ثقافة وفن

وقع ثلاثة كتب في معرض الكتاب … سامي كليب: الأسد رجل صلب وقوي الأعصاب ويعطي الأولوية للداخل على الخارج

| وائل العدس – تصوير طارق السعدوني

في خامس أيام معرض دمشق الدولي، وقع الكاتب اللبناني الدكتور سامي كليب ثلاثة من كتبه في مكتبة الأسد بدمشق وهي «الرحالة.. هكذا رأيت العالم» و«خطاب الأسد من الإصلاح إلى الحرب.. أسرار وتحليل ووثائق» و«الأسد بين الرحيل والتدمير الممنهج.. الحرب السورية بالوثائق السرية».
وفي تصريحه للصحفيين عبّر كليب عن سعادته للمشاركة في المعرض بثلاثة كتب، مؤكداً أن هذه المشاركة تأتي كلفتة حيال الذين قدموا تضحيات في هذا البلد، والذين استشهدوا كي يبقى واقفاً على قدميه، وقد نوّه كليب في معرض حديثه أن ريع هذه الكتب جميعها سيعود لمصلحة أبناء الشهداء في سورية.

وفي جوابه عن الفائدة المرجوة اليوم من المقارنة بين خطابي الرئيس حافظ الأسد، والرئيس بشار الأسد، بيّن كليب أن الرئيس بشار الأسد استمر في خطابه على الدرب الذي رسمه الرئيس حافظ الأسد بالمحافظة على نهج الثوابت الوطنية الكبرى المتعلقة بفلسطين، والعروبة، ومبدأ المقاومة، وكرامة الدول.
وأردف: إن الدولة السورية اليوم تعيش فترة انتصاراتها المتعاقبة، واستعادتها لكبرى مدنها، إلى جانب الجزء الأكبر من المنطقة الجنوبية، هذا الانتصار تم نتيجة نضالات شعبها، وتضحيات جيشها، ومساعدة حلفائها، مضيفاً: إن إشراف سورية اليوم على المرحلة النهائية من الحرب، لا يعني انتهاء الحرب ببساطة، فربع الساعة الأخيرة في الحروب قد تكون أشرس، وأصعب، وأقوى. ولكن في المحصلة فإن سورية قد صمدت، وخرجت من حرب إرهابية شرسة شُنت عليها ولم يعتقد أحد أنها ستخرج منها في ثماني سنوات فقط.

محور المقاومة

سبق توقيع الكتب محاضرة بعنوان «دور الرئيس الأسد في تأسيس وصمود محور المقاومة» تطرق كليب خلالها لملامح من السياسة السورية المعاصرة منذ عام 2000 إلى وقتنا الراهن.
وحضرها معاون وزير الثقافة توفيق الإمام، وسفير سورية في لبنان علي عبد الكريم، والقائم بأعمال السفارة المصرية في دمشق محمد ثروت سليم، ومديرة هيئة مدارس أبناء الشهداء شهيرة فلوح، وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي، وأعضاء مجلس الشعب، إلى جانب حشد كبير من المهتمين بالشأن الثقافي، والإعلاميين، وتم تكريم الكاتب اللبناني في نهاية المحاضرة من وزارة الثقافة ومكتبة الأسد.
واستعرض كليب أهم المحطات والمراحل التي مرت بها سورية في السنوات الـ18 الماضية وصمودها بوجه تهديدات أميركا وإفشالها لمخططاتها، ودورها الرئيسي في بناء محور المقاومة ولاسيما بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003.
وحلل خطابات الرئيس الأسد ولاسيما التي تناول فيها الثوابت الوطنية والقومية الكبرى المتعلقة بفلسطين والعروبة ومبدأ المقاومة وكرامة الدول التي أكد عليها أيضاً خلال محاضر الجلسات الداخلية مع مبعوثي الدول الكبرى.
وبين كليب أنه رغم 8 سنوات من الحرب الإرهابية على سورية فإن القيادة في هذا البلد بقيت على ثوابتها بوجه كل الضغوطات الهائلة التي شاركت فيها معظم دول العالم من خلال الإعلام والسلاح والإرهاب محافظة على خطاب سياسي قائم على الفكر المقاوم والدفاع عن فلسطين والعروبة وكرامة الدول.
وعرج إلى الأبحاث والدراسات التي أعدتها المراكز الإستراتيجية في كيان الاحتلال الإسرائيلي وتضمنت مشاريعها في المنطقة واستهدافها لسورية لكونها لاعباً محورياً في الوقوف بوجه المخططات الصهيونية، لافتاً إلى الموقف الموحد لدول محور المقاومة بوجه التهديدات المشتركة من أميركا وكيان الاحتلال والتصدي للمشروع التقسيمي المعد للمنطقة بغطاء إرهابي.

خطابات الأسد

في تحليله لخطابات الرئيس الأسد عبر البراغماتية توصل كليب إلى أن الخطابات كانت ثمرة أفكاره كقائد حقيقي للسياسة السورية ولعلاقتها مع الحلفاء، كما أن شخصية الأسد من خلال محاضر الجلسات واللقاءات والقراءة الدقيقة لخطاباته وتحليلها تظهر أن الرجل صلب وعنيد وقوي الأعصاب ويعطي الأولوية للداخل على الخارج ولو غضب الخارج.
وأكد أن الثوابت الإيديولوجية والمقاومة لم تتغير في خطاب الأسد في مرحلة ما قبل الحرب إلى زمن الحرب، وبقيت إسرائيل العدو الأشرس الواجب التصدي له، وتعززت العلاقة بحزب اللـه وإيران وحضرت بقوة في الخطاب خلال سنوات الحرب واستمرت فلسطين أحد الثوابت.
وأشار إلى أن الأسد بقي على خطابه نفسه حيال القضية المركزية، تماماً كما تمسك بمبدأ عروبة سورية على الرغم أن إحصائيات وسائل التواصل الاجتماعي كانت تؤكد لنا دائماً أن ثمة تحولاً جذرياً يحدث في نظرة الرأي العام إلى فلسطين.
وقد يقول قائل «وفق كليب» إنه لولا انخراط روسيا وإيران وحزب اللـه في الحرب السورية لما صمد النظام، لكن الإنصاف يقتضي أن نقول إنه لولا شخص بشار الأسد وصلابته ويقينه بأن الحرب الكونية على بلاده ستنتهي بانكسار مشروع دولي على أرض سورية وانتصار سورية ومحور المقاومة، لربما انهار المحور كله. لذلك فإن محور المقاومة مثلث قوي الأضلاع لا يمكن لضلع أن يتخلى عن الآخر.
وأردفت كليب: لا شك أن الحرب على سورية ستكون أنموذجاً فريداً لحروب القرنين الماضي والحالي، حيث إن الخلاص منها يعتبر شيئاً من الأعجوبة التي ما كانت لتتحقق لولا قناعة القيادة السورية ومعها حلفاؤها بأن الهزيمة ليست قدراً مهما استشرس الأعداء.
وعبّر عن إيمانه بأن الجيش الذي قاتل ثماني سنوات صار أكثر خبرة، والمقاومة صارت أكثر بأساً.

النهوض الاقتصادي

وتحدث عن النهوض الاقتصادي الذي شهدته سورية وتحدثت عنه صحيفة «اللوموند» الفرنسية عام 2010، التي نشرت أن الناتج القومي الخام قفز من 21.1 مليار يورو عام 2005 إلى 43.9 مليار يورو عام 2010، كما أدت خصخصة القطاع المصرفي إلى انتعاش القطاع الخاص، وتم فتح بورصة سورية عام 2009، وحققت السياحة 3.5 مليارات يورو في الأشهر الأولى من عام 2010 فقط، على حين وصلت تحويلات السوريين في الخارج إلى مليار يورو.

عام الرئاسة

وذكر كليب الظروف والأحداث المحيطة عند انتخاب الرئيس الأسد عام 2010، فقال: إن هذا الانتخاب جاء بعد 5 أشهر على انتخاب فلاديمير بوتين، وجاء قبل 5 أشهر على انتخاب جورج بوش والمحافظين الجدد، في وقت كان الإصلاحيون في إيران يحققون فوزاً كاسحاً في الانتخابات العامة بقيادة محمد خاتمي، وفي العراق تم الإعلان في حزيران أن العقوبات قضت على أكثر من مليون و350 ألف نسمة، معظمهم من الأطفال.
وقال: إن عدوان إسرائيل على رادار للجيش السوري في لبنان جاء بعد 10 أشهر على الرئاسة، كما أن العدوان الإسرائيلي انسحب من لبنان في العام نفسه.
أما الانتفاضة الثانية فجاءت في أيلول عام 2000، وبعدها بعام حدثت الاعتداءات الإرهابية على أميركا، ثم تلاها اجتياح العراق عام 2003.

سورية وإيران

وعرج كليب على العلاقات السورية الإيرانية قائلاً: إن الرئيس الأسد زار إيران منذ حرب 2006 حتى اندلاع الحرب على سورية عام 2011 أقله أربع مرات، وفي آخر زيارة في تشرين الأول 2010 أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني عن تعزيز جبهة المقاومة ضد إسرائيل وعن اتفاقيات لتحرير المبادلات الثنائية وإنشاء مصرف تجاري مشترك.
وكشف كليب أنه حين نصحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاي كلينتون الرئيس الأسد عام 2010 بالابتعاد عن إيران، رد عليها ساخراً: «إننا نلتقي اليوم لتوقيع اتفاقية ابتعاد بين سورية وإيران لكن بما أننا فهمنا الأمور خطأ، ربما بسبب الترجمة أو محدودية الفهم، وقعنا اتفاقية إلغاء التأشيرات، ولا نعرف أكان هذا يتوافق مع ذاك أم لا»؟
من جانبه قال نجاد: «مثل كلام أم العروس لكونه ليس في محله وليس هناك من مسافة تفصل بين سورية وإيران، ولم يطلب أحد من كلينتون أن تبدي وجهة نظرها، متمنياً أن «يغادرونا ويريحونا».

لقاء 2014

وكشف كليب خلاصات ما قاله له الرئيس الأسد خلال لقائه عام 2014، معدداً بعض النقاط المهمة والجوهرية.
حيث أخبره الرئيس الأسد أننا مهما فعلنا فإن الحرب قائمة وستزداد شراسة لأن الهدف هو المقاومة ودور سورية في هذا المحور، ولا أعرف متى ستنتهي الحرب لكننا سنربحها في نهاية المطاف، وسوف نستعيد كل شبر من الأراضي السورية، ولن ينجحوا في تغيير هوية سورية ولا انتمائها العربي المقاوم.
وأضاف الرئيس الأسد: نعم روسيا ستقاتل إلى جانبنا لأن مصلحة الرئيس بوتين أن تبقى سورية قوية وإلا فسوف تنتقل الحرب لعنده، مشيراً إلى أن حلفنا إستراتيجي مع إيران وحزب الله، هؤلاء شركاء الدم.

الحرب على سورية

وتحدث كليب عن بداية الحرب على سورية، وظهور مطالب من المعارضة ضد المقاومة وظهور لهجة طائفية.
وذكر أن السيد حسن نصر اللـه قال بعد تسعة أشهر على اندلاع الحرب: «ما أخفى الإنسان من شيء إلا وظهر على فلتات لسانه وصفحات وجهه، فما يسمى بالمجلس الوطني السوري الذي تشكل في اسطنبول.. هذا المجلس له رئيسه اسمه برهان غليون وهو أستاذ جامعي، منذ يومين أو ثلاثة يقول: إذا استطعنا أن نغير النظام واستلمنا السلطة في سورية، نريد أن نقطع علاقتنا مع إيران، ونريد أن نقطع علاقتنا مع حركات المقاومة في لبنان وفلسطين. وسمّى حزب اللـه وحماس، حسناً هذه أوراق اعتماد لمن؟ هذه ورقة اعتماد للأميركي والإسرائيلي.
وأضاف كليب عن السيد نصر الله: «يوجد أحد القياديين الذي يعتبر نفسه أنه ينتمي إلى تنظيم إسلامي في سورية، ظهر ليقول: إذا نجحنا في تغيير الوضع في سورية، فسوف نعبر الحدود اللبنانية ونذهب إلى لبنان لمقاتلة حزب اللـه ومعاقبته وتحجيمه. عظيم.. هذه أوراق اعتماد لمن؟ لأميركا وإسرائيل.
وفي هذا المجال أظهر الدكتور سامي كليب مختلف المواقف فيما يخص الحرب الكونية على سورية، وهو الذي قدم كتباً عديدة تتناول هذه الحرب، وقد جاءت محاضرته لتفصيل التداخلات السياسية الخارجية التي حاولت النيل من محور المقاومة من خلال هذه الحرب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن