ثقافة وفن

معرض فني جماعي دعماً للجمعية السورية لأمراض الثدي … الفن التشكيلي في خدمة الغايات الإنسانية

| سوسن صيداوي

نقطة سوداء ثم تنتشر لتأكل جزءاً وبعدها كل الأجزاء، هذه النقطة تثير الرعب في النفس، فكيف لا وهي خلية المرض الخبيث. إنه يعيش في سكون مطلق، وبعدها في ليلة وضحاها يعلن عن نفسه، السرطان، في الآونة الأخير يُلاحظ تزايد إصاباته في سورية، إذ تشكل الإصابة بسرطان الثدي -على التحديد- ثلث السرطانات التي تصيب السيدات في سورية وتم تسجيل أكثر من 1200 إصابة في مركز الطب النووي التابع لجامعة دمشق/2005. كما أثبتت الأبحاث والدراسات أن الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي جراء الفحص الدوري قد زاد من نسبة الشفاء والنجاة لدى المصابات. ودعما للجمعية السورية لأمراض الثدي، شارك 23 فناناً من التشكيليين السوريين في المعرض الجماعي الذي استضافته صالة تجليات، مع الإشارة إلى أن ريع المعرض- المتضمن35عملاً- يذهب كاملاً لمصلحة مشروع إنشاء مركز صحي جديد للجمعية، وإليكم المزيد.

الغاية نبيلة
خلال افتتاح المعرض شدد معاون وزير الثقافة المهندس علي المبيض في حديثه على أهمية معارض كهذه لكون الغاية تزيد من نبلها متحدثاً «بشكل عام ترعى وزارة الثقافة إقامة هذه النوعية من المعارض، وهذا من ضمن مهامها لكون الفن التشكيلي أحد صنوف الثقافة التي تسعى الوزارة لنشرها ورفع المستوى البصري والسمعي والذائقة الفنية لدى الجمهور السوري، ولكن تزداد أهميتها-للمعارض-عندما يكون هدفها وغايتها نبيلة، كالغاية التي أقيم فيها هذا المعرض لدعم مرضى السرطان ودعم الجمعية التي تسعى للعناية بمرضى السرطان. ولابد من الإشارة إلى أن ما يلاحظ في الآونة الأخيرة هو تزايد عدد المرضى الذين يعانون مرض السرطان بشكل جدّ كبير، وأصبح قضية ملحة الاهتمام بهؤلاء المرضى ورعايتهم ودعمهم نفسيا ومعنويا وماديا.. إلخ، لذلك أنا أرى أن هذا ليس واجب مؤسسات رسمية أو جهات حكومية فقط، بل هو مسؤولية مشتركة، مسؤولية جماعات وجمعيات وأفراد ومؤسسات خاصة ورسمية. والمعرض يأتي ضمن هذا السياق، إذاً التشاركية مطلوبة بل ملحة خاصة بعد الأزمة التي مرّ بها الوطـن لإعادة هذا التكافل الاجتماعي الذي يجسّده هدف المعرض من حيث بيع اللوحات لمصلحة مرضى السرطان. لذلك إن إقامة المعرض من واجبنا، وأهميته تزداد لأن له غاية أخرى نبيلة».

مشاركة فنان
من جانبه أعرب الفنان التشكيلي وليد الآغا عن ضرورة معارض كهذه وضرورة التشاركية لإبراز الدور الإنساني والعميق الأثر في بناء الشعوب عبر الفن قائلاً «لاشك أن وظائف الفن متعددة وهي ليست فقط جمالية وتربوية ونفسية، بل هناك أيضاً وظيفة أساسية هي تنمية الوعي عند المجتمع، وهذه إحدى أهم الإيجابيات، ومن المعروف أن الفن في كل المجتمعات والبلدان يشكل حالة من الوعي، من أجل بث روح النضال وروح التضحية، وبالنسبة لهذا المعرض ومشاركتنا به كفنانين تشكيلين، أنا أعتبر أن هذا أقل واجب نقدمه كي نؤكد أن الفن قادر على المساهمة بشكل أو بآخر في خدمة المجتمع وهذه من الوظائف الواضحة للفن. وأحب أن أضيف إن الكثير من الفنانين التشكيليين السوريين كانت لديهم الرغبة واللهفة للمشاركة في هذا المعرض، لأنه يخدم قضية إنسانية وتمنّوا حقا الحضور في هذه الحملة، وهذا الأمر يبعث في النفس الغبطة والتفاؤل لأن الزملاء لديهم هذا الحس العالي بالمسؤولية».

مشاركة فنانة
من الأعمال المشاركة في المعرض لوحة للفنانة التشكيلية أسماء فيومي التي أشارت إلى مشاركاتها بشكل دائم وإلى أنها تشعر بالحزن إذ لم يتم تبليغها بكون المشاركة واجبة على كل فنان في خدمة العمل الإنساني المجتمعي فتقول «المعرض مهم وبادرة جميلة من الفنانين للمشاركة الخيرية، وفي الحقيقة هذه ليست مشاركتي الأولى بمثل هذه المعارض، فأنا أشارك بالحملات التي تخص مرضى سرطان الأطفال من أربع سنوات، وأنا حريصة على المشاركة وأشعر بالحزن لعدم تبليغي، فهذه المشاركة تعبّر عن طريقتي كفنانة تشكيلية عبر اللوحة والألوان، والكشف المبكر عن مرض سرطان الثدي مهم جدا ونحن بسورية متقدمون في هذا المجال من حيث التقنيات الموجودة، وأحب أن أشير إلى أن المرض في ازدياد في الآونة الأخيرة في كل العالم، ولكن ما اكتشفته أن كل مصاب بالسرطان هو شخص قوي بل قوي جداً، بل يسعى ويناضل ويكافح في مصارعة المرض والقضاء عليه. أما بالنسبة لدور الفن فدوره فعال في كل المجالات سواء أكانت سياسية أم اجتماعية أو أخلاقية، وحتى فيما يتعلق في الطفولة، فالفن برأيي هو الطريق الوحيد كي تخلق إنساناً نظيفاً وصافياً، فالشعوب التي تسمع الموسيقا الراقية والهادئة هي شعوب ذواقة، كذلك الأمر بالنسبة إلى عين الإنسان التي ترى اللوحة والألوان من دون أي شوائب بصرية ملوثة، لذلك علينا الآن أن نرعى الفنون لتساهم برقي مجتمعنا الجديد».

الحملة شاملة سورية كلها
بدورها أوضحت سامية الكنج نائب رئيسة جمعية سرطان الثدي أن الفن هو داعم أساسي لخدمة القضايا الإنسانية وهو قادر على توصيل أي فكرة للناس ليشاهدوها بطريقة أفضل وبطريقة أقل جوعا وألما، وتتابع «الجميع ساعدنا لتوصيل أفكارنا ودعمنا، والفنانون العشرون كانوا متعاونين كثيرا وداعمين لحملتنا، وهذا كله بهدف دعم كل السيدات للكشف المبكر عن سرطان الثدي وحماية السيدات وأسرتهم.
وعن ضرورة الكشف المبكر وأهميته تتابع «أنا دائما أسأل في مراكز التصوير وأستفسر حول قدوم حالات من السيدات للكشف المبكر، فيكون الجواب أن الكشف يكون بعد الإصابة، وهذا الأمر مؤسف لهذا نحن نهتم بأن يكون الكشف مبكرا وقبل الإصابة كي يتم تدارك المرض بسرعة، ولهذا هذه المرة الحملة شاملة سورية كلها وهناك عيادات ومراكز لشهر كامل في العيادات العامة والخاصة، ونتمنى أن يصل صوتنا أكثر وأن تتشجع كل السيدات لإجراء الفحص اللازم».

حملة التوعية لشهر كامل
من جانبها أشارت عضو غرفة تجارة دمشق وسيدة اﻷعمال سونيا خانجي إلى أن التشبيك ضروري بين جميع القطاعات، بين لجنة الكشف المبكر للسرطان وغرفة تجارة دمشق وصالة تجليات، الأمر الذي يعطي الهدف الأساسي الذي تسعى الجمعية إلى تحقيقه الكثير من الغنى والتوسع، وتضيف «نحن منذ نحو أحد عشر عاما نعمل على حملات الكشف المبكر لسرطان الثدي، واستطعنا أن نقدم جهاز الماموغرام إلى المركز الطبي لغرفة تجارة دمشق في منطقة المهاجرين، حيث ساعد الكثير من السيدات على الكشف المبكر للمرض، بسعر رمزي وبإشرف أطباء سوريين مميزين.
أما عن التعاون مع الفنانين كنت طلبت من مجلس غرفة تجارة دمشق أن نقوم بهذا المعرض، فبادر الفنانون إلى تقديم أعمالهم ليكون ريعها للحملة، وحتى صالة تجليات قدمت الدعم الكامل ولم تأخذ أي مقابل مادي، وفي النهاية نتمنى بريع المعرض أن نتمكن من شراء جهاز موموغرام متنقل ليساعد الكثير من السيدات السوريات على الكشف المبكر عن سرطان الثدي».

الفنان الداعم الأكبر
من جهته بين عمار حسن الناقد التشكيلي والمسؤول الإعلامي لصالة تجليات، أن الأخيرة تدعم دائما النشاطات المجتمعية وهذه ليست المرة الأولى «لقد قمنا بدعوة الفنانين ليقدموا أعمالهم لأجل بيعها، والأمر المفرح أن هناك عددا من الأعمال بيعت بأسعار جيدة لمصلحة الجمعية، والفضل الأكبر للفنان الداعم الأكبر والمساند بنشاطات إنسانية مجتمعية كهذه، وعبر المشاركة يعبر عن أن أعماله ليست فقط للعرض وللتمتع بمنظرها أو لمردودها المادي، بل هي أيضاً تشكل جزءاً من هدف الفنان وغايته لخدمة قضايا مجتمعه ودعمه، وأخيراً الفنانون العشرون المشاركون هم من أهم الأسماء في سورية، هذا والصالة ساهمت عبر تقديمها المكان والإعلانات بالمجان، وأيضاً قدمت عدداً من اللوحات لدعم الحملة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن