ثقافة وفن

«نجمة الصبح» يضيء آخر مشاهده … جود سعيد: تكرار التعامل مع الفنان يشعره بالمتعة لأنه يكتشف جانباً جديداً قادراً أن يقدمه

| وائل العدس

أنهى المخرج السوري جود سعيد تصوير فيلمه الروائي الطويل «نجمة الصبح» من (تأليفه بالتعاون مع سماح القتال، وإنتاج المؤسسة العامة للسينما) حيث نفذ المشاهد الأخيرة منه في الغوطة الدمشقية، بعد أن أنجز الشق الأكبر منه في ريف اللاذقية (مدينة صلنفة تحديداً).
يأتي هذا الفيلم سابع تعاون بين المخرج ومؤسسة السينما بعد أفلامه «مرة أخرى» و«صديقي الأخير» و«بانتظار الخريف» و«مطر حمص» و«رجل وثلاثة أيام» و«درب السما» الذي لم يعرض بعد.
يلعب أدوار البطولة كل من محمد الأحمد وحسين عباس ولجين إسماعيل ويوسف المقبل ورنا جمول ومأمون الخطيب وكرم الشعراني ونسرين فندي وعلا سعيد وعلياء سعيد ونادر عبد الحي وساندي نحاس ونوار سعد الدين ورسل الحسين وسارة صدقي وناديا صدقي.
ويروي الفيلم على مدى ساعتين حكاية بدأت عام 2013 حيث الواقع المتوتر لوطن يعاني الإرهاب عبر حكاية نساء مختطفات وقصص حب وصراع الخير مع الشر.

ويتناول حكاية أختين توءمين تتعرضان للخطف على يد تنظيمات إرهابية، لكنه لا ينتمي إلى التراجيديا بل يحمل صبغة الكوميديا السوداء ويختتم بنهاية خاصة، بحيث سيكون مختلفاً كلّياً عن طريقة المخرج سعيد في إنهاء أفلامه.
وصورت بعض المشاهد في أنفاق تحت الأرض في إحدى مدن ريف دمشق، وهو أمر غير مسبوق في السينما السورية، حيث إن المكان الاستثنائي، جعل جميع العاملين في الفيلم يخرجون بين الفينة والأخرى، نحو السطح لكي يعيدوا شيئاً من التوازن لأنفسهم بعد قضائهم ساعات طوال داخل الأنفاق، لاستنشاق الهواء واسترداد بعض من الأنفاس.

أماكن حقيقية
جود تقصد اختيار أماكن حقيقية وواقعية للتصوير، ما يزيد من قدرة الشريط على التأثير في الناس لأن هذه المناطق مرتبطة بذاكرتهم عبر تجربة شخصية أو جماعية أو عن طريق الإعلام.
وعلق مخرج الفيلم على تكرار تجاربه مع بعض الممثلين فقال: تكرار التعامل مع الفنان يشعره بالمتعة فهو يكتشف في كل مرة جانباً جديداً قادراً أن يقدمه هذا الشخص بأداء مختلف عما سبق وهذا غنى للممثل ذاته.
وعن الصعوبات التي واجهتهم أثناء التصوير لفت سعيد إلى أن سوء الظروف المناخية هي الصعوبة الوحيدة التي واجهت الفريق، فكان تصوير الشق المتعلق بالساحل متعباً جداً، وغالباً ما كنا نتوقف عن متابعة العمل بسبب الأجواء التي كانت أقرب إلى الشتاء، رغم أننا في منتصف فصل الصيف.
وأكد سعيد أنه عندما يخوض عملية الإخراج ينسى مرجعية الحكاية الواقعية ليبني لها واقعاً خاصاً، موضحاً أنه يسعى مع كل تجربة سينمائية جديدة لنسيان سابقاتها وترك الحكم للجمهور والنقاد.

تجربة سيئة
بدورها أكدت رنا جمول أن العمل السينمائي له متعة كبيرة وخصوصية مميزة، لأن الممثل يشتغل على أدق التفاصيل والمشاعر، إضافة إلى إحساسه بأنه يشارك في عمل ذي قيمتين كبيرتين فنية واجتماعية، وهذا يرضيه وإن كان التعب والجهد كبيرين، حيث تؤدي فيه دور «أم كرم» إحدى النساء المختطفات لدى المجموعات الإرهابية المسلحة، تعيش تجربة سيئة جداً، لتصاب بمرض خطير ينتهي بها الحال إلى خاتمة حزينة.
ومع نهاية التصوير، ودعت جمول فريق العمل وكتبت عبر صفحتها على الفيسبوك: «كان لي مع هذه النجمة إشراق وأفول كالولادة، كالبكاء، كحنين الآباء إلى أول لقاء بعد أول يوم لطفلهم العائد من المدرسة ليروي بفرح عينيه دهشة اختباره الأواعي للوجود، كان لي مع هذه النجمة عمر وذكريات كأنها خبرتني منذ الأبد، شكراً لدعوتي إلى عالمك المملوء بالنجوم والصباحات جود سعيد، وشكراً للحظاتنا الجميلة».

دور مغر
أما لجين إسماعيل في ثاني تعاون له مع المخرج جود سعيد بعد فيلم «مسافرو الحرب»، فأكد أن تجربته الجديدة مختلفة من كل النواحي باعتبار أن الدور كان مغرياً، لافتاً إلى أن الصعوبات التي واجهته شخصياً تمثلت في الشخصية ذاتها، فهي تختلف عني كإنسان، لها منطقها وفلسفتها الخاصة التي تعتقد أنها صحيحة، مشيراً إلى أن الشريط سيقدم السبب الذي أدى به إلى هذه الحالة وهو الخيانة من أقرب الناس له، حيث يؤدي شخصية «عارف» الذي ينضم لصفوف الإرهابيين خلافاً لشقيقه.
إشراف وتمثيل

نسرين فندي التي تشرف على أداء ثلاثة وجوه جديدة أوضحت أن مهمتها اقتصرت على شقيقتين توءم وطفل، وكان عليّ تجهيزهم قبل بدء التصوير عبر أداء بعض التمارين التي نقوم فيها عادة بالمعهد العالي للفنون المسرحية، للحصول على أشخاص مرنين في تجسيد شخصياتهم، إضافة إلى تقديم بعض الملاحظات لهم في البروفات، إلى جانب لعبها دور «لبنى» إحدى المختطفات التي تتعرض لصدمات متتالية، آخرها الخطف على يد الإرهابيين، ما يقودها إلى حالة نفسية تعزلها عن واقعها على الرغم من عودتها إلى أهلها.

سادسة التجارب
أما كرم الشعراني وفي سادسة تجاربه مع المخرج سعيد، يجسد شخصية شاب اسمه «عبد الحليم حافظ ميهوب»، ينتمي لعائلة شديدة التأثر بالفنان المصري الراحل لدرجة أن والدته كانت ستنتحر عندما رحل عن الدنيا.
الزمن في حياة هذا الشاب متوقف في زمن الكلاسيكيات، وتحديداً في زمن عبد الحليم، يحب فتاة اسمها «علا» ويحلف يميناً أن يغير اسمها إلى «شادية»، وخلال حفل زفافهما في إحدى قرى اللاذقية، يدخل المسلحون إلى العرس الذي ينتهي نهاية مأساوية.

شخصية غريبة
يجسد ماجد عيسى شخصية مساعد «عارف» ويقوم بإيصال رسائل شقيقه إليه ويدعوه عبرها لنبذ الإرهاب، موضحاً أن هذه الشخصية غريبة جداً بالنسبة له، ولكن تصوير مشاهد الفيلم بمناطق غير مألوفة ساعده على أدائها بنجاح، معتبراً أن عمله للمرة الأولى مع المخرج سعيد فرصة مهمة له.

جوائز عدة
يشار إلى أن جود سعيد استطاع أن يحقق العديد من الجوائز منها: عن فيلم «مرة أخرى» مهرجان دمشق السينمائي (جائزة لجنة التحكيم الخاصة 2009 والجائزة البرونزية 2009 وسان فرانسيسكو (كأفضل فيلم عربي 2010)، وفيلم «بانتظار الخريف» جائزة أفضل فيلم عربي في مسابقة آفاق السينما العربية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (2015)، وجائزة أفضل سيناريو في مهرجان وهران للفيلم العربي بالجزائر في دورته التاسعة 2016.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن