ثقافة وفن

عفواً حروفي سامحيني … فريال خلف لـ«الوطن»: آمل أن أكون قد أوصلت فكرة عن كل يتيم ومهجر وأرملة

| سارة سلامة – ت: طارق السعدوني

حروفها تنبض بحياة أكثر جمالاً وأنصع بياضاً وأذكى رائحة.. ومن الحياة تستشف كلماتها فهي تعيش ضمن مفهومها الخاص ودفء عطائها، وهذا ما دفع حروفها اليوم إلى الاعتذار منا جميعاً ومن كل ما يعكر صفو حياتنا، وتعتذر للأم وللأرملة واليتيم وللقدس.. وتطمح دائماً بحياة أكثر سعادة للأوطان العربية على أمل أن يصل الشعب العربي إلى مبتغاه ويكون النصر حليفه، هذا أبرز ما ذكرته الكاتبة فريال خلف في مجموعتها الشعرية الجديدة بعنوان «عفواً حروفي» الصادرة عن دار سوريانا حيث وقعتها في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق وذلك ضمن فعاليات معرض الكتاب.

وقالت الكاتبة فريال خلف في تصريح خاص لـ«الوطن» إنني: «اخترت للمجموعة عنوان «عفواً حروفي»، لأنها تعتذر من الإنسانية جمعاء، وتعتذر من كل يتيم ومهجر وأرملة ومن العلاقات الإنسانية، ومن الأخ الذي طعن أخيه، ومن الأم التي نسيت أبناءها لذلك فإن حروفي اختارت الاعتذار من كل الناس على أمل أن أكون قد أوصلت فكرة صغيرة لهم، وضمت المجموعة الكثير من الموضوعات المختلفة وتطرقت إلى اليمن والعراق وفلسطين وسورية لأنني إنسان أحمل الكثير من الواقع والشفافية ومن هذه الواقعية استشف سطوري ودائماً ما أرغب من كل شخص عندما يقرأ شعري أن يقرأ شخصيتي في الوقت ذاته لأنني لا أكتب في الغموض، أما العنوان الآخر الذي أحضره اليوم فهو رواية وهي قيد الإنجاز».
واختارت الكاتبة الإهداء «لذات العينين الدامعتين.. لغصن الزيتون.. لمسرى الرسول.. لفلسطين أكتب.. لمن بعد موتي سأحيا بقلوبهم أولادي.. ليدٍ ضربت فأوجعت فنسجت حروفي.. لقارئ شده عزف حروفي… لكم جميعاً كتبت.

عفواً حروفي
هذه القصيدة التي اختارتها عنواناً للمجموعة وهي تلخص كل ما صبت إليه من اعتذار صريح لكل شخص فينا حيث تقول: «عفواً حروفي سامحيني.. أثقلتك بجمر مدمعي، فقط الحروف من يحق لها أن تعرف.. اغتيلت الكلمة وفقئت العيون.. آه حروفي كيف ستتحملين.. هول القضية.. ببلادي أخذوا هويتي.. ملعونة فاجرة قد كفرت بحريتي.. لا تسأليني وشاركيني وحدك المعنية.. جريمتي فاقت حدود البشرية.. لأنني عاشق للوطن قالوا كافرة.. لأنني حضنت وردي.. قالوا خائنة.. لأن أبي تزوج من دون تصريح.. قالوا طائفية.. عفواً حروفي سامحيني».

عويل
لم تنس الحكم العربي وتلك الخيبات الكثيرة التي افتعلوها وإهمالهم القضية العربية راكضين وراء ملذاتهم الشخصية فقالت: «ترنحوا تبختروا اسكروا.. اشربوا نخبكم من دموعنا.. ارفعوا كؤوسكم فقد انتصرتم.. ضيعتم الأوطان وقتلتم.. ترنحوا تبختروا ثمالى.. يا عظماءنا.. يا أسيادنا.. يا من وكلكم اللـه علينا ماذا بعد؟ ضيعتم البلاد وتاهت العباد.. تحت خلاخيل العاهرات صرفتم الدولارات.. بئساً لكم.. سورية قيدتموها.. العراق قطعتموها.. اليمن أشعلتموها.. وليبيا ذبحتموها.. فيا قدسنا لا تستجدي.. يا مدينة الأنبياء.. صلبوا إنجيلك.. ومزقوا قرآنك».

هواجس اليتيم
إنه لشيء محزن أن يطول الدمع عيني طفل حرم من أغلى ما يملك وهي تشعر بمأساته وتحاول عابثةً إقناعه بأن أولئك أهل وأم وأب ولكن من دون فائدة لأن هناك الكثير من الأمور التي تجعله لا يصدق ذلك: «يخال إليّ أنني زرعت في الأرض.. غيمة حمقاء أثقلها حملي فأمطرت.. يقولون لكل طفلٍ أب وأم أنجبت.. من المسؤول عن وجودي هذا ما سألت.. هواجس تطاردني ما حييت، سألت الجميع ترى بأي مكان كنت.. غرسة أنا في العزاء نبت.. أم في رحم امرأة كبرت وترعرعت.. كبرت بأحشائها وبي شعرت.. انتظرتني وسعدت حيث قدمت.. مثل كل النساء أتاها المخاض وتعبت.. لا والله فلا أظن أنها توجعت.. لو أنها قالت آها لكانت عليّ حافظت.. لو أنها تألمت لما كانت بي فرطت».

ثمن الاغتراب
لا ثمن يدفعه الإنسان أكثر من ثمن الاغتراب والغياب عن الأم وعيونها حيث يبقى بعيداً يستلقي دمعها: «هاجر بعيداً عن الأهل والخلان.. حمل الحقيبة ولوح للجيران.. ذرفت الأم عليه الدمع المدرار.. عانق الأحباب بلوعة ومرار.. ذهب ليجمع المال ويشتري دكاناً.. غاب طويلاً أخذه الذهب الرنان.. تغيرت أحلامه وأصبح «بزنس مان».. ضاع العمر وهجم الشيب بالمفرقين.. ما زال يكابر.. ويحك أفق الغربة تقتل الأمان.. أرجوك اصح قبل فوات الأوان.. عد فأمك ضاق صدرها بالأحزان.. البارحة جلست بصحن الدار.. حملت النجوم كل الآهات.. حتى الصباح أشفق عليها وناح».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن