سورية

في الذكرى 37 ليومه العالمي.. السلام في سورية.. مصالحات وعودة للمهجرين

| سامر ضاحي

مع حلول الذكرى 37 لليوم العالمي للسلام التي تصادف غداً، يمكن اعتبار العام الماضي الممتد من الذكرى الـ36 إلى اليوم، عاماً للمصالحات في سورية مع تراجع وتيرة الحرب إلى درجات كبيرة.
في عام 1981، تم بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 36/67 تعيين الاحتفال باليوم العالمي للسلام ليكون متزامناً مع موعد الجلسة الافتتاحية لدورة الجمعية العامة، التي تُعقد كل سنة في الثلاثاء الثالث من شهر أيلول سنوياً، وتعقد هذا العام في 25 أيلول الجاري وتستمر حتى الأول من شهر تشرين الأول المقبل، وقد احتُفل بأوّل يوم للسلام في أيلول 1982.
في عام 2001، صوتت الجمعية العامة بالإجماع على القرار 55/8282 الذي يعيِّن تاريخ 21 أيلول يوماً للامتناع عن العنف ووقف إطلاق النار، وبهذه المناسبة، تدعو الأمم المتحدة جميع الأمم والشعوب إلى الالتزام بوقف للأعمال العدائية خلال هذا اليوم، وإلى إحيائه بالتثقيف ونشر الوعي لدى الجمهور بالمسائل المتصلة بالسلام.
وساهم نجاح تجربة المصالحات باستعادة الدولة السورية السيطرة على مساحات واسعة من أراض كانت خاضعة لسيطرة مليشيات مسلحة وتنظيمات إرهابية، كما ساهم بتغليب لهجة السلام والتصالح على لغة الحرب.
يعود الفضل في ذلك أولاً لإصرار الجيش العربي السوري على استعادة كل شبر من سورية سواء عبر المصالحات أم بالعمليات العسكرية، بدءاً من استعادة أحياء شرق العاصمة وانتهاء بالاتفاق المعلن يوم الإثنين الماضي في مدينة سوتشي الروسية حول إدلب.
واعتمدت المصالحات الوطنية السابقة على مبدأين الأول: أساسي قانوني واحد هو مرسوم العفو رقم 15 الذي أصدره الرئيس بشار الأسد لعام 2016 وتم تمديده عدة مرات والقاضي بمنح عفو عن كل مسلح يسلم نفسه وكل من يبادر لتحرير مخطوف لديه، والمبدأ الثاني هو: تسهيل خروج رافضي المصالحات إلى الشمال السوري، ريف حلب الشمالي وإدلب.
ومع الاحتفالات بيوم السلام العالمي العام الماضي كان الجيش يؤمن عودة الأهالي إلى مدينتي تدمر والقريتين بريف حمص الشرقي بعدما حررهما من تنظيم داعش الإرهابي، بموازاة مواصلته الرد على خروقات المسلحين في الغوطة الشرقية لاتفاق «خفض التصعيد» هناك، مواصلاً الاستعداد لمصالحات جديدة على محاور القتال تضاف إلى المصالحات في أحياء برزة والقابون شرق العاصمة التي حررهما بعد اتفاقات مصالحة في أيار من العام الماضي.
وفي مطلع العام الجاري شن الجيش عملية عسكرية في ريف إدلب الشرقي تكللت باستعادة مطار أبو الضهور العسكري، لكن اللافت أن عشرات القرى التي استعادها الجيش هناك استبقت وصوله بالانقلاب على الإرهابيين وطردهم من القرى.
وعاد الجيش في آذار ليفتح معبراً برياً في تل طوقان بريف إدلب قرب مطار أبو الضهور، يسمح بخروج الأهالي من مناطق سيطرة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي إلى مناطق الدولة السورية ولا يزال هذا المعبر متاحاً حتى إعلان اتفاق إدلب منذ أيام حيث لم يعرف مصير المعبر بعد.
في شباط الماضي أطلق الجيش عمليته الأكبر ضد الإرهابيين المتحصنين في الغوطة الشرقية، وذلك بعد سيل من الإجراءات والدعوات للمصالحة والحلول السلمية وما لبثت هذه التنظيمات أن خضعت وعادت لمنطق المصالحة، فبدأ خروج المسلحين من مدينة حرستا في 23 آذار.
واستمرت عمليات التسويات والمصالحات في مناطق الغوطة الشرقية حتى الثاني من نيسان الماضي عندما أعلن الجيش أن الغوطة آمنة بالكامل حيث تضمنت عمليات المصالحات إبقاء الأهالي في مناطقهم ومنازلهم والسماح لمن يرغب من الإرهابيين بالخروج مع عائلاتهم إلى إدلب.
وبدا لافتاً أن الجيش وقبل مدة من عمليته في الغوطة أعلن عن ممرات إنسانية لخروج المدنيين حاول الإرهابيون إغلاقها مراراً.
ومنذ ذلك الوقت تتابعت عودة المدنيين إلى الغوطة الشرقية وسط استمرار مؤسسات الدولة بإعادة الخدمات بشكل متواصل.
انتقلت القوة الضاربة في الجيش إلى جنوب العاصمة حيث كان يتحصن تنظيما «جبهة النصرة» وداعش الإرهابيين فعالجت الأول في مخيم اليرموك بإخراج مسلحيه الرافضين للتسوية إلى الشمال، على حين أنهت وجود تنظيم داعش في اليرموك والحجر الأسود وجزء من حي التضامن المجاور بالقوة وأعلنت جنوب العاصمة آمناً في أيار الماضي.
ومنذ أيام انطلق العمل بتأهيل مخيم اليرموك تمهيداً لعودة متوقعة يأملها الأهالي تكلل أفراحهم بنجاحات الجيش.
في تموز الماضي، وبعد تحذيرات ودعوات للمصالحة والسماح بخروج المدنيين أطلق الجيش عملية أخرى باتجاه جنوب غرب البلاد، بدا لافتاً فيها إعلانات أميركية وغربية وإسرائيلية بوقف تمويل التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة التي كانت منتشرة هناك، فتلاحقت المصالحات في درعا تباعاً وصولاً إلى إعلان درعا والقنيطرة محررتين بالكامل مع نهاية تموز الماضي، وسمح بعودة قوات مراقبة فك الاشتباك الأممية إلى المنطقة.
ومنذ تحرير درعا والقنيطرة باتت الأنظار تتجه إلى إدلب، وسط استمرار الدولة السورية وحليفيها الروسي والإيراني بدعوة تركيا إلى فصل الإرهابيين عن المسلحين والضغط على الجماعات المسلحة لإبرام مصالحات توفر عناء أي عمل عسكري وتحقن دماء المدنيين، وهو الأمر الذي أكدته كل التصريحات الصادرة عن الحكومة السورية، إلا أن الجانب التركي عرقل هذه الجهود وواصل إصراره على إعلان هدنة هناك.
وبعد تنسيق روسي سوري متواصل أعلن الرئيسان فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان الإثنين الماضي اتفاق إدلب المؤطر زمنياً والذي تقتضي مرحلته الأولى بإنشاء «منطقة منزوعة السلاح»، وعلى الفور رحبت دمشق بالاتفاق.
وأكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين أن «الجمهورية العربية السورية إذ تشدد على أنها كانت ولا تزال ترحب بأي مبادرة تحقن دماء السوريين»، مشدداً على مضي دمشق في حربها ضد الإرهاب حتى تحرير آخر شبر من الأراضي السورية سواء بالعمليات العسكرية أم بالمصالحات المحلية التي أثبتت نجاعتها في حقن دماء السوريين، وعودة الأمن والأمان إلى المناطق التي جرت بها، ما ساهم أيضاً في البدء بعودة اللاجئين إلى ديارهم، بحسب قوله.
وفي رابع جلسة لمجلس الأمن حول وضع إدلب جرت أول من أمس وضع مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري دول العالم أمام مسؤولياتها عندما قال لهم وبوضوح إن من يحرص على حياة السوريين عليه التعاون مع حكومتهم، مشيراً إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها دمشق لإعادة المهجرين من الخارج.
وبسبب تعقيدات هذا الملف كان لا بد من تنسيقه مع الحلفاء، فأجرى المسؤولون الروس جولات مكوكية إلى دول الجوار السوري وبعض دول العالم التي تستضيف المهجرين لإقناع تلك الدول ألا تستخدم المهجرين كملف سياسي لابتزاز دمشق، وطلبت من 45 دولة بيانات وأرقاماً دقيقة عن المهجرين السوريين المقيمين فيها.
وبعد تنسيق مع دمشق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية في 18 من تموز الماضي عن إنشاء «مراكز إيواء واستقبال وتوزيع اللاجئين الراغبين بالعودة إلى سورية» بالتعاون مع الحكومة السورية، وعددها 76 مركزاً تتسع لاستقبال ما يزيد على 336 ألف مهجر سوري، يتوزعون على محافظات ريف دمشق 73 ألفاً، وحلب 134 ألفاً، وحمص 64 ألفاً، وعشرة آلاف في حماة، و45 ألفاً في دير الزور، وتسعة آلاف في القلمون الشرقي.
وكانت الحكومة السورية سبقت هذا الإجراء في 5 الشهر الماضي بإحداث مركز تنسيق لعودة المهجرين من الخارج، وإلى اليوم ساهم التنسيق الروسي السوري بعودة المئات من المهجرين في لبنان والداخل إلى منازلهم وقراهم وبلداتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن