ثقافة وفن

جائزة الدولة التقديرية في دورة 2018 … د. محمود السيد للنقد ونزيه أبو عفش للأدب وأسماء الفيومي للفنون

| سوسن صيداوي- سارة سلامة

أعلنت الأسبوع الماضي جوائز الدولة التقديرية للعام 2018 بفروعها الثلاثة، وحاز الأستاذ الدكتور محمود السيد عضو مجمع اللغة العربية ومدير عام هيئة الموسوعة العربية التربوي المرموق على جائزة النقد، بينما اتجهت جائزة الأدب إلى الشاعر السوري المتميز نزيه أبو عفش صاحب التجربة الشعرية الخاصة، إضافة إلى إسهامه في الفن التشكيلي واللوحة والذي يشكل إضافة إبداعية.. أما جائزة الفنون فقد كانت من نصيب الفنانة التشكيلية أسماء الفيومي التي عرفت بلوحتها ودورها في الدراما التلفزيونية.. و«الوطن» تسلط الضوء على الفائزين بهذه الدورة من جائزة الدولة التقديرية مع الأمل بأن تكون هذه الجائزة بحجم اسمها والفائزين بها وسيتم توزيع الجوائز في حفل رسمي يعلن عنه لاحقاً.

محمود السيد
التربوي واللغوي وعاشق العربية

اللغة العربية في مواجهة العصر. هي همّ وقضايا تؤرق وتشغل بال أهم المفكرين والأدباء الفاعلين والمؤثرين في الكلمة والبحث، من بين الأسماء الجادة والفاعلة في هذا المجال ينفرد المكان واسعا للدكتور محمود السيد، الذي تناول في مؤلفاته حال اللغة العربية وما يعترضها من مشاكل لا تدركها الجهات المعنية أو حتى الأجيال الناطقة بلسان الضاد. هذا وكان د. السيد يتوقف دائماً عند معنى اللغة الأم، ولغة الأم، ويبيّن بأن الثانية هي العامية، أما الأولى في اللغة الموحدة على نطاق الأمة، متحدثا عن أبعاد لغتنا العربية الأم، لكونها ذات بعد قومي يجمع بين أبناء الأمة، وبعدها الآخر الديني، فضلاً عن أنها ذات بعد مجتمعي وتربوي، باعتبار أن من يدرس بلغته الأم يتمثل المعارف ويستوعبها‏، هذا عدا كون لغتنا هي حصننا الثقافي- ويرددها دائماً- الثقافة هي الحصن الأخير للأمة، ومحورها اللغة بمفهومها المنظومي الشمولي المتكامل.
‏‏
قضايا في مؤلفات

لم يبخل د. السيد في منتجه الفكري فله ما يزيد على خمسين مؤلفاً، جميعها معنية بالشأن اللغوي، وعلى سبيل المثال ومن بين الكتب التي قام د. محمود بنشرها كتاب «الأداء اللغوي» الذي يتناول قضايا لغتنا العربية من حيث تعليمها وتعلّمها، وهو نتاج عطاء امتدّ على مدى يزيد على ثلاثين عاماً في ميدان تعليم اللغة العربية وتعلُمها، كاشفاً د. السيد عن العوامل المؤدية إلى الضعف في المستوى اللغوي من جهة، وراسماً السبل المؤدية إلى الارتقاء بالواقع اللغوي من جهة أخرى.
وأيضاً نتوقف على سبيل الذكر عند كتاب «النهوض باللغة العربية والتمكين لها» الصادر عن مجمع اللغة العربية. والذي تنتشر خلاله حروف الكاتب د. محمود السيد النابضة بعشق لغتنا التي هي بطبيعة الحال هويتنا ورمز انتمائنا. كما يتوقف عند العديد من المسائل المتعلقة باستخدام اللغة العربية على أرض الواقع، ومحاولات طمسها ودحضها، مع إيضاح حقيقة استخدامها وتطبيقها من خلال إشكاليات متعددة مازالت شائعة كاستخدام العامية في الفضائيات، وفي المسلسلات المدبلجة، واعتماد اللغة الأجنبية في العملية التعليمية في الجامعات والمدارس الخاصة. والأمر المهم أن الكتاب لم يأخذ الطابع المحلي فقط، بل امتد لتحليل ولتفنيد واقع اللغة العربية على مدى مساحة الأقطار العربية.

في مجمع اللغة العربية

في كل الاستقبالات والمحاضرات وكل المناسبات يتطرق د. محمود السيد إلى الأعمال والإنجازات التي قام ويقوم بها مجمع اللغة العربية منذ عام 1997 وحتى اللحظة، من حيث إصداره للكتب والمعاجم وعقده للمؤتمرات السنوية، مشدداً على دور المجمع الفاعل في النهوض باللغة العربية، الدور الأخير الذي لا يلقى على كاهل المجمع وحده، لأن اللغة- برأيه- مؤسسة اجتماعية فمرافق المجتمع كلّها مسؤولة عن هذا الأمر وهو ما تحرص عليه اللغات الحية. ‏‏

في تمكين اللغة العربية‏‏

السعي الدائم لنشر الفصحى بين كل الأجيال ضرورة ملحة وخاصة في بذل كل الجهود للوصول إلى ما نسميه«تمكين اللغة العربية»، لهذا يؤكد د. السيد- في كل الندوات والمناسبات ذات الشأن الخاص- ضرورة التعاون مع الوزارات المعنية وخصوصاً وزارة التربية بتعميم تدعو فيه المدرسين إلى استخدام اللغة الفصيحة في التدريس، انطلاقا من أن ‏‏المسؤولية لا تقع على مجمع اللغة العربية وحده، فالقوانين لا تُلزم الجهات المعنية بقراراته وتوصياته، رغم أنه المرجعية اللغوية الأولى في شؤون اللغة. ‏‏هذا ويشدد في أحد مؤلفاته«على دور المسؤولين في نشر اللغة العربية في مؤسساتهم وتنميتها»، بالتعاون بين الجهات الرسمية والخاصة، مشيراً إلى الدور الفاعل والمؤثر لدور الإعلام في إشاعة الفصحى عبر البرامج التي تعرضها وحتى في انتقاء نوعيتها، مؤكداً أهمية دور هذه التشاركية البالغ في حماية اللغة العربية حتى مع جهود المجتمع الأهلي والمتمثّلة بالجمعيات الأهلية.

الدكتور محمود السيد في سطور

من مواليد محافظة طرطوس (قرية بعمرة- صافيتا) عام 1939.
حصل على الإجازة في الآداب من قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة دمشق عام 1962.
حصل على الدبلوم العام في التربية من كلية التربية بجامعة دمشق عام 1963.
حاصل على الدبلوم الخاص في الإدارة والإشراف التربوي من كلية التربية بجامعة دمشق عام 1964.
حاصل على الماجستير في التربية (تخصص مناهج) من كلية التربية بجامعة عين شمس عام 1969.
حاصل على الدكتوراه في التربية (تخصص مناهج وطرائق تدريس اللغة العربية) من كلية التربية بجامعة عين شمس عام 1972.
يعمل حالياً مديراً عاماً لهيئة الموسوعة العربية.
أستاذاً في كلية التربية بجامعة دمشق.
رئيساً للجنة التمكين للغة العربية في الجمهورية العربية السورية.
نائباً لرئيس مجمع اللغة العربية بدمشق.
عضو اتحاد مجامع اللغة العربية بالقاهرة، وعضواً عاملاً في مجمعي اللغة العربية بدمشق والقاهرة.
له ما يزيد على خمسين مؤلفاً منشوراً في مجالات التربية والثقافة واللغة.

نزيه أبو عفش
الشاعر المرهف الذي يألم للطير

«الشاعر هو من يرى، وأنا كأي إنسان رأيتُ ما يحدث اليوم قبل سنوات، كما أنني أرى في هذه اللحظة سورية عام 2040، أراها الآن بكل وضوح. على العكس لم أغير قناعاتي القديمة، وما زلت حتى الآن أكتب». الشاعر نزيه أبو عفش، من أهم الشعراء السوريين المقيمين حالياً في وطننا رغم هول الحرب، وحسب قوله رفض المغادرة حتى مع علمه اليقين بما سيحصل، بل بقي متجذراً في أرضه مواكباً القصيدة ومدافعاً عنها أمام موجات الثقافة المعاصرة.

الإبداع يأتي الريف والمدينة

كان يقطن شاعرنا في بقعة من ريفه البهي «مرمريتا»، في مرآب مكشوف على الشارع، بين بنايتين. كان في هذا البيت كل أشياء حياته الضرورية ليبقى خياله لا محدوداً، سواء من سرير بطبقتين لابنيه (عمر وكنان)، وكنبة قديمة اكتفى بها للجلوس والنوم، مع بضعة كراسي، وكتب ومسودات قصائد، وعبارات مكتوبة على الجدران، وأشرطة موسيقا، وألوان مائية، وأدوية للصداع المزمن ونوبات «الشقيقة» التي ما زالت ترافقه حتى اليوم، وربما كان يقصد ألمها المزمن عندما قال في قصيدته «ما قبل الأسبرين» وعلى التحديد في ختامها: فكّر في الألم.
مثلما كان ميكل أنجلو يفكّر في عذاب الصخر.
فكّر في الألم.
فكّر في أحزان النباتات، في ما يتألمه الطائر.
فكّر في صداع الحلزون.
وبالعودة إلى وجودية المكان، منزله الأول في مرمريتا لم يكن حصنه الوحيد الذي يبقى منعزلاً خلف أسواره، لأنه حصل بعده بزمن على منزل لائق، من جمعية سكنية في الضواحي- في مشروع دمر- في الطابق العاشر، البيت كان واسعاً رحباً برحابة سماء دمشق، ومطلا بارتفاعه على شموخ جبل قاسيون، فاختار الشاعر شرفة المطبخ كي تكون منبع إلهامه في الكلمة أو الريشة الممزوجة بالألوان، في يأسه المبدع، في خلق شعريته ورسم تشكيليته.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن وجود الشاعر نزيه أبو عفش في دمشق دائماً يكون مقرونا بحدث ثقافي كندوة تجذب انتباهه أو معرض تشكيلي، أو بمحض مصادفة أرادها القدر، لأنه قرر في وقت سابق أن يهجر العاصمة، ليرتمي في أحضان «مرمريتا» بعد أن زركش مكانا يناسب تماماً أهواءه وأفكاره، وماذا يحب أن يشاهد وكيف سيجلس أو يفكر بين مجموعة من النباتات والشجيرات، زرعها مبادلا إياها عطاء واهتماماً غير مشروط. شاعرنا… كان وما زال رجلاً قليل الكلام.. فالصمت لديه في بوحه غير مسموع، إلا بخواطره الشعرية أو بلوحاته التي أصبحت حلما حققه من بين الكثير من الأحلام التي كان تواقا لها كأن يكون موسيقيا، لكنه عوّض عنه بزواجه من رفيقة دربه مدرسة الموسيقا.

أبو عفش الشاعر

الشاعر نزيه أبو عفش اسمه له وقع رنان إلى جانب أسماء الشعراء: سليم بركات، أدونيس، ممدوح عدوان، وهي من أهم الأسماء السورية التي تخطت الحدود الجغرافية لتصل إلى اللامحدود من الإنسانية المتنوعة اللغات والمبادئ والمفاهيم، حاظية بالاهتمام والمتابعة من أهم دور النشر العربية والعالمية.
تتنوع الألفاظ وتضج وتهدأ بحس مشاعر وذهنية أبو عفش، صاخبة وهادئة كأنها نغمة موسيقية في قصائد تصوّر الغضب، الضحك، البكاء، الواقع، صرخات الحياة وبؤس الموت، لنذهب معه في رحلة حيرته التي لا يعرف لها أي سكينة أو هدوء في عوالمه الإنسانية كما يقول:
«يا أبتِ
لست ابنكَ، لستُ حفيدكَ، لستُ وريث خطاياكَ، ولا منشدَ أعراسِك، لست أخاكَ ولا عبدك، لا القديس ولا الخاطي، لست يهوذا النادم يتمرغ تحت صليب يسوع كي يطلبَ غفرانَ يسوع..
ولست يسوع لكي أمنحَه مغفرتي.
لستُ سوى نفسي…»
يظل اسم الشاعر السوري نزيه أبو عفش يزخرف خريطة الشعر العربي المعاصر، فهو من القلّة الذين دافعوا وتغنّوا بالشعر وتمسّكوا به في أصعب الظروف وأعقدها، على الرغم من أنه يبقى حفنة من مشاعر تثيرها هبّة عواطف أو تكسر جليدها كلمات ينطق بها القلب وتُشبع الروح كفعل الخبز للجياع وتداوي الروح كفعل الدواء للمرضى.
مسيرته لها رومنسيتها الريفية المنعزلة عن كل صخب، فهو ملتصق بالطبيعة الأم التي كانت ومازالت تثري لبّه بالتجارب الشعرية السورية وأغناها منذ السبعينيات. له- وحتى الآن- سوداويته الواقعية، وبالشعر يلطّف الواقع ويجمّل حقائقه المصيرية المحتومة فحسب قوله «مهنة الشاعر هي تلطيف مذاق الموت». لكنه يلطّف من هذا الكلام في مكان أخر بقوله «كتاب حياتنا مملوء بالأخطاء المطبعيّة، لأننا نحن الذين صنعناه، وليس الله».

في الفن التشكيلي

كما شعور الكلمة استهوى الفن التشكيلي الشاعر أبو عفش،استطاع مع الوقت إنتاج لوحات لها في قيمتها الإبداعية مكان إلى جانب أهم الأسماء السورية المبدعة التشكيلية كنذير نبعة وفاتح المدرس الذي يتفق معه شاعرنا بأنّ «فن الرسم هو فن التعبير، وأن التقنية لن تكون الغاية في العمل التشكيلي»، وبرأي النقاد والمتابعين لحركتنا التشكيلية، تعامل نزيه أبو عفش مع تقنية الفحم وتدرجات اللون الأسود، فيها الكثير من الحساسية والشاعرية الحادة، هذا إضافة لمعالجة أبو عفش للحجم والفراغ، تُشعر المتلقي بأنه نحات، هذا ما أكده رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للفنون البصرية- دمشق، الدكتور غياث الأخرس خلال المعرض الأخير الذي أقامه أبو عفش في المركز نفسه، متابعاً «اللوحات لها علاقة بالمرحلة التي عشناها ونعيشها في سورية من دون ادّعاء أدبيّ أو تفسير. فهناك تعبير عميق وحارّ وخصوصية في هذا التعبير، وقوّة أيضاً. والفنان أبو عفش استعمل المادة السوداء سواء بالفحم أم الرصاص، فمع أنها تعطي نوعاً من الضبابية الحقيقية إلا أنها تعطي عمقاً أكثر وغموضاً رغم المأساة، فالمأساة ليست مباشرة للمشاهد، فهو يراها بحنان وتدريجياً تتعمق إليه. على حين يظهر لنا لدى استخدامه الخامة ومداعبته الأبيض، بشكل خاص الشاعر الرسّام».
من جانبه يرى الناقد التشكيلي سعد القاسم تجربة الفنان أبو عفش التشكيلية أنها قد تحولت بطريقة مشابهة للتحوّل الذي حصل لدى الشاعر الفنان نزيه أبو عفش، حيث يقول: «نحن قبل سبع سنوات كنّا نرى أن لوحة نزيه أبو عفش فيها لون واضح سواء كان هادئاً أم تعبيرياً أو لوناً تأمّلياً، لكنّنا كنا نرى دائماً لوناً، أما اليوم فنرى الأبيض والأسود، وهذا له علاقة برؤيته لِما حدث في سورية خلال السنوات السبع الماضية، وينسجم مع موقفه الوطني والإنساني. فهو منذ بداية الهجمة على سورية كان له موقف واضح، وكان يرى خطوط المؤامرة، وكان واضحاً بشعره ومواقفه. وفي معرضه الأخير، ما يريد أن يقوله أبو عفش بلوحاته التي تحمل اللونين الأبيض والأسود، أن هذين اللونين أكثر قدرة على التعبير. فنحن لم نعد أمام مساحة ملتبسة، بل الأمور كلّها واضحة بالنسبة إليه. ونحن جميعاً نعرف أبو عفش الشاعر الذي يتميّز بصوت شعريّ ويملك لغته الخاصة، ولكنّ قليلين من يعرفونه كفنان تشكيلي، وهو منذ أكثر من عشرين سنة يُعرف بأعماله الفنية المقتناة من الكثيرين، ولكن دائماً كان هناك لون يشبه الحالة الازدواجية الموجودة عنده والروح الثائرة المتمردة والحانقة أحياناً».

نزيه أبو عفش في سطور

ولد نزيه أبو عفش في مرمريتا عام 1946.
عمل في التعليم، كما عمل محرّراً وموظّفاً.
من مؤلّفاته: الوجه الذي لا يغيب(شعر، 1967)، عن الخوف والتماثيل (شعر، 1970)، حوارية الموت والنخيل (شعر، 1971)، وشاح من العشب لأمّهات القتلى (شعر، 1975)، أيّها الزمن الضيق، أيّتها الأرض الواسعة (شعر، 1978)، اللـه قريب من قلبي (شعر، 1980)، تعالوا نعرّف هذا اليأس(كتابات، 1980)، بين هلاكين (كتابات وشعر، 1982)، هكذا أتيت.. هكذا أمضي (شعر، 1989)، ما ليس شيئاً (شعر، 1992)، ما يشبه كلاماً أخيراً (شعر، 1997)، إنجيل الأعمى (شعر)، ومضى الربيع كلّه (كتابات)، (ذاكرة العناصر، 2006).

أسماء الفيومي واللوحة هواء رئتيها

لريشتها التي رسمت ويدها التي تفننت وعقلها الذي ابتكر شوق وجذور وتمسك بأرض وبلد أنجب وأعطى وقدم وقدر تعب فنان ورحلته، لتكون ألوانها التي تضج بصخب الحياة عنوان أعمالها حتى لو حكمت عليها الحرب بالسواد والبياض، إلا أن الفنانة التشكيلية أسماء الفيومي لم تتوقف يوماً عن شغفها في الرسم بل استمرت رغم توقف المعارض الخاصة وشح المعارض الرسمية نظراً لما حلّ في سورية.
معاناة بلدها لم تفارقها أينما حلت وبقيت متمسكة بجذورها وتطمح وتحلم على إعادة إعمار وبناء الإنسان والطفل قبل بناء الحجر وتولي اهتماماً كبيراً للطفل وإعادة روح الطفولة إلى حياته نظراً للقسوة والظلم اللذين عاناهما في حرب لم ترحم كبيرها وصغيرها وتدعو إلى التركيز على بناء جيل جديد يحفل بالأخلاق والقيم والحضارة النابعة من إرثنا وثقافتنا السورية.
ونتيجة هذا الجهد المتواصل محلياً وعربياً والخط الفني المتميز نالت الفيومي جائزة الدولة التقديرية في مجال الفنون لعام 2018، والتي لم تعتبرها مجرد جائزة عادية بل تعني لها الكثير ولاسيما أنها من بلدها سورية وهي بمنزلة تقدير لمسيرة عملها الفني وبرهان اهتمام الدولة بالجهد الذي يقدمه الفنان.

خطها الفني

ويعتبر الرسم لها الهواء الذي يغذي روحها فلم تقف مكتوفة الأيدي طوال فترة الأزمة والحرب التي مرت على بلادها إلا أن التأثير كان واضحاً من خلال السواد الذي طغى على لوحاتها وعبرت عن حزنها برسم كل ما تراه من خلال اللونين الأسود والأبيض، فكان لا بد لكل مناظر الدم والدمار والنزوح أن تؤثر في شكل العمل الفني السوري ولكنها لم تمنع الفنانين من إكمال مسيرتهم.
وأيضاً عانت ما عانته في حرب استنزفت طاقات بلد كامل ولم تتمكن في الكثير من الأحيان بعرض لوحاتها جراء إغلاق أغلب صالات العرض الخاصة ومحدودية المعارض الرسمية.
اهتمامها الكبير في الطفولة نلحظه من خلال أعمالها إلا أنها تحزن على وضع الأطفال في بلدها والقسوة التي مرت عليهم من خلال حرب عملت على تدمير طفولتهم ولكنها دائماً ما تبحث عن الحلول التي تتطلب عملاً شاقاً في سبيل إعادة بناء جيل جديد.
ولطالما نظرت الفيومي نظرة إيجابية إلى الحركة التشكيلية في سورية التي كانت في فترة ما قبل الأزمة من أهم المحترفات التشكيليات العربيات، ومتفائلة بمستوى الفن التشكيلي السوري الذي يمتلك أسماء مهمة تعتبر الأفضل عربياً ولا بد لهذا الفن التشكيلي أن يعود ليأخذ مكانه المتقدم بين الفنون التشكيلية العربية، وخاصة أن الفن التشكيلي السوري معترف به عالمياً والفنان السوري ناجح ويحظى بالتقدير في أهم المحافل والملتقيات والمزادات العالمية.

الفيومي في سطور

يذكر أن أسماء الفيومي من مواليد عمان الأردن عام 1943 وخريجة كلية الفنون الجميلة بدمشق قسم التصوير، ومهندسة ديكور في التلفزيون السوري، وعملت محاضرة في كلية الفنون الجميلة، وفي مركز الإعداد الإعلامي التابع لجامعة الدول العربية، وهي عضو في اتحاد التشكيليين العرب. وأعمالها مقتناة من وزارة الثقافة السورية في المتحف الوطني بدمشق ووزارة الإعلام وضمن مجموعات خاصة في سورية وخارجها.
عملت في التلفزيون العربي السوري وقدمت الموضوعات الاجتماعية والإنسانية عبر الصياغة الخاصة بها، وكان موضوعها المحبب لديها هو المرأة والأرض.
وقامت بعدة معارض خاصة في (صالة الفن الحديث العالمي، المركز الثقافي العربي بدمشق، ومعرض مائيات في أميركا، معرض في تونس، صالة بلاد الشام في فندق الشام، وصالة دمشق، وأتيلييه القاهرة، وفي قاعة أحمد العدواني، والمجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب في الكويت.
وكذلك شاركت في العديد من المعارض المشتركة التي أقيمت في سورية خلال القرن العشرين، وفي بينالي الإسكندرية، ومعرض في الغراند باليه في باريس، ومعرض في بيروت (الكتاب الدائم)، ومعرض الآلهة السورية في متحف النساء في بون، ومعرض النساء العربيات في عمان، وغاليري بلدي، ومعرض عيون عربية (عبر الأرض) في الشارقة، ومعرض النساء والحرب، والصليب الأحمر في حلب ودمشق وعمان وجنيف، ومعرض أطياف عربية في قصر اليونسكو في بيروت.
ونالت الفيومي عدداً من الجوائز وهي: (براءة تقدير من نقابة الفنانين، وبراءة تقدير من رئاسة مجلس الوزراء، وبراءة تقدير من نقابة الفنون الجميلة في دمشق، وبراءة تقدير من وزارة الإعلام، براءة تقدير من محافظة دمشق، وتكريم من وزارة الثقافة السورية، وبراءة تقدير من بينالي القاهرة ومن مهرجان سوسة الدولي، مع الميدالية البرونزية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن