ثقافة وفن

وجهة نظر

| د. اسكندر لوقــا

يسعى المرء دوماً ليكون له حضوره في مجتمعه أو حيث يقيم، وفي سبيل هذا الحضور قد يكون سعيه مناهضاً للشروط الواجب توافرها لديه، ولهذا الاعتبار نراه يتخطى، أحياناً، أدبيات الحديث، خصوصاً فيما لا علاقة له بمضمونه، وبذلك قد يستدعي حضوره تنامي مشاعر الابتعاد عنه من الآخرين، إن لم نقل تتنامي مشاعر العداء تجاهه إذا ما تجاوز حدودا معينة في حديثه معهم من حيث يدري ولا يدري.
من هنا كثيراً ما يجد أحد الناس نفسه منبوذاً في بيئته وحتى بين أهله. وحين يتساءل عن السبب ولا يدري لماذا أو لا يعثر على جواب، فإن مشكلته لا بد أن تزداد تعقيداً ولا يجد لها حلاً. وأحياناً يتهم من حوله بأنهم جهلة ولا يفهمونه لعلة في عقولهم، ويبقى مصراً على ألا يبحث عن السبب في ذاته قبل أن يدين الآخر.
هذه الخصلة لدى بعض الناس، عادة ما تشكل عائقاً في سياق العلاقات حتى بين الأهل أو الأصدقاء، حيث تلعب «الثرثرة» دوراً في إبعاد بعضهم عن بعض، ولاعتبارات قد لا يجد لها أحدنا سبباً موضوعياً لأنها تشكل جزءاً من شخصية غير مكتملة بما تتطلبه مواصفات الإنسان العاقل والمتزن، فيجعل من قدرته على قلب الحقائق سلاحاً بيده.
إن العديد من الحالات ينجم عن داعيات هذه الخصلة، خصلة الثرثرة المتأصلة في نفوس البعض، وفي مقدمها جعل الحق باطلاً والباطل حقاً، والنتيجة حصادها المرّ في كل الأحوال، ومن ثم، تفكك البيئة التي تحتضن مثل هذه العادة، إن لم يكن المجتمع بكل فئاته وشرائحه الضحية في نهاية المطاف.
ولهذا السبب، نرى في قول لابن خلدون، ما يستدعي أخذه بالحسبان في هذا المجال وذلك حين قال إن «المرء يُوزن بقوله ويُقوّم بعقله». ترى كم من الناس في مجتمعنا في الزمن الراهن، يُوزنون بأقوالهم ويُقوّمون بعقولهم؟
ليست عملية سهلة الإجابة عن سؤال كهذا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن