قضايا وآراء

الأزمة والمأزومون… أجندات الفشل الأمريكي إلى أين…!؟

عبد السلام حجاب : 

لم تعد أجندات واشنطن لتصنيع وتغذية الأزمة في سورية قابلة للإخفاء أو لفائض من مصطلحات أو إجراءات مصلحية بقفازات إرهابية، بل إن الأطراف الضالعة التي خططت لها واشنطن الوظائف والأدوار في إطار حلف إرهابي لغرض مشروعها التقسيمي في سورية والمنطقة. تبدو اليوم غارقة أكثر في خانة المأزومين داخلياً وخارجياً على المستويين السياسي والعسكري.
وبحسب مراقبين فإن ذلك يتجلى بوضوح على مقلبين:
1- عدم قدرة واشنطن على الاعتراف بالفشل حيث التنافس الانتخابي الرئاسي يفرض شروطه على قاعدة صهيونية. والرهان على أجندات إرهابية تفضي إلى تقسيم سورية بداية ولاحقاً المنطقة لحساب «شرق أوسط جديد» أصبحت تعكس ضعفاً بالرؤية والحسابات وجهلاً بالحقائق الموضوعية على الأرض وكأن العالم لم يتغير؟.
2- تقدم مطرد لمصلحة المسار السياسي لحل الأزمة في سورية جوهره محاربة واجتثاث الإرهاب بكل أسمائه وأجنداته، يقرره السوريون، شعباً وجيشاً وقائداً من دون أي تدخل خارجي أو أجندات مخفية. وهو ما تعكسه الجهود الدبلوماسية والسياسية الحثيثة لكل من موسكو وطهران بالتنسيق والتعاون مع دمشق التي تحارب الإرهاب بالنيابة عن العالم. وتحظى حقائق مواقفها السياسية والميدانية بمساحة تزداد من التأييد الدولي، ليكون في مقدمة الموضوعات التي يبحثها وزير الخارجية الروسية لافروف مع نظيره الأمريكي كيري في لقائهما المرتقب على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك.
وعليه، فإنه يمكن قراءة مرتسمات مصارعة واشنطن لفشلها في تنفيذ مشروعها التقسيمي لسورية والمنطقة، القائم على تحويل سلاح الإرهاب إلى منصة أجندات سياسية، وذلك من خلال مراقبة التوجهات السياسية الأمريكية في عدة اتجاهات من بينها.
1- مناورة سياسية بالمواقف وعلى الأرض تضغط واشنطن بموجبها، وفقاً لمعايير مزدوجة على الخاصرة الروسية في أوكرانيا، بهدف إضعاف مواقف القيادة الروسية وإعاقة حركتها السياسية والدبلوماسية النشطة بالدفاع عن مرتكزات الحل السياسي للأزمة في سورية ومبادئ وقرارات الأمم المتحدة.
2- تنويع الضغوط السياسية على طهران في داخل أمريكا وخارجها بقصد تفريغ الاتفاق النووي مع إيران من مآلاته السياسية ومكاسب الشعب الإيراني وانعكاساته الإيجابية على سورية ومحور المقاومة والأصدقاء، ولا شك بأن إيران تلاقي تلك الضغوط بإطلاق صواريخ باليستية.
3- تظهير سياسي وعسكري مفضوح لوظيفة ودور الكيان الإسرائيلي ضد سورية وبوصلتها الفلسطينية وذلك بعدم الاكتفاء بتقديم الدعم التسليحي واللوجستي للجماعات الإرهابية المسلحة والتنسيق مع النظام الأردني في مقر موك الاستخباري. بل تدعمها باعتداءات مباشرة تستهدف مواقع مدنية وعسكرية سورية على مقربة من الشريط الشائك موقعة ضحايا من المدنيين، ما يمكن اعتباره مؤشراً نارياً يشي بجملة أغراض سياسية لاحقة للدور الإسرائيلي وأجندته في مشروع واشنطن التقسيمي.
4- تصعيد سياسي وميداني مبرمج ينفذه العثماني السفاح أردوغان وحكام بني سعود، ومشيخة قطر والنظام في الأردن بزيادة دعم الجماعات الإرهابية بالسلاح والمال والمرتزقة والدفع باتجاه إحداث ضغوط ميدانية على الجيش والشعب السوري تخفي أجندات سياسية تستهدف وحدة الجغرافيا السورية والسيادة الوطنية، لتلافي ما أصاب تلك الأجندات وأصحابها وأدواتهم الإرهابية من خسائر وإحباط وفشل قاتل على غير صعيد.
وليس بعيداً، فإن الفشل الذي تحاول واشنطن مداراته وعدم الاعتراف به، يكشف طبيعة أهدافها الجيواستراتيجية في سورية والمنطقة وهي أهداف يفضحها تعطيل واشنطن لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه ومصادر تمويله ولاسيما القرارات 2170 و2178 و2199. وما يرافق ذلك من انصياع سياسي غير مبرر للسطوة الأميركية يقدمه المبعوث الدولي دي ميستورا بحيث يتحول إلى مهادن لازدواجية المعايير الأميركية عكستها تصريحاته التي تفتح للإرهابيين مشروعية باطلة على طاولته التي باتت الشكوك وعدم المصداقية تشكل القوائم التي تستند إليها، ما جعل وزير الخارجية وليد المعلم يبدي استغرابه من تحول دي ميستورا إلى مصدِّر بيانات معتمدة على الدعاية والمعلومات المغلوطة.
في ضوء ذلك فإن أحداً لا يفتري على دي ميستورا، المبعوث الدولي عندما يضع بيض رهاناته في سلة لا تشكل محاربة الإرهاب بنداً أول فيها، وجوهراً لتحركه السياسي على المسار السوري لحل الأزمة، ما يعني استنتاجاً أن لجانه لن يعدو كونها استهلاكاً للوقت لا أكثر حتى تشرين أول القادم، ويعني أيضاً توفير تغطية سياسية لواشنطن لجهة تعطيل قرارات مجلس الأمن ولممارسة أدوار إضافية سياسية وغير سياسية، كما يقوم الكيان الإسرائيلي لأطول فترة ممكنة. كما يعني، ثالثاً: أن المأزومين من حلف الإرهاب ضد سورية وقائدها سوف يجدون ضالتهم للاستثمار في لجان دي ميستورا والتهرب من مسؤولياتهم تجاه القرارات الدولية الملزمة، ومواصلة الرهان على الإرهاب، بحيث يصبح التساؤل ملحاً حول مصداقية دي ميستورا ومحادثاته في دمشق وطهران وموسكو وتصريحاته فيما يتعلق بالحل السياسي في سورية وفقاً لإرادة السوريين وقرارهم بقيادة سورية وكيف ولماذا ابتعد عنها وهو يعلم جيداً أن محاربة الإرهاب أولوية لا تتقدمها بنود أخرى. إلا إذا كان دي ميستورا اختار موقعاً آخر أو أنه يلجأ إلى درء ضرر خاص قد يلحق به بالضرر العام وإن أصاب سورية وسيادتها الوطنية.
لا شك بأن بوغدانوف الناطق باسم الرئيس الروسي لا يتحدث من فراغ حين يعلن بأن اقتراح الرئيس بوتين بتشكيل تحالف إقليمي ودولي لمحاربة الإرهاب بالتعاون والتنسيق مع سورية، يحظى بتأييد تتسع دائرته، وأن العمل جار باتجاه جنيف 3 وأن لقاءات موسكو التشاورية بنسختيها الأولى والثانية وقد تنعقد الثالثة، تشكل أرضية للقاء السوريين بمن فيهم أطياف المعارضة من دون شروط مسبقة وبعيداً عن أي تدخل خارجي مع الاعتبار لجملة المتغيرات السياسية والميدانية التي حصلت بعد انعقاد مؤتمر جنيف 1 بغياب سورية.
ولتذكير من ينسى أو يراهن على المجهول فإن السوريين بقيادة الرئيس بشار الأسد، يسطرون بصمودهم وشجاعة قواتهم المسلحة ملاحم انتصار لا تكسرها الرهانات ولا تحد من قدراتها أكاذيب باطلة واثقين من نصر يرفع رايته جميع السوريين الأوفياء في كل بقعة من الجغرافيا السورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن