ثقافة وفن

هل يمكن الوثوق بعاطفة الإنترنت ؟!

| هبة الله الغلاييني

قالوا في الماضي (وقع في الحب من أول نظرة) هل انتهى الحب بهذه الطريقة، واستبدل بالحب الرقمي؟
وهل ينجح الحب عن طريق الإنترنت، أم هو مجرد تسلية بمشاعر الآخرين وبحث عن المتع فقط؟
وعلى الرغم من هذه المشاكل، وجدت دراسة علمية، أن شعبية وسائل التواصل الاجتماعي تزداد بشكل ملحوظ يوما بعد يوم، وأن عدد الأشخاص المرتبطين بعلاقات حب عبر الإنترنت يتزايد بشكل كبير، ويصل كثير من العلاقات إلى مرحلة الزواج وتكوين أسرة.
هل يمكن للحب أن يولد بين شخصين من خلال شاشة الكمبيوتر؟ وهل يمكن أن يكون حبا حقيقيا وصادقا؟ وهل تكتب له الحياة المديدة، كما هي الحال بالنسبة إلى الحب الذي يولد على أرض الواقع، أم إنه يولد مشوها أو ميتا بفعل تدخل التكنولوجيا في تكوينه؟
اختلفت الآراء والتصورات حول موضوع العلاقات العاطفية، التي تنشأ من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فهناك من يؤيد وهناك من يعارض، والسؤال هنا: هل يمكنك الوثوق بالعلاقات عبر الإنترنت؟ وإلى أي مدى يمكن تصديقها؟

علاقات غير صحيحة
يؤكد خبراء النفس، أن العلاقات التي تنشأ على مواقع التواصل الاجتماعي هي في الأغلب غير صحيحة، ومزيفة، فالعديد من الأشخاص يدلون بمعلومات خاطئة عن أنفسهم، فيما يتعلق بهويتهم وعمرهم ومستواهم الاجتماعي، الاقتصادي، والتعليمي، ويستعينون في الأغلب بأسماء وهمية، وكل ذلك بهدف تحقيق غايات ومكاسب بطرق غير مشروعة.
وكشفت دراسة حديثة أجراها أحد المواقع، وهو متخصص في شؤون الشباب البريطانيين، أن 40% من دعاوى الطلاق في بريطانيا، كانت ناتجة عن علاقات نشأت عبر مواقع التواصل الاجتماعي وباءت بالفشل.
ولكي تصبح العلاقة جدية، لابد لها أن تنتقل من شاشة الكمبيوتر إلى عالم الواقع.
وأثبتت هذه الدراسة أن كثيرا من الحالات كانت نهايتها النفور، والندم بمجرد حصول المقابلة المباشرة، على الرغم من أنهما كانا منسجمين على شاشة الكمبيوتر في الأسلوب والأفكار.
إن احتمال نجاح العلاقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي يتوقف على نوع المستخدمين، فإن تبادل شخصان أطراف الحديث، واكتشفا وجود اهتمامات مشتركة بسنهما، وآراء متشابهة تجمعهما، فإن ذلك يولد انسجاما عاطفيا، يمكن أن يؤدي إلى الارتباط. إذاً، فمسألة نجاح العلاقة واستمرارها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تتوقف على صدق الأشخاص المستخدمين لهذه المواقع، وعلى كيفية تقديمهم لأنفسهم، فإن قدم شخص معلومات غير صحيحة عن نفسه أو بالغ في صفاته فستنكشف الحقيقة حتما، ما إن تخرج العلاقة إلى النور، أما إذا كان صادقا، فإن العلاقة العاطفية ستكون على خير ما يرام.

حسنات التواصل عبر وسائل التواصل
١- التواصل مع الناس من دون مغادرة المنزل مريح جدا. حيث يمكن التعرف إلى شخص ما عن طريق البريد الإلكتروني، محادثات الماسنجر، الفيس بوك، وحتى تحديد موعد افتراضي إذا كان لديك كاميرا ويب. كل شيء يسير وفق ما يناسبك، كل ما عليك القيام به هو الاتصال بالإنترنت، يبدو ذلك شيئا مريحا جدا ومن السهل القيام به.
٢- غير مكلف ماديا، فالمتصفحون غير مضطرين إلى جلب الهدايا أو الجلوس في المقاهي، ما يجعل التكلفة المادية قليلة جدا، تتمثل في استهلاك الكهرباء أو باقات الإنترنت.
٣- هناك الكثير من قصص الحب عبر الإنترنت، والمعروفة أيضاً بحب السيبر، منذ دخول الإنترنت إلى كل بيت، أعطى هذا الظهور لوسائل التواصل الاجتماعي، فرصة جديدة إلى الملايين من الأشخاص الوحيدين للعثور على الحب، بطرق لم تكن موجودة من قبل.
٤- يمكن الحصول على الآخرين والتحدث معهم في أي مكان وزمان، معظم الناس يملكون بريداً إلكترونياً وإمكانية دخول الإنترنت، سواء كان ذلك في المنزل أو في العمل، فهم يقضون الكثير من الوقت على الإنترنت بهدف العمل، والمتعة، ولكن هناك أيضاً مجموعة كبيرة من الناس التي تعيش بالفعل على الإنترنت، فهم يقضون كل دقيقة من حياتهم ملتصقين بشاشة الكمبيوتر وهذا ما يطلق عليه إدمان.

عيوب التعارف
١- من أسباب الوقوع في الحب الحقيقي، هو الإعجاب إما بالشكل أو الأسلوب والتفكير، وهذا لا يتحقق في وسائل التواصل الاجتماعي، فمهما كان تصورك للشخص الذي تحادثه من كلامه وتعبيره، أو حتى صورته، أو اسمه، ففي كثير من الأحيان يكون الواقع مختلفا عن الحقيقة.
٢- يجب أن تتذكري أن الإنترنت مملوء بالأشخاص غير المسؤولين والمدمنين، الذين يستغلون هذه الوسيلة المرنة وهي لا تكلفهم الكثير من الجهد أو المال، ويمكن استغلال مثل هذه العلاقات للابتزاز، أو الوقوع في الخيانة والخداع.
٣- في الإنترنت، الاتصال والتفاعل يقتصران على الكلمات المطبوعة، ونبرة الصوت، والعواطف، والمظهر، والإيماءات والتعبير، وجميعها تعتمد على الخيال لبناء الصورة، وفهم حقيقة الشخص الآخر، وفي الأغلب تسقط هذه الصورة إذا تم الارتباط، ويتضح في كثير من الأحيان أن توقعات الطرفين لبعضهما ليس إلا ضربا من الخيال.

نصائح الخبراء
إذا كنت تعتقدين أنك تعيشين حالة حب عبر الإنترنت، فلابد من أن تتأني قليلا، وتتوخي بعض الحذر في التعاطي مع الأمر. وإليك بعض الإرشادات:
– من المهم الحفاظ على بعض السرية في العلاقة لإنجاحها والحفاظ عليها. إذ إن تناقل المعلومات بين عشرات الأصدقاء من شأنه أن يزيد الأمور تعقيدا، ما سيؤدي إلى خلق مشاكل تؤثر سلبا في علاقتك مع من تحبين.
– ينصحك الخبراء بعدم إضافة أفراد عائلة الشخص الآخر إلى قائمة الأصدقاء قبل التعرف إليهم شخصياً.
– لا يمكنك أن تتوقعي الكثير من مجرد إجراء محادثة عبر الإنترنت، لأنك سوف تخذلين في حال لم يعرك الشخص الآخر الاهتمام بعد فترة قصيرة.
– من المستحسن ألا تحملي صورك القديمة على صفحتك في مواقع التواصل الاجتماعي، لأنه سرعان ما سيكتشف الآخرون أنك ما عدت كما تبدين في الصور.
– عند بدء أي علاقة من المفيد الاطلاع على بعض المعلومات عن الشخص الآخر في مواقع عدة للتواصل الاجتماعي، والبحث عن معطيات تتعلق به من خلال الغوغل مثلا، أو أي وسائل بحث أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن