الأولى

المطالب الغربية

| تييري ميسان

سلمت المجموعة المصغرة حول سورية، المؤلفة من المملكة العربية السعودية، ومصر، والولايات المتحدة، وفرنسا، والأردن، والمملكة المتحدة، ستافان دي مستورا وثيقة بتاريخ 14 أيلول، كان من المفترض أن تظل سرية، أعربت فيها عن مطالبها على النحو الآتي:.
أولاً- تؤكد النقطة الثالثة من وثيقة المجموعة المصغرة التوجيه الداخلي للأمم المتحدة: «لن تكون هناك مساعدة دولية لإعادة الإعمار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، من دون عملية سياسية ذات مصداقية، تفضي حتماً إلى إصلاح دستوري، وانتخابات تشرف عليها الأمم المتحدة، وبما يرضي الدول المانحة المحتملة».
وفي اليوم السابق لإعلان الوثيقة، أعلن وزير الخارجية الألماني هيكو ماس، عن النأي بنفسه عن هذه النقطة بالذات. ونشر على حسابه في تويتر أن بلاده مستعدة للمشاركة في إعادة الإعمار «إذا كان هناك حل سياسي يؤدي إلى انتخابات حرة».
بالنسبة للمجموعة المصغرة، وللأمم المتحدة، فإن إعادة الإعمار لا يمكن لها أن تبدأ، قبل أن تحقق الدول المانحة المحتملة أهدافها من الحرب، على حين ترى ألمانيا أنها يمكن أن تترافق مع عملية المصالحة السياسية.
ثانياً- اتخذ مختلف المحاورين الدوليين، القرار 2254 مرجعية مشتركة لهم، على الرغم من أن قرار مجلس الأمن يفرض أن تكون صياغة الدستور شأناً يخص الشعب السوري فقط، على حين تعود المجموعة المصغرة لتؤكد وجوب أن تتم صياغته تحت رعاية وإشراف الأمم المتحدة.
من الواضح أن كل ما يجري يهدف إلى معارضة دور روسيا في حل الأزمة.
فبينما تسعى الولايات المتحدة إلى الاحتفاظ بوضعها كقوة عظمى لا غنى عنها، تعتزم كل من بريطانيا وفرنسا مواصلة مشروعهما الاستعماري في المنطقة.
ثالثاً- لا تنوي المجموعة المصغرة نقل مسؤولية صياغة الدستور من سوتشي إلى جنيف فحسب، بل لديها فكرة مسبقة عما ينبغي أن تؤول إليه الأمور.
تسعى المجموعة المصغرة إلى أن تكون صلاحيات رئيس الجمهورية شكلية حصرا، وألا يكون لصلاحيات رئيس الوزراء أي وجود على المستوى المناطقي، وأن تصبح صلاحيات القوات المسلحة محدودة أيضا، على حين تحتفظ القوى الاستعمارية بسلطاتها في الشرق الأوسط خلف مظاهر ديمقراطية. فهي لا تزال في الواقع قادرة على تشكيل حكومات لا تمثل شعوبها، كما هو الحال منذ عام 1926 في لبنان، ومنذ عام 2005 في العراق، حيث تم تصميم المؤسسات لمنع هذه الدول، في المقام الأول، من التحول إلى دول وطنية مرة أخرى.
ينقسم لبنان إلى طوائف دينية، على حين ينقسم العراق إلى مناطق متمايزة بأغلبيات طائفية.
أما إسرائيل، فليس لديها أساسا حكومة تمثيلية، ليس بسبب دستورها، الذي لا تمتلكه أصلاً، ولكن بسبب نظامها الانتخابي.
رابعاً- حين ينص القرار رقم 2254 على ضرورة أن تجرى الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، ترى المجموعة المصغرة، أنه ينبغي على المؤسسة السورية المسؤولة عن تنظيم الانتخابات أن تعمل يومياً تحت أوامر الأمم المتحدة، ولاسيما ما يتعلق بشكاوى تزوير محتملة. الأمر الذي يمنح الدول الغربية حق الاحتفاظ بإمكانية إلغاء نتائج الانتخابات التي لا تتوافق مع توقعاتهم، حيث يكفي أن يتقدم أي مواطن بشكوى عن وقوع عملية غش، والإعلان عن ثبوت الواقعة.
وهكذا، سوف تمنح هذه الانتخابات الشعب السوري الحق في التصويت، شريطة أن يقع في الفخ الذي نصب له، وأيضاً شريطة أن يصوت لمن اختاروا له!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن