الأولى

أروقة العار

| نبيه البرجي

بغضب…
لعرب السياسات الميتة، الثقافات الميتة، الإستراتيجيات الميتة، الأزمنة الميتة، كفى تواطؤاً مع القناصل. بقايا «المسألة الشرقية» الذي لا يرون فيكم سوى محظيات البلاط. سواء كان بلاط هنري الثامن أم بلاط لويس السادس عشر.
لا يرون فيكم سوى سراويل رعاة البقر. قتلى رعاة البقر على أرصفة لاس فيغاس أم على أرصفة جهنم، حتى لو طاولت أنوفكم، أبراجكم، السحاب.
بغضب…
أولئك العرب، بإعلام تورا بورا، يتولون تسويق السيناريو البشع، المفبرك، الغبي، حول الأسلحة الكيميائية، كما لو أن أحداً لا يدري الصفقات التي عقدت، أخيراً، بالأصابع المحترقة، بالأصابع اليائسة، لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. مرة أخرى… مراقصة المستحيل.
نتوجه إلى فاليري جيسكار ديستان الذي قال لنا ذات يوم، وكان رئيس لجنة الدستور في الاتحاد الأوروبي، «لقد حوّلنا الضمير السياسي إلى مؤسسة».
نقول للرئيس الفرنسي السابق إنكم حولتم الضمير السياسي إلى ترسانة للأدمغة العفنة، ولأدبيات القرن التاسع عشر. نذكّره بما كتبه ريجيس دوبريه حول أولئك «الذين يلحقون الإهانة تلو الإهانة بفرنسا بسبب إستراتيجية اللهاث».
لا شيء هنا سوى قعقعة المصالح، ولتذهب كتابات بنيامين فرنكلين، واندريه مالرو وبرتراند راسل إلى الجحيم…
ألم يقل دوبريه نفسه إن ريتشارد فاغنر وضع سينفونية «غروب الآلهة» كما لو أنه ينعى القارة العجوز «العديد من ساستنا الذين لم يعودوا يصلحون حتى أحذية للآلهة»؟
مهزلة ذاك الذي يحدث في أروقة العار بين دول عربية ودول غربية ذهبت رهاناتها أدراج الرياح. سورية الدولة، سورية الدور ما زالت، وستبقى، سورية الدولة، وسورية الدور، التي لن تهزها سيناريوهات الأقبية، وسيناريوهات الكهوف.
عرّابهم الكبير هو الذي يتساقط، ولا بد أن يتساقطوا معه. غلاف مجلة «التايم» «ترامب يغرق». الأخوان كوخ الشهيران، وقد دعما الحزب الجمهوري بمئات ملايين الدولارات، يرفعون الصوت الآن «أخرجوا هذا المخبول من البيت الأبيض ولو… بعربة القمامة».
أخرجوا كل رجاله، كما الأفعى ذات الأجراس الفضيحة ذات الأجراس. انتبهوا، الفضيحة الكبرى حين يكشف النقاب عن الصفقات السرية، والهائلة، بين دونالد ترامب ومحمد بن سلمان ليس فقط حول فلسطين، وسورية، واليمن، وحتى لبنان، وإنما أيضاً حول دول تعتبر جزءاً من «الملكوت السعودي».
اللوبي اليهودي لم يكن الشاهد، بل الشريك، والمخطط، والدماغ الذي يتولى إدارة الخيوط. كل الخطط ارتطمت بالجدار، وإن كان عادل الجبير يفاخر بأنه هو من كان وراء «طرد» ريكس تيلرسون من وزارة الخارجية بعدما قال لأهل البلاط «عليكم أن تدركوا أنكم تتعاملون مع دولة عظمى لا مع رجل». كان يقصد مع… رجل أحمق.
الرجل الذي قد يحزم حقائبه في أي لحظة، الانتخابات النصفية في الخريف. أصحاب العروش مصابون بالهلع. باراك أوباما قال لهم «المشكلة فيكم وليست في أي مكان آخر».
في الوسط السياسي الخليجي أن إيفانكا، ابنة دونالد ترامب، زارت الرياض سراً، وطلبت وضع أسهم من شركة «آرامكو» على شاشات وول ستريت ما يدعم المرشحين الجمهوريين في انتخابات الكونغرس لأن انقلاب المعادلات في تلة الكابيتول «يدمرنا ويدمركم».
البلاط في مأزق. عادل الجبير يسعى، عبر موسكو، لإنقاذ ماء الوجه. من يقول لـ«الصبي الأميركي»، وهكذا كان يدعوه الملك عبد الله بن عبد العزيز ساخراً، إن من أهالوا الذهب على قدمي دونالد ترامب قد لا يجدون من يهيل عليهم التراب!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن