ثقافة وفن

أرى واجبي المقدس في الدفاع عن وطني وهذا مكنون وجودي … العميد الركن عدنه خير بك تفتح قلبها لـــ«الوطن»: للمرأة السورية في التاريخ صور مشرفة وما زالت تسطر الملاحم

| حوار محمود الصالح

انخرطت في صفوف القوات المسلحة منذ نعومة أظفارها، مقتدية بالرجال من أبناء سورية، ديدنها في ذلك أن الميدان العسكري ليس حكراً على الرجال، نالت وسام القدوة المثلى في التدريب أكثر من مرة، وتفوقت على أترابها من الشباب والشابات في الكلية الحربية، حققت مراكز متقدمة في التدريب ونجاحات كبيرة في كل المنافسات الرياضية أو الثقافية وحصلت على المراكز الأولى في دوراتها العسكرية المختلفة، هي بطلة الرماية وفارسة، في بيتها تشهد لها شهادات ولديها الطبيب والمهندس بأنها كانت أما ناجحة رغم سوء الحالة المادية وصعوبات الحياة، عرفتها منابر الثقافة فارسة للكلمة.
إنها العميد الركن والشاعرة عدنه خير بك التي فتحت قلبها لــ«الوطن» وكان هذا الحوار.

عدنه خير بك مقاتل في الجيش العربي السوري وأديبة وشاعرة وأم وناشطة اجتماعية أي من هذه الشخصيات تتمظهر فيك أكثر؟
صراحة لا أستطيع الفصل فهذه كلها عدنه لكن عندما وقعت هذه الحرب الكونية على وطني رأيت نفسي مقاتلاً مدافعاً عن وطني هو واجبي الأقدس.. لكن لم أهمل دور الكلمة وأثرها ويسعدني جداً أن أكون إلى جانب وبين أهلي في الفعاليات والأنشطة والأعمال التي تزيل عن كاهلنا أثر الدمار وكأم أفخر بأنني قدمت لبلدي شابين يساهمان في حماية وبناء الوطن دكتور مهندس وطبيب في مشافي القوات المسلحة وأنا أم للجنود الأبطال يعني أنا مقاتل وشاعرة وأم… أنا كل سورية لأنني أشعر أن وطني يسكنني وكل مواطن سوري هو من أهلي، فانتمائي واعتزازي بانتمائي هو غالب وواضح ومقروء في شخصية عدنه وكل من يتعامل معي يراه في اللحظة الأولى.

استطاعت المرأة السورية أن تشكل حالة متميزة في القوات المسلحة. ما الذي ساعدها على تحقيق ذلك؟
لتشكيل أي حالة متميزة لا بد من عوامل موضوعية وعوامل ذاتية. الموضوعية هي الأنظمة والقانون السوري وقانون الخدمة وقيادتنا العسكرية المتمثلة بالقائد العام للجيش والقوات المسلحة السيد الرئيس الفريق بشار الأسد الذي لم يميز بين أنثى وذكر في الخدمة وأعطانا حقوقنا كافة أيضاً مهماتنا. أما العوامل الذاتية فهي الإرادة والتصميم على بناء أنفسنا وحسب القول المأثور: من جد وجد هنا أؤكد إصرار المرأة المقاتلة على بناء ذاتها تدريباً وعلماً عسكرياً أي إتقان السلاح والعتاد الذي بين يديها، إضافة إلى إتقانها لفنون القيادة والتحلي بأسمى الأخلاق.

عدنه خير بك شاعرة مرهفة الإحساس وأم ناجحة بامتياز كيف توائم مع عملها العسكري؟
أوائم شعري وأمومتي وعملي بأنني أفصل بينها قدر الإمكان أن تكون المرأة أماً وشاعرة هذا شيء جميل تترجم بتربية مثالية وخلق رفيع وأن أمتلك الكلمة تنعكس على عملي وأنا أؤمن بالتربية الأخلاقية والجمالية والوطنية وهنا تمتلك مهارة في التواصل مع مرؤوسيك ورؤسائك ومن ثم تنجز مهامك بإيداع وحرفية أكثر وتحتاج هنا إلى مهارة في إدارة الذات وإدارة الوقت وإدارة المورد البشري (المرؤوس) وأن تؤمن بمن هم منضوون تحت إمرتك أي أن تبني جسور ثقة معهم أساسها الانتماء للوطن والثقة بالشعب والقائد.

ما الميزات بين المقاتل الرجل والمرأة المقاتلة؟
إن كنت تقصد الفرق فالمرأة عندما تكون في ساحات القتال تضيف قيمة للرجل للدفاع عنها وحمايتها هذه في تربيتنا كشرقيين غيورين نربط الأرض بالعرض دوماً والشرف وهنا كثير من القصص البطولية في أرض المعركة أما إن كان القصد المرأة ودورها.. فالأم هي الأرض والوطن ومن ثم تدافع بثبات واستماتة عن وطنها أيضاً سطرت النساء ملاحم سيحكي عنها الكون ومن خلال قراءاتي لم أعرف في تاريخ حروبنا مع الاحتلال العثماني والفرنسي وصولا إلى العدو الصهيوني لم أقرأ عن نساء خانوا الوطن بعمالة أو جاسوسية ومن خلال قراءاتي للتاريخ العسكري أيضاً تأكدت من ذلك ومن ثم زاد اعتزازي بأنني امرأة سورية.

أنت محملة بعبء اجتماعي كبير فنراك في كل تعزية للمقاتلين وتدافعين عن حقوق الجرحى والعناصر. ألا يستنزف ذلك من وقت وحياتك الشخصية؟
هنا محبتي لتراب وطني ولقائدي واعتزازي بانتمائي هي من تجيب: كل ذرة تراب عندي من وطني هي مقدسة عندي وكل سوري هو أخي وابني وأبي وكل أسرة سورية لها في قلبي محبة أهلي فمن ضحى بنفسه وارتقى شهيداً أو صار جريحاً بيننا أحس أن جلّ ما نقدمه لا يساوي قطرة من دمه هو يستنزفني لكن يرضيني أنني كنت بينهم ومساعدتهم وللأمانة أشعر باحترام لذاتي بينهم ومعهم ولأجلهم.
وللتاريخ أؤكد أنني ما زرت أسرة شهيد أو جريح إلا وشعرت بأنني منهم استمد القوة والثقة بأن سورية ستنتصر لأن أهلنا اتخذوا قرار النصر من اللحظة الأولى للحرب لذا هنا أطلب من كل مسؤولي بلدي أن يتخذوا سيد الوطن وزوجته قدوة لهم في التعامل مع أهلنا أسر الشهداء ومع الجرحى بكثير من الاهتمام والإجلال.

لك رؤية واضحة في أسباب الأزمة السورية ودور المرأة فيها. هل نتعرف عليها؟
هي ليست أزمة هي مؤامرة كونية وحرب كونية على بلادي طبعاً السبب في ذلك كله هو حماية هذا المرض الخبيث الجاثم على صدورنا وفي قبلتنا الأولى فلسطين هذا الكيان الصهيوني يحاولون إطالة عمره بدمارنا لقد وظفوا إعلامهم وأموالهم ومرتزقة الدنيا واشتروا ضمائر الخونة لقتل البشر والشجر وهدم حضارتنا وتزوير تاريخنا.
لكن من موقعي أقول إن للمرأة السورية وأخص المقاتلة دوراً في الدفاع عن البلاد وقيادة مرؤوسيها حتى تحقيق النصر إضافة إلى دورها في مؤسسات المجتمع الأهلي في إزالة آثار الحرب وإعادة بناء البلد والمواطن من الطفل إلى الكهل.
ما الوسائل التي تعتقدين أننا يجب أن نتبعها لتجاوز مفرزات هذه الحرب القذرة؟
بعد انتصارنا العسكري علينا جميعاً مهمات صعبة أولها إعادة بناء الإنسان من الخلية الأولى في المجتمع (الأم) الأسرة أولاً وهنا يجب انتقاء نساء مؤهلات يبنين جيلاً» من نساء مؤمنات بالوطن وبأعداد كبيرة ثم الاهتمام بالإعلام الوطني كي يكون خلاقاً ويجبرنا بفاعليته ألا نتجه إلى إعلام الآخر وتعزيز دور الشبيبة والمنظمات الشعبية لا أن تكون شكلية والتأكيد دوماً في برامجنا على الولاء والولاء للوطن وإلغاء مادة التربية الدينية من المدارس وإسناد هذه المهمة إلى وزارة الأوقاف واستبدالها بتربية وطنية وأخلاقية للأم بإعداد كوادر تكون مربية وليست فقط تعطي المادة التعليمية بل يجب أن يكون دورها بتنشئة الأجيال على الوطنية والفاعلية…. تأكيد الدور الخلاق للإعلام وتشجيع المواطنين على القراءة وبخاصة الأمهات والمعلمات اللواتي ينشئن الجيل الجديد المؤمن بوطنه.

العمل العسكري إلى أي مدى يتناسب مع وضع المرأة والبيت والأسرة؟
أي عمل يتناسب أولاً يتناسب مع وضع المرأة في البيت كربة منزل وأم بمقدار استطاعة المرأة إدارة ذاتها وقناعتها بنفسها وعملها. أي علاقة تتناسب طرداً مع مستوى معرفة المرأة. مع التأكيد خصوصية العمل العسكري وصعوبته وصعوبة هذه المرحلة من الحرب لكن أرى عندما تتوافر الإرادة والتصميم هي تحقيق النجاح وبمقدار محبة العمل الذي نقوم به يكون النجاح نتيجة حتمية وهذا نسميه الذكاء العاطفي (الوجداني).

هل يمكن أن يتغير نوع الأدب أو الشعر وطبيعة موضوعاته باختلاف مهنة وعمل الشاعر؟
لا أبداً تتغير المهنة لكن لا يتغير الإنسان الشاعر، فيبقى يرى الجمال ويشعر بالحب ويشعر بالمعاناة وينظر إلى كل المفاهيم بعين الشاعر نفسه فأنا أكتب عن الحب وحب الوطن والحرب والطبيعة والطفل والوجع وكل الحياة.
أكتب عن الجيش الذي أعتز بانتمائي له عن مهمتنا المقدسة في الدفاع عن الوطن.. عن الشهيد عن الجريح عن الأم والزهرة فعين الشاعر ترى برهافة أكثر وتكتب عن كل شيء.

ما الرسالة التي تقدمها الشاعرة عدنه خير بك للجيل الجديد من النساء اللواتي يرغبن في السير على خطاك.
الرسالة التي أقدمها لمن تريد أن تنال شرف الانتساب إلى هذه المؤسسة الوطنية أن يكنّ قدوة في كل شيء في الشكل والمضمون أن يصادقن الكتاب ويرتدن المسرح والنوادي في خارج أوقات العمل. أي يبنين أنفسهن وعقولهن والأهم طبعاً إتقان العمل العسكري كونه الأساس في حياتها العملية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن