رياضة

لجنة الحكام العليا الجديدة… أجواء من التفاؤل بمستقبل مشرق … زكريا قناة: وضعنا خطة مستقبلية طويلة الأمد لتطوير التحكيم

| نورس النجار

عانت المسألة التحكيمية الأمرين في السنوات السابقة من سوء إدارة من تولاها ومن ضعف الدعم وظلال الأزمة التي أرخت سوادها على كل مفاصل اللعبة، والنتيجة الصادمة أن تحكيمنا تراجع كثيراً للوراء بعد أن كان سيد التحكيم بين العرب وآسيا إن لم نقل في العالم.
وسوء الإدارة تجلت بالبحث عن المصالح الشخصية أكثر من البحث عن مصلحة التحكيم الوطني، فكانت النتيجة هزالاً تحكيمياً شاهدناه بأم أعيننا في المباريات المحلية وأفضى بنهاية الأمر إلى عدم الثقة بحكامنا وقراراتهم التحكيمية.

اليوم تغير المشهد، فبعد أن كان التحكيم يقاد بالهواتف النقالة أصبح اليوم يقاد ميدانياً وعلى أرض الواقع عبر الاهتمام المباشر والفعلي وعبر المزيد من الدورات الدولية والمحلية ومن خلال التمارين الأسبوعية التي تقام في كل المحافظات بإشراف خبراء التحكيم.
والقضية كما فهمتها لجنة الحكام الجديدة أنها تكليف وطني بامتياز ومهمة صعبة لكنها نبيلة وهي أكثر من عملية شرفية تقودنا نحو المصالح الخاصة.
والأهم من ذلك هو اختيار الرجل المناسب للقيام بمهمة صعبة للغاية في أحلك الظروف وأعقدها، فرئيس اللجنة العقيد الركن زكريا قناة وعضو اتحاد كرة القدم يعتبر من أنزه حكامنا الدوليين الذين مروا على تاريخ التحكيم محلياً وخارجياً، ولديه من الخبرة والكفاءة والنزاهة ما يؤهله ليكون على رأس الهرم في هذه المؤسسة المهمة والفاعلة والداعمة لعمل اتحاد كرة القدم، وعودة الخبرة التحكيمية نزار رباط إلى اللجنة من باب نائب رئيس اللجنة سيضيف على العمل الشيء الإيجابي الكثير، وخصوصاً أنه كان علامة مضيئة من علامات التحكيم وحكماً وقيادياً في أوقات سابقة، وبقية أعضاء اللجنة مشهود لهم بالكفاءة والخبرة والنزاهة.
كلامنا هذا لم يــأت عن فراغ، بل جاء بعد ثلاثة أشــهر وأكثر من الانتظار ونحن نراقــب ما تفعله لجنة الحكام فكان كلامنــا مقرونــاً بحقائــق لمســناها على الأرض ولم تأت من محض الخيــال.
التحكيم أهم مفصل من مفاصل كرة القدم لأنه المعني الأول والأخير بنجاح المسابقات الرسمية، لذلك كانت المساحة المفترضة للحوار مع رئيس لجنة الحكام زكريا قناة أكبر من المعتاد لأنها انصبت في شؤون وشجون العملية التحكيمية والإجراءات والمشاريع المتخذة حتى الآن.
تحكيمنا يسير نحو مستقبل مشرق، كيف، ولماذا؟ تابعوا معنا الحوار التالي:

خطة دائمة
ما الخطة التي اتبعتها لجنة الحكام من أجل رفع العملية التحكيمية؟
منذ البداية اجتمعت اللجنة ووضعت مسارين للعمل، الأول تأهيلي من خلال توزيع الحكام إلى مجموعات في دمشق والمحافظات لإجراء تمارين أسبوعية دائمة على مدار العام بإشراف خبراء التحكيم المحليين، وهناك خطة أخرى لإقامة دورات الصقل والتطوير بجميع المحافظات عبر محاضرين محليين من لجنتي الحكام والتطوير، إضافة إلى دورات صقل دولية بإشراف الاتحاد الدولي لكرة القدم، مع إقامة دورات مماثلة على مستوى مقيمي الحكام.
الثاني إداري عبر تأمين التجهيزات اللائقة والمناسبة للحكام، مع رفع تعويضات الحكام بنسب ملحوظة حالياً وستتبعها خطوات لاحقة وصولاً إلى تعويض مناسب.

دورة دولية
أقيمت دورة دولية للحكام، كيف سارت الدورة؟ وما نتائجها، وما انطباع الحكام عنها؟
أقيمت بإشراف دولي من خلال محاضرين من الأردن، مدة الدورة خمسة أيام واتبعها 30 حكماً دولياً ومساعداً إضافة إلى خمسة حكام مستمعين وسبعة مقيمين، ونتيجة للعلاقة الطيبة التي تجمعنا مع المحاضرين استطعنا رفع عدد الدارسين وتم منح الجميع شهادات الدورة.
تضمنت الدورة التعديلات الجديدة على قانون كرة القدم وشرح مفصل لمواد القانون ابتداء من أخطاء السلوك وإدارة المباريات والتسلل ولمسة اليد واجتماع قبل المباراة وإدارة ركلات الجزاء وركلات الترجيح وغيرها من المواد وأشرطة فيديو توضيحية (تحليل المباريات).
تم توزيع الدارسين إلى ست ورشات عمل لتحليل الحالات وفق مواد القانون وتعديلاته الجديدة.
ورافق الدروس النظرية والمحاضرات تمارين عملية بعد الظهر بوجود فريق ناشئي الجيش مشكورين، وعلى هامش الدورة ألقى رئيس لجنة الحكام محاضرة عن التسلل وتعديلاته الأخيرة استعداداً لاتباع دورة محاضر دولي في الكويت الشهر القادم.

انطباع
ما الانطباع الذي خرج به المحاضرون والدارسون عن الدورة؟
المحاضران خرجا بانطباع جيد جداً عن الدورة وعن الحالة العامة في دمشق، وخاطبا الاتحاد الدولي ووضعاه بصورة الدورة الحقيقية مع بعض صور ومقاطع فيديو، وقد أعرب الاتحاد الدولي عن رضاه على إقامة مثل هذه الدورات مستقبلاً في سورية، ووافق شفهياً على إقامة دورة لمقيمي الحكام قريباً.
ويعتبر هذا الإجراء زاوية مهمة تدعم ملف رفع الحظر عن الملاعب السورية.
أما الدارسون فقد استفادوا من الدورة كثيراً ومن المؤكد أن ينعكس ذلك على أدائهم في الدوري، لكن العملية لا تقتصر على الحكام وحدهم، فلكي تكون العملية متكاملة نأمل من إدارات الأندية وكوادرها واللاعبين الاطلاع على تعديلات القانون حتى لا يتفاجأ أحد بالقرارات التحكيمية الجديدة المطابقة للتعديلات.

ما أثر الدورة في الحكام؟
وجدنا تعطشاً كبيراً من الدارسين لنهل المعلومات القيمة ووجدنا رغبة كبيرة منهم في الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات، وهذا ما أثلج صدورنا ومنحنا التفاؤل لموسم تحكيمي جيد وخصوصاً أن الحكام أبدوا استعدادهم الكامل لتنفيذ ما تعلموه بشكل جيد في المباريات القادمة.
كيف تم انتقاء الدارسين؟
باستثناء الحكام الدوليين وحكام نخبة آسيا، تم انتقاء الحكام الذين سيقودون الدوري في الموسم القادم، وقد تم الأخذ بالحسبان تغطية كل المحافظات لنتمكن من خلال هذه المجموعات إيصال المعلومات إلى حكام محافظاتهم، مع العلم أن العديد من الدارسين يشغلون منصباً في اللجنة الفنية أو لجنة الحكام الفرعية في المحافظات، وقد تم تزويد المشاركين بكتاب قانون كرة القدم.

اللائحة الدولية
ما المعايير التي ستضعونها في اختيار اللائحة الدولية؟
الاختيار سيكون ضمن المعايير الدولية وخصوصاً ما يتناسب مع شرط السن، سيتم اختيار الحكم الأقدر والأجدر ضمن عدالة تامة عبر امتحانات تحريرية ونظرية، والأولوية ستكون للمواهب الشابة.

القاعدة التحكيمية
ألا تظن أن القاعدة التحكيمية في سورية ضعيفة؟
مقارنة مع دول الجوار نعم، الأزمة فعلت فعلها بالتحكيم من خلال الهجرة والأسباب الأخرى، فخسر تحكيمنا العديد من عناصره، واليوم نعيد بناء قاعدة التحكيم ورفع مستوى الحكام الواعدين بالوقت نفسه، ونحن بصدد الإعلان عن أسماء 25 حكماً من كل المحافظات لتتم دعوتهم شهرياً لمعسكر مغلق في دمشق مدته ثلاثة أيام يتضمن دورة تأهيل وصقل مصغرة نظرياً وعملياً والاختيار سيتم وفق شروط (العمر – الشهادة – المظهر الخارجي).
متى يعود تحكيمنا إلى ألقه السابق؟
تحكيمنا لم يكن في الحضيض يوماً ما وبقي حكامنا موجودين في المحافل الخارجية على الدوام، لكنهم فقدوا الدعم الخارجي، ومهمتنا إعادة هذا الدعم ليعودوا إلى واجهة التحكيم في آسيا.
في بطولة الأسياد كان التحكيم السوري متألقاً ووصل إلى نصف النهائي، ولدينا تكليفات عديدة منها نصف نهائي كأس الاتحاد الآسيوي وبطولة الأندية العربية وغيرها، ومهمتنا متابعة حكامنا خارجياً ودعمهم.
هل تعتقد أن الخطأ الكروي سينحسر وهل ستبادرون إلى عقوبة الحكام أن أخطؤوا؟
لا أحد فوق القانون فكل حكم يخطئ وخطؤه يستوجب العقوبة، فلن نتوانى عن اتخاذ العقوبة المناسبة مع الأخذ بالاعتبار نوع الخطأ إن كان بشرياً إنسانياً أو كان مقصوداً ومؤثراً، ولا شك أننا نعمل من أجل تحكيم أفضل بأخطاء أقل، وتراجع الأخطاء بحاجة إلى تعاون كامل أطراف اللعبة.
العلاقة المتناقضة
وجودك على رأس التحكيم المحلي وأنت ابن نادي الجيش، هل يؤثر ذلك في العمل بين هاتين المؤسستين، فتصبح العلاقة متناقضة؟
لا تناقض، فلكل عمل خصوصيته ونحن في اتحاد كرة القدم نعمل لأجل كرة القدم السورية كلها، من جهة أخرى كل أعضاء الاتحاد وكل أعضاء اللجان العليا جاؤوا من رحم الأندية فهل في هذا مشكلة؟ ورئاسة الاتحاد على سبيل المثال تولاها خلال العقود السابقة شخصيات انتمت إلى أندية الوحدة والجيش والمجد، فهل يعني ذلك أنهم انحازوا إلى أنديتهم على حساب بقية الأندية؟ في المحصلة العامة نأمل أن نقدم ما بوسعنا للارتقاء بالعمل الكروي كل منا حسب اختصاصه.

كلمة أخيرة
في النهاية لا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر الجزيل للقيادة الرياضية لدعمها الكبير للعملية التحكيمية ولاتحاد كرة القدم الذي لا يبخل على الحكام ولجنتهم بتقديم كل أشكال الدعم، ونأمل من إعلامنا الرياضي أن يكون شريكاً فاعلاً في عملية تطوير الأداء التحكيمي من خلال الدعم المعنوي والإعلامي للحكام وللعملية التحكيمية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن