عربي ودولي

تمام سلام يهدد باستقالة الحكومة إذا لم تكن منتجة وتجدد الاشتباكات في مخيم عين الحلوة…«أكوام النفايات» أزمة تخفي خلافاً سياسياً عميقاً ينذر بفراغ حكومي ودخول لبنان في نفق سياسي مظلم

 الوطن – وكالات : 

فصل جديد من فصول الأزمات السياسية والفراغ الرئاسي المتواصل منذ ما يقارب العام، يعيشه لبنان اليوم بعنوان جديد اسمه «أزمة الخدمات» و«أكوام النفايات» التي مثلت كما وصفها رئيس الحكومة تمام سلام «القشة التي قصمت ظهر البعير»، لتظهر إلى الشارع حجم الخلاف السياسي بين مكونات حكومة «تسيير الأعمال» الموجودة، التي لوح رئيسها سلام بفك وثاقها، ما يهدد بدخول نفق من الفراغ السياسي والشلل، قد لا يكون في المنطقة بوادر وفاق دولي يمكنها التدخل حينها للم الشمل اللبناني بطائف ثان أو دوحة جديدة فالحديث عن (س- س) أمر ما زال مبكراً.
ومن التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي خلافاً للقانون اللبناني الأمر الذي ترجم قطعاً جديداً لطريق العماد ميشال عون الطامح لملء فراغ كرسي الرئاسة، إلى غياب حالة الوفاق والتنسيق بين الفرقاء السياسيين في لبنان ابتداءً بالتعيينات الإدارية والعسكرية والأمنية وانتهاءً بأزمة النفايات التي فجرت الشارع اللبناني بتظاهرات ليل الأحد.
ومع استمرار هذه الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح على خلفية الأزمات في لبنان، عقد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام مؤتمراً صحفياً اعترف خلاله بأن المحاصصة السياسية تعطل لبنان، مهدداً بالاستقالة إذا لم تكن جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل منتجة، مؤكداً أنه ليس هناك عجائب ولا حلول ولا سحر لحل الأزمة القائمة في لبنان، ومحملاً كل القوى السياسية المسؤولية. وجاء كلام سلام خلال مؤتمر صحفي في السراي الحكومي بالتزامن مع الاحتجاجات الشعبية المتواصلة على الأداء الحكومي في ملف معالجة النفايات وأزمات البلد.
وبخصوص استقالته من منصبه بناء على مطالب المحتجين قال سلام: «إن إحراجي لإخراجي يمارس منذ زمن، وكنت سآخذ قراري منذ 3 أسابيع وما زال الخيار أمامي، وسأتكيف مع الموضوع وفق ما أراه مناسباً، وعندما أرى أن صبري بدأ يضر بالبلد سأتخذ القرار المناسب».
وأكد سلام أنه لا يزال حيادياً بموقعه السياسي بين كل الأطراف على الرغم من العرقلات التي مارستها قوى «دون أن يسميها»، معتبراً أن المحاصصة السياسية تعطل لبنان وأن التوافق في إدارة البلد لا يعني الشلل.
وأضاف: إن لبنان مقبل على استحقاقات مالية إن لم يمتثل لها فإنه قد يصنف من البلدان الفاشلة، داعياً إلى حلول جذرية وسريعة.
كما وعد رئيس الوزراء بإيجاد حل سريع لقضية تراكم النفايات باعتبارها قضية أخرجت المتظاهرين إلى شوارع بيروت، وذكر بهذا الخصوص أن «قصة النفايات» لم تكن سوى «القشة التي قصمت ظهر البعير»، فهناك «النفايات السياسية» الموجودة في البلاد.
بدوره أعلن رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط دعمه لموقف رئيس الوزراء «لناحية حتمية أن تكون جلسة مجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن منتجة، ذلك أن الاستمرار بسياسة التعطيل لم يعد مقبولاً تحت أي ذريعة وفي أي ظرف من الظروف».
ومن جانبه كلف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق فور عودته إلى بيروت أمس، المفتش العام لقوى الأمن الداخلي العميد جوزف كلاس بإجراء تحقيق حول ما جرى يوم السبت بين المتظاهرين وقوى الأمن الداخلي وغيرها من القوى العسكرية. وطلب المشنوق أن يكون التحقيق جاهزاً خلال 42 ساعة ويبنى على الشيء مقتضاه وفق القانون.
من جانب آخر أفادت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية بعودة الهدوء إلى ساحة رياض الصلح، وذلك بعد محاولات المتظاهرين فيها نزع الشريط الشائك الذي يفصلهم عن القوى الأمنية، وقيامهم برشق عناصر الشرطة بعبوات المياه. على حين لا يزال المعتصمون بالساحة، وأعدادهم لا تتجاوز العشرات، يطلقون هتافات تدعو رئيس الحكومة تمام سلام إلى الرحيل، وإسقاط النظام والثورة على الفساد الحكومي.
وكان نحو 30 شخصاً قد أصيبوا بجروح بعد أن استعملت قوات الأمن اللبنانية الغاز المسيل للدموع وأطلقت الرصاص المطاطي لتفريق المحتجين الذين خرجوا في بيروت مطالبين باستقالة الحكومة.
وأفاد مصدر طبي بأن «سيارات الإسعاف نقلت أكثر من 30 شخصاً حالة بعضهم خطرة»، وأضاف: «كما أصيب ضابط ورجلا شرطة».
وفي وقت سابق ذكرت صحيفة «النهار» اللبنانية أن العناصر الأمنية استخدمت القوة في وجه المتظاهرين الذين رددوا شعارات تطالب باستقالة الحكومة، وقرروا البقاء في ساحة «رياض الصلح» حتى إسقاط الحكومة على رغم الإجراءات الأمنية المشددة.
وسادت حال من الهرج والمرج في محيط ساحة الشهداء وساحة رياض الصلح، وكرر المتظاهرون رفضهم لما سموه «الأسلوب الميليشياوي» الذي ساد في التعامل.
وكان حشد لافت ملأ شوارع ساحة رياض الصلح محتجاً على أزمة النفايات، والتمديد لمجلس النواب، والفساد، وهتف المحتجون: «ثورة. ثورة. ثورة».
إلى ذلك تجددت صباح أمس الاشتباكات التي تدور بين عناصر من حركة فتح وما يسمى تنظيم «جند الشام» في مناطق عدة بمخيم عين الحلوة القريب من مدينة صيدا جنوب لبنان، وفق ما نقلت وكالة «سانا» للأنباء. وأفادت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام: «إن الاشتباكات شملت مناطق مفرق بستان القدس بالقرب من سنترال البراق والشارع الفوقاني داخل المخيم ما أدى إلى سقوط جريح نقل إلى مستشفى الهمشري في صيدا للمعالجة».
وتعرض حيا البعاصيري والنجاصة وساحة الشهداء في مدينة صيدا جنوب لبنان إلى رصاص قنص غزير على حين طال القنص النوافذ والطرقات والأبنية المقابلة لمخيم عين الحلوة قرب المدينة.
وذكرت الوكالة اللبنانية: «إنه وعلى الرغم من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والإعلان عن تهدئة في المخيم بقيت الاشتباكات متقطعة حتى ساعة متأخرة من ليل السبت تخللها إطلاق نار وقذائف صاروخية وإلقاء قنابل يدوية على حين أدى رصاص القنص إلى قطع معظم طرق المخيم».
ووفق مصادر طبية أسفرت الاشتباكات التي جرت ليل السبت عن سقوط 3 قتلى و20 جريحاً وصفت إصاباتهم بالحرجة توزعوا على مستشفيات صيدا والمخيم كما أدت إلى اندلاع حرائق في المنازل وتضرر في الممتلكات والسيارات وأجبرت العديد من سكان المخيم على النزوح باتجاه مدينة صيدا.
وطالت الاشتباكات الجيش اللبناني الموجود عند مداخل المخيم الذي رد على مصادر النيران وعمد إلى تعزيز قواته وإجراءاته الأمنية على حين طالت القذائف دوار الأميركان في مدينة صيدا حيث لم يبلغ عن وقوع إصابات كما طال رصاص القنص أيضاً أوتوستراد المدينة الشرقي ما دفع بالقوى الأمنية اللبنانية إلى إغلاقه لبعض الوقت وتحويل السير إلى الطريق البحرية القديمة تجنباً للمخاطر.
ويشار إلى أن الاتصالات السياسية اللبنانية الفلسطينية التي نجحت في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الجانبين مساء السبت لم تنجح في تثبيته وسحب المسلحين من الشوارع.
ومن جهته الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد أكد أن ما يشهده مخيم عين الحلوة يهدف إلى تفجير الأوضاع فيه وتدميره والإساءة إلى الأمن والاستقرار في صيدا والجنوب وفي لبنان عامة والقضاء على الدور الطليعي للمخيم في النضال الوطني الفلسطيني من أجل حق العودة وكل ذلك خدمة لمخططات العدو الصهيوني والجماعات الإرهابية ومن يقف وراءها من الأنظمة الإقليمية والرجعية العربية. ودعا سعد في بيان له القوى الأمنية والفصائل والفعاليات الفلسطينية للتصدي بحزم للجماعات الإرهابية التخريبية التي تعبث بأوضاع المخيم وتسعى إلى تفجير اقتتال دموي داخله ومع الجوار بهدف افتعال صراع فلسطيني فلسطيني وصراع لبناني فلسطيني.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن