رياضة

الاحتراف الكروي بعد عقدين من الزمان … قوانين قاصرة والأندية راضية وحقوقها ضائعة

| ناصر النجار

بعد عقدين من الزمان على الاعتراف بالاحتراف طريقاً لكرة القدم لم نشهد أي تطور على هذا الاحتراف الذي آمن بالمال شريعة ومنهجاً وابتعد عن لب الاحتراف ومفهومه العالمي المطور لكرة القدم.
وبعد سنوات من الاحتراف فهمنا أن هذا القانون أتاح لأنديتنا التعاقد مع مدربين ولاعبين وفق عقود مالية متفاوتة القيمة على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين.
هذا هو كل الاحتراف، واتحاد كرة القدم كان يأخذ نسبة عشرة بالمئة من قيمة العقود، ثم ألغيت هذه النسبة خلال الأزمة وأعيدت بدءاً من هذا الموسم وصارت النسبة 7 بالمئة.
سنوات الأزمة منعت التعاقد مع لاعبين من خارج سورية لكنها أبقت الباب مفتوحاً للتعاقد معهم في المشاركات الخارجية وكذلك بالنسبة للمدربين الذين لم يطلهم المنع وسبق لطاقم برازيلي أن درب الشرطة في مشاركته الآسيوية وكذلك الروماني تيتا.

البحث عن البطولة

الاحتراف بالشكل هذا فتح الباب أمام الأندية للبحث عن اللاعبين الأفضل محلياً، ومن كان يملك القدرة المالية فستكون سطوته على الدوري ولاعبيه المميزين أكبر، لذلك انحصرت البطولات بين أندية قليلة في مواسم الاحتراف من دون أن يخترقها أي ناد آخر.
والموسم الحالي يشهد على ما نقول، فاللاعبون المميزون يزحفون تجاه أندية الجيش والوحدة والاتحاد بدرجة كبيرة لقدرتها على الدفع وبدرجة أقل فرق تشرين وحطين والشرطة، ونرى هذا الموسم فريق الوثبة دخل السباق بتعاقدات بعضها متميز وبعضها الآخر أقل من عادي.
هذا الأمر جعلنا ننظر إلى الأندية وهي تتسابق على بطولة مسبقة الصنع عبر لاعبين ليسوا من رحمها إنما هم خليط من الأندية، والمدرب القادر على صنع توليفة جيدة هو القادر على المنافسة والفوز ببطولة الدوري أو الكأس.
وهذا يقودنا إلى أن عملية التطور باتت من منسيات الأندية لأن هدفها الأول والأخير هو المنافسة على اللقب وصناعة فريق منافس، ما أدى ذلك إلى إهمال فرق القواعد وعدم الاهتمام بتطوير الفئات العمرية لتكون جاهزة وحاضرة ومستعدة لتأخذ دورها في السنوات القادمة كبديل للجيل الذي آن له أن يرحل بعد أن قدم كل شيء لكرتنا الوطنية.

فخ غير محسوب

الفخ غير المحسوب الذي وقعت فيه الأندية ودفعت ضريبة عدم اهتمامها بقواعدها، تمثل بالأزمة التي أفقدت الدوري نصف لاعبيه وأغلبهم من المتميزين الذين هاجروا نحو الدوريات العربية، وهذا ما جعل الدوري المحلي يدخل في حالة العجز سنة بعد أخرى، وما شاهدناه من فوارق شاسعة على المستوى الفني والبدني والمهاري بين نادي الجيش والمريخ السوداني خير دليل على تراجع مستوى كرتنا وأنديتنا والدوري، وكل ذلك لعدم وجود دماء جديدة يتم ضخها بالدوري، وعلى العكس تماماً شاهدنا لاعبين بأعمار كبيرة تزدحم بهم الأندية، ولولا الأزمة ما كان لهؤلاء أن يحلموا بوجودهم بالدوري الممتاز.
الحل هنا بات معروفاً ويتضمن العناية بالقواعد وتطوير الفئات العمرية، فليس من المعقول أن تبقى كرتنا تعيش على عشرين لاعباً من أمثال السومة والخريبين والخطيب والعالمة ومرديك مردكيان وغيرهم إلى الأبد، ومشكور اتحاد كرة القدم الذي ألزم الأندية بكل الدرجات بالمشاركة بدوري الفئات، وعملية الإلزام هذه يجب ألا تبقى حبراً على ورق، فأي ناد يتخلف عن المشاركة يجب أن يواجه بعقوبة صارمة كالهبوط إلى الدرجة الأدنى (مثلاً)، وشاهدنا الموسم الماضي كيف وقف اتحاد كرة القدم موقف المتفرج من انسحابات الفرق من دوري شباب الممتاز كالطليعة والنواعير والمجد لمباراة واحدة والحرفيين والجهاد لأكثر من ثلاث مباريات ولم يقم بأي ردة فعل تشرعن مسابقته وتحمي قدسيتها.

عقود ناقصة

العقود التي تبرمها الأندية مع المدربين أو اللاعبين تضبط حركة هؤلاء، وهي بمنزلة الكشف أو البطاقة الرياضية، وفيها التفاصيل المالية بقيمة العقد وكيف يناله اللاعب وكذلك موضوع الأجر الشهري ومدة العقد كتاريخ أو موسم، لكن أغلب العقود تفتقد التفاصيل وقد تكون أهم من العقد بذاته.
التفاصيل تبدأ بموضوع العقوبات التي يتعرض لها اللاعب سواء كانت عقوبات مالية أم بطاقات ملونة، وأيضاً تدخل في التزام اللاعب بالتمرين وجديته بالتمرين والمباريات، وكذلك في تفاصيل حياة اللاعبين خارج النادي، وعلى سبيل المثال نجد الكثير من اللاعبين يدخنون السيجارة أو النرجيلة ويسهرون بلعب الشدة وللأسف قد نجد معهم بعض الإداريين والمدربين في هذه السهرات، وبعضهم يلعب بدوري الأحياء الشعبية وفي ملاعب السداسيات، كل ذلك يؤثر في جاهزية اللاعب والمفترض أن يواجه بالعقوبات القصوى من النادي، لكن لا بنود في العقد تخول النادي اتخاذ مثل هذه العقوبات، لذلك نجد أن العقود مجحفة بحق الأندية لأنها تنازلت عن حقها الشرعي في ذلك.
وهذه الضوابط الغائبة تقلل من قيمة الاحتراف ومن عطاء اللاعب وتسهم بتراجع الدوري لأدنى مستوى له، والمفترض أن تكون هناك لوائح عقابية في الأندية أسوة بالمحفزات والمكافآت الموجودة.

الدوري الممتاز

اتحاد كرة القدم أجاز الاحتراف في الدوري الممتاز لكن العديد من الأندية غير قادرة على الدخول بالاحتراف ولو من الشق المالي على أقل تقدير، لذلك وجدنا أن الدوري يتوزع على طابقين فقير وغني، وهو ما انتهت إليه المباريات بشكل صريح وكذلك جدول الترتيب.
الأندية القادرة على الدخول بالاحتراف تلك التي تملك منشآت واستثمارات أو داعمين قادرين على دعم مسيرة الاحتراف في الأندية، اتحاد كرة القدم يجب أن ينظر لموضوع الاحتراف بعين الجدية، فليس من الضروري أن ينطلق الدوري الممتاز بالعدد المفترض، فالأندية غير القادرة على تطبيق الاحتراف ولو بشقه المالي على الأقل يجب ألا تدخل الدوري الممتاز، ويجب على اتحاد كرة القدم أن يجبر الأندية على وضع مبلغ مالي معين في البنك كضمان للمشاركة حتى يضمن الدوري السليم من دون أي عقبات أو ينتظر من يدفع لهذه الأندية ديونها التراكمية، وأنا مع اتحاد كرة القدم بتخفيض عدد أندية الممتاز ضماناً لارتقاء الدوري ودفعاً لمنافسة أفضل.
اتحاد كرة القدم غير مخول بالدفع للأندية لتغطية المشاركة بالدوري، لكنه مجبر على تقديم الحوافز المالية للفائزين بالبطولات، وسبق لاتحاد أحمد الجبان أن وزع مكافآت على الأندية حسب ترتيبها بالدوري وهو بذلك منع البيع والشراء لأن الفرق كانت تجتهد للوصول لأعلى مركز ممكن لتتمكن من الحصول على أعلى مبلغ ممكن.
بالمحصلة العامة الاحتراف في كرتنا بحاجة إلى دراسة متأنية وهادئة وإذا كان من الصعب إنجاز هذا الأمر هذا الموسم فلابد من تحقيقه بدءاً من الموسم القادم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن