكس الوقت السابق، حيث تغزل فيها الشاعر الكبير نزار قباني بطريقة لا تشبه سواها، فمن أين نجد شاعراً يكتب قصائد لدمشق أجمل مما كتب القباني؟.
لكني أعد الجميع بأن أقدم أغنية للشام وسأبحث عن كاتب نابض من دمشق قادر على كتابة أغنية لها، صحيح أن حلب أمي لكن بالمقابل دمشق معشوقتي وكلامي هذا ليس ادّعاء، أحب دمشق، هذا المكان ساحر لمن يعرف كيف يقرأ مفرداته.. دمشق امرأة جميلة وأخاذة ولهذا السبب كان نزار يتغزل بها دائما كامرأة.

حدثنا عن ألبومك الجديد؟
متنوع، وسبب تأجيله مرتبط بالإنتاج، أنوي تصوير أغنية «عرم» وأحضر لأغنية مع الفنانة جيني إسبر من كتابة صفوح شغالة، وسنصورها أيضاً على طريقة الكليب بطريقة طريفة وكوميدية، وتتحدث عن شاب يغازل صبية بطريقة مهضومة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن