قضايا وآراء

«إس 300» والتحول الإستراتيجي

| تحسين الحلبي

يبدو أن تسليح روسيا الجيش العربي السوري بمنظومة صواريخ الدفاع الجوي من نوع «إس 300» وما يمكن أن يتبعها من أسلحة أخرى لسورية بدأ يحمل أبعاداً إستراتيجية واسعة على المنطقة وخصوصاً على إسرائيل فقد نشرت المجلة الإلكترونية «سياج الصفر» الشهيرة بتحليلاتها العسكرية مقالاً بقلم تايلير داردين في 30 أيلول الماضي يكشف فيه أن «تسليم روسيا لسورية هذه المنظومة سبب قلقاً متزايداً لواشنطن أكثر من تل أبيب. لأن إسرائيل لديها عدداً من طائرات «إف 35» وذكرت أنها استخدمتها لضرب سورية وسوف تتعرض لخطر الإصابة من هذه الصواريخ وهذا ما يشكل مخاطرة لواشنطن لأن إسرائيل لن يكون في مقدورها تغيير مسار الأحداث الآن وقد تقوم بمناورة يائسة لاختبار قدرتها».
ويضيف داردين: إن اليونان اشترت علناً من هذه المنظومة «إس300» واطلع عليها حلف الأطلسي والجيش الإسرائيلي لكنها قديمة ولم يتم تحديث المنظومة الإلكترونية الأكثر تطوراً فيها كما لم تتم صيانتها حتى الآن كما تقول المصادر اليونانية. لكن ما يقلق الغرب وإسرائيل هو أن أحداً من هذه الأطراف الغربية لا يعرف القدرات الفعلية للدفاعات الجوية السورية حين يتم ربطها بالنظام الإلكتروني الروسي المعروف باسم «سي3» لأنه «سر تحافظ عليه روسيا وسورية وحدهما».
ويذكر أن ضابطاً روسياً رفيع المستوى كان قد حذر أثناء عمليات الجيش السوري وسلاح الجو الروسي في معارك حلب وجوارها من استخدام أي طائرات «إف35» و«إف22» الأميركية الحديثة جداً واقترابها من مدى فعالية الأنظمة الروسية للدفاع الجوي لأن هذه الطائرات الأميركية قد تتعرض للإصابة.
ويذكر أن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو كان قد أعلن نصاً: «إن روسيا سوف تقوم بالتشويش على حركة الأقمار وعلى الرادارات وأنظمة الاتصالات لأي طائرة عسكرية تهاجم أهدافاً فوق الأراضي السورية وفي سواحل البحر الأبيض المتوسط المحاذية لسورية ونحن على قناعة بأن هذه الإجراءات سوف تبرد الرؤوس الحامية، وتمنع أعمالاً غير محسوبة تهدد قواتنا، ومن ناحية أخرى سوف نرد بشكل متفق مع الوضع الراهن. وإن الوحدات العسكرية السورية ودفاعاتها الجوية سوف يتم تجهيزها بأنظمة إدارة أوتوماتيكية وهي نفس التي زودت بها القوات المسلحة الروسية وهذا من شأنه أن يضمن إدارة مركزية لقوات الدفاع الجوي السورية برصد وضع الأجواء وتحديد الهدف بشكل فوري، وسوف يستخدم هذا النظام لتحديد هوية الطيران الروسي على يد قوات الدفاع الجوي السورية الصديقة».
ويستنتج داردين: إن «استخدام إسرائيل لأحدث الطائرات الأميركية «إف35» واحتمال إسقاطها سوف يلحق أكبر الأضرار التي لا يمكن تعويضها لمجمع الصناعات العسكرية الأميركية، ولهذا السبب كانت واشنطن وتل أبيب تطلبان بإلحاح من روسيا عدم تزويد الجيش العربي السوري بهذه المنظومة الأكثر تطوراً» ولهذا السبب أيضاً ثار غضب الجنرالات الأميركيين لموافقة روسيا على بيع الهند وتركيا منظومات الدفاع الجوي «إس400» فمثل هذه الأسلحة تكشف ضعف الأسلحة الجوية والصواريخ الأميركية التي تبيعها واشنطن لدول كثيرة»، ويرى داردين أن هذا الإخفاق الإسرائيلي الأميركي قد يدفع تل أبيب إلى المجازفة بسقوط طائرات «إف35» الإسرائيلية لابتزاز واشنطن ودفعها إلى مزيد من التدخل والتورط في هذا الموضوع. ويضيف: إن هناك واحداً من اثنين من السيناريوهات المحتملة في هذه الظروف الأول: «هو أن تندفع واشنطن إلى التدخل المباشر ضد روسيا وهو احتمال غير قابل للتفكير الآن وغير عملي أيضا. والسيناريو الثاني يثير قلقاً شديداً عند المخططين العسكريين وهو يتعلق بالخوف من أن تكون إمكانات طائرات «إف35» وأسرارها ضعيفة بعد مرور عشرات السنوات عليها».
ربما تشير هذه الاحتمالات إلى تحول إستراتيجي منذ هذا الوقت في قدرات الدفاع الجوي السورية بما يؤكد التغير المستمر لميزان القوى الإقليمي في المنطقة لمصلحة سورية وإيران في مواجهة أي عدو إقليمي مثل إسرائيل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن