ثقافة وفن

بغياب نجومه.. إطلاق العرض الخاص لفيلم «بتوقيت الشام» … إبراهيم كيا: الفيلم موجه بالدرجة الأولى للشرق الأوسط … مراد شاهين: الفيلم سلس في سرده ويعالج موضوع الحرب

| وائل العدس

بغياب أبطاله الممثلين، أقيم مساء الخميس الماضي العرض الخاص للفيلم الإيراني «بتوقيت الشام» من تأليف وإخراج إبراهيم حاتمي كيا وإنتاج شركة «أوج»، مقدماً عبر ساعتين قصة إنسانية تختزل التضحيات التي يقدمها محور المقاومة في محاربة الإرهاب.
ومنحت المؤسسة العامة للسينما متمثلة بمديرها مراد شاهين درعاً تكريمياً للمخرج الإيراني قبل عرض الفيلم.
وشارك في بطولة الفيلم الممثلان الإيرانيان هادي حجازي وفروبابك حميديان، ومن سورية ليث المفتي وعلي سكر، ومن لبنان بيير داغر وندى أبو فرحات وخالد السيد وجوزيف سلامة.

أحداث دراماتيكية
ويروي الفيلم قصة طيار إيراني وابنه الذي يعمل مساعداً له يريدان الإقلاع بطائرة سورية من مدينة تدمر حاملة عدداً من الأطفال والنساء والجرحى قبل أن تتعرض للخطف من إرهابيي «داعش» الذين كانوا على متن الطائرة بهيئة أسرى.
وتشهد الرحلة أحداثاً دراماتيكية حيث يستشهد عدد من الركاب قبل أن تضطر الطائرة للهبوط ثم تقلع ثانية لتهبط مجدداً في تدمر الواقعة حينها تحت سيطرة إرهابيي «داعش» الذين سارعوا لخطف من تبقى على متن الطائرة وطلبوا من الطيار تحت تهديد السلاح التوجه بالطائرة نحو دمشق بالتزامن مع استعداد أحد عناصر التنظيم التكفيري وهي امرأة أوروبية تولت مهمة مساعد الطيار لتنفيذ اعتداء إرهابي بعملية انتحارية بالطائرة، قبل أن يتمكن الطيار الإيراني من إنقاذ الركاب عبر المظلات وفق سيناريو شائق اختتم بارتقائه شهيداً بعد أن فجر الطائرة مانعاً إتمام الاعتداء الإرهابي المزمع.

الجسور السينمائية
وفي كلمة ألقاها أمام الحضور، قال شاهين: إن هذه الخطوة تأتي بعد عدة خطوات من التنسيق والرغبة لدى كل من البلدين في الوصول إلى علاقات ثقافية متقدمة تضاهي بعمقها عمق العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتؤسس لجسور تواصلٍ راسخة ومتجذرة، رسوخ قدم وعمق الحضارة في كلا البلدين، تؤدي المرجو منها في زيادة التواصل بين الشعبين، وتشكل حالة نموذجية من حالات ثقافة المقاومة التي تلتقي وتلتف حولها كل الشعوب المقاومة، للهيمنة وللغطرسة بكل أشكالها وألوانها.
وأضاف: ما أجمل أن نبدأ مد هذه الجسور بالسينما، الفن الأكثر شعبيةً في العالم الذي لطالما التف العالم حول سحره وقدرته العظيمة في تمرير الرسائل والمقولات بشكل فني ممتعٍ ومشوق، نبدأ اليوم خطوة مهمة في هذا الإطار سيليها العديد من خطوات مقبلة للعمل المشترك الذي سيساهم في نشر الثقافة المتبادلة بين الشعبين وفي تدعيم سبل التواصل الدائم بينهما.
وأكد مدير المؤسسة العامة للسينما أن الفيلم سلس في طريقة سرده السينمائية، يعالج موضوع الحرب التي شنت على بلدنا لكونها حرباً كونية، لتأخذ بذلك طابعاً يتجاوز الحدود ويختصر المسافات لجهة قوة الإيمان وثبات العزيمة في التغلب.

المؤتمر الصحفي
قبل عرض الفيلم بيوم واحد، عُقد مؤتمر صحفي في صالة كندي دمشق، حيث أكد مراد شاهين أهمية التعاون السينمائي بين سورية وإيران، مضيفاً: إن المؤسسة قدمت جميع التسهيلات الممكنة لفريق الفيلم والجهة المنتجة للحصول على أفضل نتيجة.
وبين أن العرض الخاص للفيلم في سورية يأتي تتويجاً لمجموعة من اللقاءات والمباحثات حول تطوير العلاقات الثقافية والفنية بين سورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، فهناك علاقات سياسية واقتصادية ممتازة جداً بين الجانب السوري والإيراني، فالعلاقات الثقافية كانت قليلة بين البلدين بسبب الظروف، ولكن اليوم بدأنا بخطوة رئيسية سيتبعها مجموعة من الخطوات لتعزيز العمل الثقافي بين البلدين بهدف التقريب بين الشعبين من الجهة الاجتماعية والثقافية وحتى العقلانية.
وأكد أنه لا اختلافات كبيرة في العادات والتقاليد بين إيران وسورية فكلا البلدين خارج من بيئة قريبة جداً من بعضها فيما يخص الطابع الإسلامي بين البلدين، ونرى ذلك من خلال الأفلام الإيرانية التي عندما نشاهدها لا نشعر بالبعد الكبير والاختلاف، ونشعر بقرب جداً من بيئتنا، فهناك تقاربات كبيرة للعمل السينمائي وهناك فرصة للاستفادة من التجربة الإيرانية السينمائية التي وصلت اليوم إلى مكان جيد جداً على المستوى الدولي والعالمي ومن هناك نحاول أن نعمل على نوع من التقارب والأعمال المشتركة بين البلدين.
أما حاتمي كيا فأوجز بالحديث عن الفيلم وكيفية تشكيل الإطار العام له وتضمينه جزئيات من الواقع السوري خلال الحرب عليها، وقال: بعد أن سقطت مدينة تدمر بيد جماعة «داعش» كان مطار هذه المدينة المحاصر من الإرهابيين هو الملجاً الوحيد لعدد كبير من الجرحى ومن تبقى من المقاومين الذي علقوا آمالهم على مغادرة المدينة عبر رحلة اضطرارية قد انتدب لها طيار شاب خاطر بنفسه من أجل إنقاذ حياة الآخرين في مغامرة أدت به لمواجهة الإرهابيين والتعامل معهم بشكل مباشر عبر أحداث دراماتيكية مزجت بين المرارة والإثارة.
وذكر أنه اعتمد على فريق خاص لاختيار الممثلين القادرين على تجسيد أدوارهم بشكل صحيح وأنه حاول في فيلمه تضمينه رسائل إنسانية عديدة من خلال اللقطات القريبة، مؤكداً أن الفيلم لاقى نجاحاً كبيراً في الجمهورية الإسلامية الإيرانية حيث بلغ عدد مشاهديه مليوناً وثمانمئة ألف مشاهد.
وأشار إلى أن أفلامه لا تلقى دعماً في عرضها في بلدان الشرق الأوسط، فهو لم يعرض إلا في إيران وسورية، وعزا ذلك إلى أنه يصنع أفلاماً ليس حسب مواصفات المهرجانات العالمية التي تسيطر عليها الذهنية الأميركية.
وأكد أنه كان حاضراً في سورية منذ بداية الحرب وعند زيارته الأخيرة لسورية وما رآه من استقرار في معظم المناطق السورية جعله يتخذ قراراً بعكس هذه الحالة من خلال السينما عبر فيلم «بتوقيت الشام» لأن الحرب السورية ذات مفهوم معقد لبعض الأشخاص الذين أرسلوا لتحقيق معتقدات دينية لا تمت للدين بصلة، معبراً عن تعطشه لمعرفة آراء المشاهد السوري بعد عرض الفيلم.
وعن أماكن تصوير العمل بين إيران وسورية لفت حاتمي إلى أنه كان يرغب في أن يكون تصوير العمل كاملاً في سورية عوضاً عن مدينة الدفاع المقدس السينمائية بطهران وشيراز.
وكشف أنه يمتلك برصيده السينمائي 19 فيلماً وأنه ليس المخرج الإيراني الوحيد الذي قام بتصوير أفلام تعايش الواقع السوري، وهذا يشير إلى أن العلاقة السينمائية كانت موجودة منذ القدم بين البلدين.
وشدد على أن الفيلم موجه بالدرجة الأولى للشرق الأوسط وسيلاحظ المشاهد في أن الشخصية السلبية ليست جذرية، بل أتت من المناطق الغربية وعبثت بالمناطق الشرقية، مشيراً إلى أن السينما يجب أن تكون جذابة وذات مغزى كبير، قائلاً: إن هدفه من الفيلم ليس البحث عن المهرجانات بل عن أشياء أخرى، أولها المشاهد السوري الذي تمناه أن يكون سعيداً ومقتنعاً بما يراه.
في دير الزور

شهدت صالة الجاز بدير الزور عرض الفيلم نفسه، حيث أشار مدير الثقافة بدير الزور أحمد العلي إلى أن الفيلم يعبر عن النصر المؤزر على الإرهاب وداعميه، لافتاً إلى أن النصر الذي تحقق في الميدان لابد من استكماله بنصر على الصعيد الفكري والثقافي وهذا ما نسعى إليه جميعاً من خلال مثل هذه المبادرات والفعاليات.
بينما ذكر معاون مدير المركز الثقافي الإيراني بدير الزور عامر الحسين أن عرض الفيلم يأتي كفعالية ثقافية من ضمن الفعاليات التي يقيمها المركز لفضح جرائم الإرهاب في سورية والدور الذي أداه محور المقاومة في القضاء على الإرهاب.

عتب وتوضيح
أعرب الفنان السوري علي سكر عن استغرابه من عدم دعوته إلى عرض الفيلم أو المؤتمر الصحفي الذي سبقه، في وقت أبدى مراد شاهين استغرابه أيضاً مؤكداً أن الشركة المنتجة هي من تكفلت بالدعوات، وأنه لا علاقة لمؤسسة السينما بذلك.

ترشيحات وجوائز
ترشح الفيلم لثماني جوائز في مهرجان فجر السينمائي الدولي، من ضمنها جائزة أفضل فيلم وأفضل مظاهر بصرية وأفضل إخراج، وفاز منها بثلاثة جوائز لأفضل إخراج لإبراهيم حاتمي كيا، وكذلك جائزة أفضل تركيب للأصوات لعلي رضا علويان وأفضل موسيقا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن