ثقافة وفن

جواز سفر

| إسماعيل مروة

هل ننظر إلى أرضنا على أنها المكان الأقل كلفة لحياة نريدها؟
هل نتخيل أن حالة الحب التي يعيشها أحدنا هي حالة مؤقتة للوصول إلى حالة أخرى؟
هل ننظر إلى صداقتنا أو صداقاتنا على أنها حملة علاقات عامة نجني منها ما نريد؟
هل وهل؟
ويبقى جواز السفر للمرور من مرحلة إلى أخرى حاضراً في الذهن!
أصعب ما في الأمر أن تتماهى مع الوطن أو مع من تحب، أو مع صديق، وإن تهيأ لك أو له أنه يبذل أضعاف ما تبذل من أجلك، أو رأيت أنك تتفانى من أجله بصورة كبرى، والصعوبة تكمن في أن كلاً منهما يظن نفسه المتفضل.. فالوطن الذي يمنح حليبه للعابرين يتركك على الهامش جائعاً محتاجاً إلى عاطفة وحقوق! أرايت الوطن الذي يسلبك حقوقك وفضائلك وجهودك بأقلام غريبة مشوهة لا علاقة لها به أو بك؟! هل أقسى من أن تقف في طابور طويل منتظراً أن تطبع قبلة على جبين الوطن الذي استخرجك من رحمه، ولكن الذين لا علاقة لهم يحكمون على نيتك وشفتيك، وعلاقتك التي يرونها مشبوهة بهذا الوطن الجميل؟!
ومن تماهيت به وتماهى بك، فاختلطت الروحان، وتعانقت المسام كلها، وتجد ذات لحظة أنه صار خارج إطارك، وأنك صرت خارج اللوحة بتمامها! فهل من المعقول أن يضحي غير الأحمق بلوحة من حياة غنية تفتديه وتهديه كنجم فريد في السماء لا نجم غيره ليتبع مجموعة من الكواكب القابلة للرصد والمعرفة بالعين المجردة أو الأدوات الحديثة؟!
هل يمكن لحياتنا أن تكون جواز سفر للعبور، وجواز سفر للعبور إلى اللاشيء؟ فكم من الوقت تبذل من أجل التوصل إلى التلافيف في الآخر الذي هو أنت؟ وتأتي لحظة لتسفح فيها عمرك على مدارج عهر غير آبه بما يجلبه ذلك من قسوة لوجه في المرآة، فتصبح خائناً لذاتك مرة أخرى، كما كنت خائناً لوطن وتراب!
ومن ظننت أن التلاقح الفكري بلغ مداه بينك وبينه، ووصلت إلى قناعة تامة بأنه صديق الأبد، ومن دون سابق إنذار يصبح بعيداً بفعل منك أو بفعل منه! فهل تستحق الرحلة القصيرة جداً أن يتحول الصديق إلى جواز للسفر للعبور إلى تطويب أو علاقات اجتماعية يحتاجها أحدنا من خلال صديقه، ولا يمكن أن تأتي من سواه!
يتشاكيان
يتبادلان الهموم
وفي ذهن كل واحد منهما تختبئ غاية يريد تحقيقها
يرجو كل منهما أن يحقق له الصديق ما يريد قبل فوات الأوان
وحين يتحقق ما يريد، يكسب شيئاً يظن عظيماً يتنصل من عهد، ولم يدر أنه خسر عمره الماضي، وخسر قادماً مهماً بين يديه ليلوب بحثاً عن مقامرة ومغامرة تعيده إلى ذاته ووضاعته، وأهم ما فيها أنها تعيده إلى حقيقته التي كاد يتخلص منها..!
جواز سفر
ليست حياتنا جواز سفر مهما حاولنا أن نغيّر في المفاهيم
جواز حب هي لتجعل حياتنا أجمل، ولتحوّل أيامنا إلى طهر لا مثيل له
تتحقق مصلحتنا في حياة أفضل
تتحقق أمانينا بلحظة وجدان مختلفة
نصل إلى التماهي مع الذات التي هي الآخر
مع وطن
مع حب
مع صديق
كن أنت.. ابق في دائرة العبق التي اخترتها، فمن يخن دائرته يملك القدرة على خيانة ذاته!
وماذا يتبقى؟
جواز سفر غير قابل للتجديد أو للتغيير..
لا يحمل شارة ولا جنسية غير إنسانية الإنسان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن