قضايا وآراء

أن نخلع أسنان نتنياهو

| نبيه البرجي

تذكرون كيف انتهى مناحيم بيغن ملتفاً ببطانية الصوف، وقد أطلق لحيته، يائساً، بائساً، كما متسكعي الأرصفة في المدن المحطمة.
تذكرون كيف انتهى آرييل شارون، وقد قالت أمه، وكانت تقوم بتهريب السلاح على عربة الحطب، إلى عصابات الهاغاناه، إن الرؤية هبطت عليها وبشّرتها بأن ابنها سيتوج ملكاً على إسرائيل، بل ملكاً على «أرض الميعاد»، من النيل إلى الفرات. الغيبوبة امتدت حتى تعفّن ما بقي من دماغه.
تذكرون كيف انتهى ايهود أولمرت، وقد حاول أن يتخطى، بالإيقاع الهمجي ذاته، من سبقوه في رئاسة الحكومة. ظهر كأي لص وضيع وراء القضبان، وهو يتناول طبق الحساء، بعدما تقاضى رشوة مليون شيكل في مشروع «الهولي لاند».
أما وأن أسنان بنيامين نتنياهو تتساقط واحداً واحداً، لا بد من التساؤل عن نهاية هذا اللاعب الذي اشتكى من أن غيابه يعني زوال الرجال الكبار في إسرائيل، ما ستكون له تداعياته الكارثية على السياسات والإستراتيجيات الإسرائيلية المستقبلية.
إنه رجل الحلقات المفرغة. لوثة الدم، وهي لوثة النار، هاجسه المقدس. كل سيناريوهات الحرب التي وضعها آلت إلى التلاشي. ركام من الصدمات السيكولوجية، ولاسيما في سورية بعدما التقى من التقى من القادة، والمسؤولين، الإقليميين، لبلورة معادلات، وعلاقات، جديدة على امتداد المنطقة.
ندرك إلى أي مدى توثقت علاقاته مع دول عربية لم تكتف بأن تفتح له أجواءها، وحتى قواعدها، بل إنها تعهدت بالتغطية المالية، والإعلامية، وحتى الايديولوجية، لأي عملية عسكرية كبرى.
يوماً ما، لا بد أن يرفع الستار عن كل الخفايا «الفضائح» التي تظهر الأهوال حول التواطؤ العربي ضد سورية، وأهل سورية.
في إحدى الحقب، كان الخط الساخن «شغّالاً» على مدار الساعة بين بنيامين نتنياهو ومسؤول عربي كبير لطالما حلم، ولا يزال يحلم بأن يتوج، بالأيدي الإسرائيلية، «ملك ملوك العرب».
لاحظتم صدمة أفيغدور ليبرمان، وكنا قد توقعناها بعدما عمدت القيادة السورية إلى إقفال الأبواب الأخيرة في وجه الرياح الصفراء. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، وقد تحوّل إلى مهرج في تصريحاته الأخيرة، وما قبل الأخيرة.
ثمة ضابط سابق صديق له أبدى استغرابه كيف بات أدرعي يفكر بـ«عقل الحشرات».
هذا لا يعني أن الثعبان سيعود إلى القمقم بعدما اكتشف، وهو ينشط على كل الجبهات، لحصار سورية، أنه بات داخل الحصار.
ما كتب أميركياً حول «صفقة القرن»، بالتنسيق التخطيطي والعملاني، بين واشنطن وتل أبيب وإحدى العواصم العربية، يظهر مدى قناعته بأن دمشق البوابة الكبرى إلى الصفقة الكبرى.
حتى إن معلقين غربيين ليسوا بعيدين عن اللوبي اليهودي هالهم الرقص مع الهباء. لاحظوا أن «ديبلوماسية الدهاليز» أظهرت أن كل الذين أمضوا ساعات طويلة، أياماً طويلة، في صياغة الخيارات، إنما كانوا يفاجؤون في كل مرة، بأنهم يلعبون في قعر الزجاجة. بانورامياً، لا شيء سوى اللعب في قعر الزجاجة.
الرؤوس الخشبية التي طالما ارتطمت بالحائط، لن تتوانى عن البحث حول أي ثغرة في أي مكان آخر. أفيغدور ليبرمان يكاد يلتقي يومياً أركان المؤسسة العسكرية، كما أركان المؤسسة الأمنية.
أن نخلع بأيدينا أسنان بنيامين نتنياهو. ماذا عن أسنان الذين احترفوا التواطؤ، الذين احترفوا العار؟
في أكثر من عاصمة عربية، نقاشات عاصفة حيناً، عميقة حيناً آخر، حول «العودة إلى سورية»، حول العودة إلى الدور السوري، إذا كان للعقل السياسي أن يعمل ضد التدهور الذي يدفع بالمنطقة إلى ما هو أشد هولاً من الهاوية.
قريباً، تتناهى إليكم النتائج. التفاعلات بين المواقف بلغت نقطة محورية. من دون سورية، لا أفق، لا مستقبل، للأمة، وقد آن الأوان لتخرج من دبلوماسية الدهاليز، من إستراتيجية الدهاليز!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن