عربي ودولي

طالبهم بوقف اعتمادهم على أميركا في ضمان أمنهم … ماكرون: الأوربيون بحاجة إلى شراكة إستراتيجية مع روسيا

في موقف فرنسي جديد يعكس مدى التباعد في التحالفات نتيجة سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المعادية حتى لحلفائه، حث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس الاتحاد الأوروبي على تجنب الاعتماد على الولايات المتحدة في قضايا أمن أوروبا، وأشار إلى أهمية التعاون مع روسيا في ضمان أمن القارة العجوز.
وشدد ماكرون، في خطابه السنوي الذي أدلى به أمام السفراء والدبلوماسيين الفرنسيين في قصر الإليزيه، ضرورة أن يتحمل الأوروبيون أنفسهم المسؤولية عن ضمان أمنهم وسيادتهم، مشيراً إلى أنه سيعرض خلال الشهر المقبل حزمة مقترحات لتعزيز أمن الاتحاد الأوروبي. وذكر أن الوقت حان لطرح مبادرات جديدة وبناء تحالفات جديدة، قائلاً إن فرنسا تريد أوروبا قادرة على الدفاع عن نفسها، حتى في وقت بات فيه التطرف أقوى وعادت القومية إلى الواجهة.
وأعرب الرئيس الفرنسي عن رغبته في إطلاق مراجعة شاملة لهيكلية الأمن الأوروبي بمشاركة جميع الشركاء الأوروبيين وبإشراك روسيا خاصة، لاسيما في مجالات الأمن الإلكتروني والأسلحة الكيميائية والتقليدية والنزاعات وأمن الفضاء وحماية منطقة القطب الشمالي. كما حمّل الرئيس الفرنسي الولايات المتحدة المسؤولية عن أزمة العلاقات الدولية في العالم، مندداً بشكوك واشنطن حول مستقبل حلف الناتو وبسياساتها التجارية العدائية، فضلاً عن انسحاب أميركا من اتفاق باريس للمناخ.
وقال: «يبدو أن الشريك الذي سبق أن حارب جنباً إلى جنب مع أوروبا من أجل مبدأ التعددية المتكافئة قرر أن يدير ظهره لتاريخنا المشترك». كما أكد ماكرون ضرورة إقامة شراكة إستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي وروسيا وتركيا، موضحاً أن القارة العجوز تحتاج من أجل التطور لاحقاً وضمان أمنها إلى مراجعة علاقاتها مع موسكو وأنقرة، بعيداً عن الانحياز.
في الوقت نفسه، أشار الرئيس الفرنسي إلى أن علاقات الشراكة الإستراتيجية هذه لا تعني انضمام أنقرة إلى الاتحاد، مضيفاً إنه لا يمكن استئناف المفاوضات بهذا الشأن في وقت يتخذ فيه رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان إجراءات تخالف المبادئ الأوروبية.
هذا وتحسنت معنويات الشركات الألمانية للمرة الأولى هذا العام في آب، حيث جعلت الهدنة التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة المسؤولين التنفيذيين للشركات أقل قلقاً بشأن حرب تجارية على جانبي الأطلسي.
في سياق متصل كشفت وكالة «بلومبرغ» الاقتصادية عن مساعي باريس وبرلين، لإنشاء قنوات دفع مستقلة عن منظومة الدفع الأميركية، بهدف الالتفاف على العقوبات المفروضة على إيران.
وذكرت «بلومبرغ» أن فرنسا وألمانيا تعملان على إيجاد حلول مالية وإنشاء قنوات دفع ستستخدم مع الدول التي تقع تحت وطأة العقوبات الأميركية، ومنها إيران بهدف تجاوزها.
وأشارت الوكالة إلى أن المملكة المتحدة تشارك أيضاً في محادثات إنشاء قنوات الدفع هذه، حيث تدرس الدول الثلاث إمكانية إشراك بنوكها المركزية في إنشاء منظومة دفع تكون بديلاً للمنظومة الأميركية.
وتعتبر هذه المحادثات بين فرنسا وألمانيا بمشاركة المملكة المتحدة مؤشراً على أن القوى الأوروبية تسعى لإظهار مستوى أعلى من الاستقلال عن الولايات المتحدة، لاسيما بعد أن أطلق ترامب، شعار «أميركا أولاً».
ونقلت «بلومبرغ» عن وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، قوله أمس، «أريد أن تكون أوروبا قارة ذات سيادة، وليست تابعة لأحد، وهذا يعني أن تكون مستقلة تماماً، ونحن مع ألمانيا مصممون على إنشاء أداة مالية أوروبية أو فرنسية ألمانية مستقلة تسمح لنا بتجنب أن نكون الضحايا الإضافيين للولايات المتحدة». وقبل ذلك دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى إنشاء نظام مالي جديد مستقل عن الولايات المتحدة للحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران، وقال، الأسبوع الماضي، إنه «لا غنى عن ضرورة تعزيز الحكم الذاتي الأوروبي من خلال إنشاء قنوات الدفع المستقلة عن الولايات المتحدة في صندوق النقد الأوروبي ونظام SWIFT».
من جهة أخرى عبّر الرئيس الفرنسي عن أمله بأن يتوصل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى اتفاق بشأن بريكسيت بحلول العام الجاري، مؤكداً أن وحدة الاتحاد لا تزال أولوية بالنسبة له.
وقال ماكرون: «تريد فرنسا الحفاظ على العلاقات القوية والخاصة مع لندن، لكن ليس على حساب وحدة الاتحاد الأوروبي».
وأضاف: «إن بريكسيت اختيار مستقل، ويجب علينا أن نحترمه، ولكنه لا يمكن أن يتم على حساب وحدة الاتحاد الأوروبي».

وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن