الأولى

مستنقعات الخوف… مستنقعات العار

| نبيه البرجي

كل الذين تواطؤوا ضد سورية، لقد فعلوا ما لا تفعله الأبالسة، أما هم ففي مستنقعات الخوف، أو في مستنقعات الذل، أو في مستنقعات العار…
أي قامات، أي مقامات، الآن، تلك التي تطأطئ رؤوسها في حضرة… تاجر البندقية؟
كتبنا «الفضيحة ذات الأجراس»، على غرار الأفعى ذات الأجراس، إلى أين أنتم ذاهبون بعدما تبعثرت حجارة الشطرنج، وتقطّعت بها السبل؟
وزير خارجية خليجي قال «لم نعد نقبل أن يجرنا أي كان، مهما أرغى وأزبد، إلى جهنم. منذ البداية، حاولنا تذكيرهم بأن سورية التي لا تنكسر، لن تنكسر. هي محور التوازن في المنطقة. إذا حدث فيها أي اختلال فلا بد أن تميد بنا الأرض. يسقط من يسقط، ويتحطم من يتحطم».
«في تلك الأيام المجنونة، الساعات المجنونة، لم يكونوا جاهزين للإصغاء لأي صوت آخر، لأي رأي آخر. كانوا ينثرون المليارات على كل أفّاكي الدنيا، على تلك الحثالة الإيديولوجية، من أجل من ومن أجل ماذا؟ قهقهات الحاخامات كانت تتناهى إلينا من داخل القاعات، القاعات نفسها المرصعة بالمرمر».
سأل «أي جامعة عربية من دون سورية؟ منذ البداية، كان جلياً أن كل ما يحصل يرمي إلى تهريب صفقة بين الثقوب، غالباً ثقوب الدم، قبل أن يحكى عن صفقة القرن. يفترض أن تتفكك سورية، وهي خط الدفاع الأول عن قضايا العرب، وأن تنشغل بجراحها، تماماً وفق النظرية الكيسنجرية، لتتويج بنيامين نتنياهو، أو أي حاخام آخر، ملكاً على الشرق الأوسط».
الوزير الخليجي الذي أثار غضبه كلام دونالد ترامب أضاف «ليقولوا لنا ماذا جنت أيديهم مما فعلت أيديهم. ها إن الرئيس الأميركي يصفهم بالأرانب البشرية المذعورة. قال ما قاله لأنه لا يرى فيهم، وفينا، سوى الهنود الحمر الذين لا مكان لهم إلا في العراء، ممّ يشكو… السيد الهباء؟
وقال «ما ردده دونالد ترامب هزّ عظامنا، ثمة تفاعلات درامية تحدث الآن. قريباً، نرى ما هو أعظم. ولقد اعتقدت وما زلت عند اعتقادي أن ما حدث في سورية، بالأحرى ما تمت برمجته في سورية، وما جرى تنفيذه، هو الذي مضى بنا إلى المتاهة، المتاهة الكبرى».
أكثر من دولة خليجية بادرت إلى تقييم ما حدث وما يحدث. لدى مسؤولين كبار (وقرارهم عدم السكوت بعد الآن)، قناعة بأن كل ما فعله العرب على الأرض السورية إنما أتى بنتائج كارثية على العرب. ليس هذا فحسب، الأصوات التي بدأت تعلو خلصت إلى «أننا كنا نرقص، من دون ورقة التوت، في الحلبة الإسرائيلية».
بعد الذي فعله دونالد ترامب، وبمؤازرة إعلامية وسياسية، من جهات عربية مؤثرة، باتت الصورة واضحة تماماً. الأنظمة نفسها أمام الحائط (أم أمام حبل المشنقة؟). هزات متلاحقة داخل «الدولة العميقة».
الرهان كان صارخاً على قيام إسرائيل، إن في سورية أم في غير سورية، بعمليات عسكرية تفضي إلى انقلاب في المسار الإستراتيجي للمشهد الإقليمي. ما حدث أدى إلى سقوط الرهان وتبعثر أصحاب الرهان.
لا مجال لأي كلام (مرصّع) أن يمحو الانعكاسات السياسية والشعبية لما تفوه به دونالد ترامب. الوزير الخليجي نفسه يؤكد «أننا أبلغنا من يفترض إبلاغه في مجلس التعاون بأن من المستحيل أن نذهب أكثر مما ذهبنا إليه في محاكاة السياسات الأميركية لأنها تؤدي إلى خرابنا جميعاً».
وقال «أن نقف إلى جانب دمشق، عند هذه المنعطفات التاريخية، يعني أن نقف إلى جانب الوجود العربي كبديل عن الاندثار، إلى جانب القضية العربية كبديل عن التصدع. دونالد ترامب قال ما قاله، يفترض بنا أن نقول ما ينبغي أن نقوله».
ختم «لن نكون القهرمانات في حضرة… القهرمانات»!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن