سورية

شددت على ضرورة تخصيص جزء مهم من ميزانية الحرب للعتاد الفكري والإعلامي … شعبان: الحرب على سورية غيرت وجه العالم الإعلامي

| مازن جبور

اعتبرت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية، بثينة شعبان، أن الحرب الإرهابية على سورية غيرت وجه العالم الإعلامي، ورأت أن سقوط نظرية الإعلام الحر في الغرب من أهم نتائجها، مشددة على أنه لا بد من تخصيص جزء مهم من الميزانية الحربية للعتاد الفكري والإعلامي بعد أن أثبت الإعلام أنه يلعب دوراً مهماً ومؤثراً.
وقالت شعبان، في كلمة ألقتها خلال ندوة فكرية بعنوان «بروباغندا الحرب»، أقيمت في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق: لقد كان تأثير الكلمة والإعلام صادماً للولايات المتحدة في حربها على فيتنام بحيث تم إيقاظ الضمير العالمي الذي وقف ضد هذا العدوان وانتهى بإرغام الولايات المتحدة على وقف عدوانها».
وأضافت: «أعتقد أن هذا كان الدرس الأهم الذي استفاد منه الغرب والذي استفادت منه الولايات المتحدة لإعادة حساباتها في كيفية التحكم بالإعلام بحيث يمكن استخدامه أداة مساعدة في هذه الحروب».
وأشارت شعبان إلى أن المثال القريب لهذا الدرس هو احتلال العراق، وأوضحت أن «استخدام الولايات المتحدة للإعلام في احتلال العراق، كان استخداماً محكماً، وكانت الخطط الإعلامية تتزامن وتترافق مع الخطط العسكرية»، ولفتت إلى أنه في تلك الحرب «سمعنا وتعلمنا عن مصطلح الصحافة المرافقة للقوات، إذ إن دولة مثل الولايات المتحدة لا تسمح بنشر تقرير إعلامي إلا بعد أن يوافق عليه قائد القوات في المنطقة التي يتواجد فيها الإعلاميون، وفي هذا استخدام محكم للكلمة كي تتمكن الولايات المتحدة من أن تخوض حربها من دون التسبب بضجة عالمية ضدها».
وأوضحت المستشارة السياسية والإعلامية إلى أنه «منذ الأيام الأولى للحرب على سورية تم سحب السفراء وإغلاق السفارات والمكاتب الإعلامية وتم سحب مراسلي وكالات الإعلام والاستعاضة بمن سموهم شهود عيان، هؤلاء الأشخاص المجهولون اعتمدت وكالات الأنباء ومحطات التلفزة عليهم ونشروا أكاذيبهم التي تتوافق وخططهم باستهداف سورية وشيطنتها أمام الرأي العام العالمي وتبرير تدمير مؤسساتها وبناها التحتية». وأضافت: «حتى ندرك أهمية هذا الأمر علينا أن نتذكر أن معظم القرارات التي اتخذت ضد سورية سواء في مجلس الأمن أو المحافل الدولية كانت تعتمد على تلك المعلومات التي ينقلها هؤلاء من دون أي بصيرة بما يجري على أرض الواقع في سورية ومن دون أي إعلام مسؤول ينطلق من واقع الميدان في سورية». وأشارت شعبان إلى امتناع المحطات الأجنبية عن زيارة سورية أو اللقاء بأصحاب القرار من المسؤولين السوريين، مبينة أنه وإن ظهر البعض عبر الأقمار كانت توجه لهم أسئلة اتهامية تنطلق من المنظور المرسوم مسبقاً لوسائل الإعلام ضمن الدور الذي يتوجب عليها لعبه في هذه الحرب، وموضحة أنه في المحصلة «تم فرض حصار إعلامي على ما يجري في سورية وأخذت الوكالات والقنوات الأجنبية مساراً خاصاً بها يعتمد اعتماداً كلياً على الأجندة المرسومة لها والخطوات المطلوبة منها».
ولفتت شعبان إلى أنه «خلال الحرب الإعلامية على سورية، ظهرت أصوات وشخصيات كرست وقتها وجهدها ومقدراتها لخلق بؤرة ضوء في ضمير العالم الغربي، وأصرت على مواجهة الأكاذيب المضللة والتي كانت السمة الأساسية للشركات الإعلامية الكبرى».
وأشارت كمثال على هؤلاء، إلى كل من الباحث الأسترالي تيم أندرسون، والصحفية البريطانية المستقلة فانيسا بيلي، اللذان شاركاها الندوة بالإضافة إلى المدير العام لـ«مركز دمشق للأبحاث والدراسات -مداد»، هامس زريق، الذي أدار الندوة.
وبينت، أن إحدى أهم نتائج الحرب على سورية، هي سقوط نظرية الإعلام الحر في الغرب، موضحة، أن «الإعلام في الغرب تابع لشركات وخادم لأجندات ومروج لأكاذيب وصور مختلقة، وقد أصبح للأسف أداة من أدوات الهيمنة والاستعمار ضد الشعوب الطامحة للحصول على قرارها المستقل».
وأضافت: إن الدرس الآخر المستفاد في هذه الحرب، هو «أننا لا يمكن أن نقتصر في خوض الحروب على العتاد العسكري فقط بل لا بد من تخصيص جزء مهم من الميزانية للعتاد الفكري والإعلامي، بعد أن أثبت الإعلام أنه يلعب دوراً مهماً ومؤثراً جداً في حياة الشعوب في أوقات السلم والحرب، ولذلك ومع تطوير الأسلحة لحماية البلدان لابد من تطوير الأساليب والوسائل الإعلامية والسخاء عليها لأنها تشكل محوراً مهماً من محاور مقاومة الطغيان وكسب الرأي العام العالمي إلى جانب أصحاب الحق».
وتابعت: «يجب أن نعتبر أن المعركة الإعلامية والفكرية لا تقل أهمية أبداً عن المعركة العسكرية، بل على العكس يجب أن تسبق المعركة الفكرية أية معركة عسكرية، ويجب أن نفكر ونخطط قبل أن نبدأ بالتنفيذ، ويجب أن تكون أدواتنا واضحة مؤمنة وصادقة في خوض المعركة».
وشددت شعبان على أن الدرس المستفاد الآخر، هو «أننا حتى وهذه الحرب تضع أوزارها، يجب ألا نستسلم للصورة المشوهة التي روجوها، بل يجب أن نعكف اليوم على كتابة تاريخ هذه الحرب كما وقع فعلاً، وعلى تسجيل الشهادات الحية وإيصال الصورة الحقيقية للعالم، كي يدرك كم أجرم حتى أصحاب القلم والشاشات بحق شعب بريء يطمح للعيش على أرضه بأمان وسلام».
ورأت، أنه «الآن وبعد أن اتضحت خفايا خططهم وألاعيبهم يجب علينا أن نكتب تاريخ هذه الحرب بهدوء وموضوعية ودقة ومهنية وأن ننشره باللغات الحية، كي لا يتجرؤوا على إعادة هذه التجربة في أي زمان أو مكان آخرين، وكي يقول الشعب السوري كلمته التي تم منعه من قولها طوال هذه الحرب».
وختمت شعبان، بالقول: «المعركة الإعلامية معركة خطيرة ومهمة، ولكني أستطيع القول وبكل ارتياح إن هذه الحرب على سورية، والتي تشرفنا بالوقوف في وجه الإرهاب الذي هدد العالم، هذه الحرب غيرت ليس فقط وجه العالم السياسي بل غيرت أيضاً وجه العالم الإعلامي، والإعلام بعد هذه الحرب لا يمكن أن يكون كما كان قبلها».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن