قضايا وآراء

إسرائيل وخاشقجي

| تحسين الحلبي

تحت عنوان: جمال خاشقجي والمسألة اليهودية نشر هيرب كاينون وهو أحد كبار رجال الأبحاث الإسرائيليين في صحيفة «جروزاليم بوست» تحليلاً في 12 تشرين الأول الجاري استشهد فيه بما ذكره نائب رئيس معهد «جروزاليم للدراسات الاستراتيجية» حالياً والنائب السابق لرئيس «مجلس الأمن القومي الإسرائيلي» عيران ليرمان حين قال: «من المؤكد أنه ليس من مصلحة إسرائيل أن تتقلص مكانة السعودية عند واشنطن».
وبالمقابل يرى كاينون أن الصورة التي تظهر الآن في قضية اختفاء ومقتل خاشقجي تدل على أن العلاقات الأميركية السعودية مرشحة لأزمة ما، ويضيف: «لكن هذه الأزمة المقبلة لم تبدأ بهذا الحدث بل بدأت في شهر آب الماضي حين طردت السعودية السفير الكندي وجمدت الصفقات التجارية الجديدة مع كندا في أعقاب انتقاد كندا للسعودية بسبب خرقها لحقوق الإنسان، ففي ذلك الوقت ارتفعت أصوات أميركية تشكك بقدرة محمد بن سلمان على أن يكون «زعيماً حقيقياً»، وجاءت فضيحة خاشقجي لتعزز هذا الاتجاه، وهذا ما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» بالخط العريض أن «اختفاء خاشقجي يعرض مراهنة كوشنير على محمد بن سلمان لخطر الزوال»، فقد استثمر جاريد كوشنير صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب جهوداً وتوصيات كثيرة لتعزيز مكانة ابن سلمان في إدارة ترامب وفي إسرائيل بموجب ما تراه الصحيفة الأميركية.
ويضيف كاينون إنه بحسب معلوماته أصبح موقع السعودية في واشنطن «يتعرض للخطر» وهذا ما ذكره الأربعاء الماضي عضو لجنة العلاقات الخارجية الأميركية في الكونغرس بوب كوركر وهو من الجمهوريين، الأربعاء الماضي قائلاً: «إن الرأي في الكونغرس حول المملكة السعودية وصل إلى الحضيض»، فهذه اللجنة بدأت تتعامل مع قضية خاشقجي بموجب مادة «ماغنيتسكي» الدستورية لتجبر إدارة ترامب على تقديم تقرير للكونغرس خلال 120 يوماً بشأن ما حدث له وبشأن قرار بمعاقبة المسؤولين عما جرى له.
وبالمقابل شعرت إسرائيل بخطر أن تستغل إيران هذه القضية «لدق إسفين بين الغرب والسعودية» على حد قول مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية السابق ومستشار رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، سابقاً دوري غولد، الذي يرى أن كل ما «يزيد من قدرة إيران يحمل السوء لإسرائيل وكلما ضعفت العائلة المالكة السعودية تتعزز قوة إيران» ويضيف إن «أنقرة ستستغل الوضع أيضاً وستعزز دورها خصوصاً لأن السعودية لم تقف ضد الأكراد وطموحاتهم مطلقاً». يقول ليرمان إن الرياض كانت وما زالت تعتمد على إسناد واشنطن لها ضد إيران وهذا الموقف كان من مصلحة إسرائيل وإذا ما ساءت العلاقة بين واشنطن والرياض وتأثرت سلبياً بقصة اختفاء خاشقجي فإسرائيل ستكون خاسرة.
ومع ذلك ثمة من يعتقد أن وقوع أزمة بين واشنطن والرياض سيظل في حدود السلبية التكتيكية وليس الاستراتيجية، فالمصالح الأميركية مع الرياض ستظل مستمرة وإذا ما لاحظت العائلة المالكة السعودية وجود قسوة في تعامل واشنطن معها فربما تتجه نحو الاستعانة بالدور الإسرائيلي المتنفذ داخل واشنطن وفي إدارة ترامب وبهذه الطريقة سيزداد عدد من يسعى إلى ابتزاز العائلة المالكة السعودية في قضية خاشقجي، فأنقرة صاحبة مصلحة كبيرة بابتزاز أموال سعودية لأن الأحداث وقعت في أراضيها.
وبالمقابل سيعد ترامب قائمة مالية يبتز فيها العائلة المالكة لكي يتجنب تعريض المستقبل السياسي لابن سلمان للضعف بسبب دوره في هذه الجريمة.
بعد واشنطن سيعد نتنياهو نفسه لكي يحافظ على استمرار العلاقة القوية بين ترامب وابن سلمان لأن ذلك سيزيل الأضرار التي ستلحق بإسرائيل إذا ما ضعف دور السعودية في المنطقة.
وفي هذا الإطار الإسرائيلي يرى ليرمان أن السيناريو المقبل للدور الإسرائيلي سيظهر حين تبدأ المنظمات اليهودية الأميركية كلها بالعمل والضغط داخل الكونغرس من أجل المصلحة السعودية، وربما يؤدي ذلك إلى تزايد التقارب السعودي مع إسرائيل. ويضيف ليرمان: حين تنجح إسرائيل بتحقيق النتيجة المطلوبة «ستساهم بتخفيض الأعمال المتهورة التي اعتاد ابن سلمان القيام بها من دون حساب لنتائجها».
وهذا يعني أن القيادة الإسرائيلية تعد نفسها لزيادة تدخلها في شؤون العائلة المالكة لحماية مصالحها هي، أي إسرائيل، وليس لحماية مصالح هذه العائلة! وهذا هو أحد السيناريوهات المرشحة في قضية خاشقجي!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن