قضايا وآراء

رسالة «إس 300»

| محمود الصالح

يبدو أن الروس أصبحوا على قناعة أن اتفاق إدلب لن ينفذ، وأن الجيش العربي السوري والحلفاء ذاهبون إلى عملية عسكرية بعد منتصف الشهر القادم لاستعادة إدلب وريف حلب الغربي والشمالي ومن بعدها الجزيرة السورية.
هذه الحقيقة وصلت إليها القيادة الروسية انطلاقاً من ردود المجموعات التي تتواجد في إدلب وبشكل خاص «جبهة النصرة» التي تشكل القوة الحقيقية في المحافظة وتسيطر على أغلب الأراضي، وأعلنت رفضها تسليم السلاح للشرطة العسكرية الروسية والجيش التركي، وكذلك الانسحاب من المناطق التي نص الاتفاق على أن تكون منزوعة السلاح، وكذلك الحال بالنسبة لـ«الحزب التركستاني» الذي يشكل القوة المتقدمة لتنظيم داعش الإرهابي في إدلب، والذي يسيطر على مناطق مهمة وتتميز بجغرافيا صعبة تمكنه من المواجهة لأنه تدرب خلال السنوات الماضية فيها وأقام تحصينات قوية داخلها، وامتلك أسلحة نوعية تسلمها من فصائل التنظيم التي غادرت إدلب قبل عامين، وبالتالي فإن الأتراك لن يغامروا بجنودهم في معركة على الأرض يخسرون فيها الكثير، لأن من يعتمدون عليهم من الفصائل الإرهابية المتواجدة في إدلب ليست لديهم القدرة لمواجهة «النصرة« و«التركستاني» وبات من المؤكد أن الجيش العربي السوري هو من سيحسم المعركة ويبدأ تنفيذ الخطة العسكرية المقررة لإدلب.
هذه الحقيقة تجعل الولايات المتحدة الأميركية مضطرة إلى التدخل وتنفيذ وعودها بتنفيذ ضربات جوية من خلال الطيران أو من خلال الصواريخ بعيدة المدى من البوارج الحربية، ضد مواقع الجيش العربي السوري، أو ربما ستحاول منع الطيران السوري من تحقيق أهدافه في دك أماكن تواجد الإرهابيين في إدلب لأكثر من سبب، ربما أهمها تأخير تحقيق الانتصار على الإرهاب في إدلب وتحول الجيش العربي السوري إلى الجزيرة وإنهاء حالة التمرد لما يسمى «قوات سورية الديمقراطية – قسد» ومن خلالها، إجبار الأميركيين على الرحيل من شرق الفرات.
كل ذلك جاء بالتزامن مع إعلان المندوبة الأميركية في مجلس الأمن عن يقين الولايات المتحدة الأميركية على بقاء الرئيس بشار الأسد في الحكم، وهذا تحول كبير في الموقف الأميركي، واعتراف لا يحتمل اللبس بانتصار الجيش العربي السوري في محاربة الإرهاب.
لكن السؤال: هل أرادت روسيا من خلال إعلانها تسليم الجيش العربي السوري صواريخ الـ«س 300» إنزال الأميركي من فوق الشجرة وحفظ ماء الوجه؟ لتقول للرأي العام الأميركي ودافعي الفاتورة في الحرب على سورية من دول الخليج: إننا لن نذهب في مواجهة مع الروس في إدلب، خشية من تكرار نفس السيناريو لطائرة «ال 20»، بين الطيران والصواريخ الأميركية في حال شن هجوم على الجيش العربي السوري وبين الطيران والقواعد الروسية التي تغطي المنطقة المحيطة بإدلب.
يمكن أن تكون القيادة الروسية أصبحت على قناعة أنها بحاجة إلى قوة ردع بيد الجيش السوري تساعدها في أي مواجهة غير مباشرة سواء مع الكيان الصهيوني أم أي قوة في المنطقة تسعى إلى النيل من هيبة الروس.
الأكيد أن وصول صواريخ «س 300» إلى يد الجيش العربي السوري سيشكل حالة من الردع لكل من يفكر في مواجهة مع هذا الجيش، وكذلك سيعيد التوازن في المنطقة، ويبدو أن الروس أصبحوا على قناعة أن لهم مصلحة في ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن