قضايا وآراء

إس 300: تحول إستراتيجي لمصلحة دمشق

| ميسون يوسف

ظنت إسرائيل أن وضع الطائرة الروسية في مرمى صاروخ سوري وإسقاطها به سيؤدي إلى غضب روسي وتخل عن التزامات قطعت لمصلحة الدولة السورية في حربها الدفاعية على الإرهاب، ولهذا فعلت فعلتها وتسببت بإسقاط طائرة الإيل 20 وعلى متنها 15 ضابطاً وخبيراً روسياً من كبار الخبراء والقادة والعسكريين.
لكن روسيا التي تحترف العمل في الميدان كما في السياسة عرفت أن المناورة الإسرائيلية الخبيثة هي التي تسببت في الكارثة وأن ادعاء إسرائيل خلاف ذلك هو أمر مرفوض فكل اليقين عند روسيا قائم على فكرة لا نقاش فيها، وهي أن إسرائيل مسؤولة مسؤولية كاملة ومن دون شريك، عن سقوط الطائرة وقتل من كان عليها وكل كلام آخر مرفوض جملة وتفصيلاً، وأن روسيا ليست بوارد إضاعة الوقت في نقاش فارغ أو الاستماع إلى أدلة واهية حملها قائد سلاح الجوي في الكيان الصهيوني إلى روسيا، ولم يلتفت إليه أحد.
وبعد تحديد المسؤولية جاء وقت الرد، وكان على روسيا أن تختار رداً يوجع إسرائيل ويجعلها تندم على فعلتها الشنيعة. وطبعاً لم ينتظر عاقل أن يكون الرد الروسي بدائياً تقليدياً عبر إسقاط طائرة إسرائيلية يكون من شأنه أن يحول الانتباه عن الجريمة الإسرائيلية، بل يكون الرد من طبيعة إستراتيجية تمس مباشرة ما تدعيه إسرائيل من مصالح أمنية وعسكرية في الإقليم، وهكذا كان القرار الروسي الذي يحمل بشرى تزويد الجيش العربي السوري بمنظومة الدفاع الجوي المتطورة إس 300 مرفقاً بتدبير يقضي بإنشاء فضاء كهرومغناطيسي فوق الساحل السوري يشوش على الاتصالات بين الأقمار الصناعية والصواريخ والطائرات المعادية ويحدث ما يسمى العمى الإلكتروني على حد وصف الخبراء، وربط المراكز القيادية للدفاع الجوي الروسي بمنظومة تمييز صديق أو عدو لتكون فاعلة ضد كل الأهداف المعادية ولا تسمح بالتحليق في السماء السورية إلا للطائرات الصديقة أي السورية والروسية فقط.
هذه القرارات الروسية أحدثت انقلاباً إستراتيجياً في المشهد الميداني السوري، فأرعبت إسرائيل وأدخلتها في حال من الصدمة والذهول وعكس إعلامها الحالة البكائية تلك، ولم تبق أميركا بمنأى عن آثارها، ذهول مرده إلى علم الجميع بفعالية هذه التدابير وخطورة منظومة إس300 على الطائرات التي تعتدي على سورية. فسورية بعد امتلاك هذه الأسلحة ستكون قادرة على إغلاق أجوائها بشكل محكم، وتكون قادرة وبفعالية أكبر على حماية إنجازاتها في الحرب الدفاعية وتسريع تحقيق إنجازات جديدة في حربها على الإرهاب، وستعلم إسرائيل أنها شاءت شيئاً فحصدت عكسه وانقلب السحر على الساحر، وأضاعت الكثير مما أملت أن يبقى في يدها من قدرة على العدوان على سورية وحلفائها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن