سورية

اعتبر تفجير داعش لمعبد بعل شمين «تصرفاً إجرامياً»…عبد الكريم يحذر من سيناريو مأساوي ينتظر تدمر ويدعو الشعب والجيش والمجتمع الدولي لتحريرها

اعتبر المدير العام للآثار والمتاحف السورية مأمون عبد الكريم أن تفجير تنظيم داعش الإرهابي لمعبد بعل شمين التاريخي في مدينة تدمر بمحافظة حمص، «تصرف إجرامي»، داعياً الشعب السوري والجيش العربي السوري والمجتمع الدولي إلى «إنهاء هذا المسلسل الإجرامي الذي يحدث كل أسبوع بحق تدمر»، وإلا فإن هذه المدينة المدرجة على لائحة التراث العالمي بانتظار سيناريو «مأساوي».
وفجر تنظيم داعش مساء الأحد معبد بعل شمين في المدينة القديمة في تدمر والذي يعتبر أحد أبرز المعابد في المدينة الأثرية، بعد معبد بعل، بحسب متحف اللوفر في باريس.
وفي تصريح لـ«الوطن» قال عبد الكريم: «هذا تصرف إجرامي. هم ينتقمون ليس من الشعب السوري فقط وإنما من المجتمع الدولي لأنهم يعرفون جيداً كم تدمر هامة لدى المجتمع الدولي».
وأضاف: «هم عندما وجدوا أن هناك صحوة عالمية في ضمير العالم عند استشهاد الباحث الفاضل خالد الأسعد المدير السابق للآثار في تدمر قاموا بهذه العملية النكراء حتى يبينوا أنهم أقوياء ولكنهم جهلاء».
ولفت عبد الكريم إلى أن التنظيم «كذب لأنه وعد منذ ثلاثة أشهر بأنه لن يهاجم المباني الأثرية وإنه فقط سيدمر التماثيل، لكن ما فعلوه كان عكس ذلك، فهؤلاء لا عهد ولا وفاء ولا كلمة لهم».
وأوضح عبد الكريم أن الأمر لم يقتصر على تفجير المعيد وإنما قيام التنظيم بتنفيذ عمليات إعدام بحق موظفين وعناصر من الجيش العربي السوري في ساحة مسرح تدمر بطريقة إجرامية، كما أعطوا الضوء الأخضر للصوص الآثار ليعيثوا فساداً في المدينة وحولوا المتحف الوطني إلى سجن ومحكمة»، معتبراً أن هناك «سيناريوهاً سوداوياً مخيفاً بحق التراث الثقافي السوري والعالمي أجمع».
ودعا عبد الكريم الشعب السوري إلى «التضامن بعيداً عن أي اختلاف سياسي لأنه لم تعد هناك معركة سوى مع الإرهاب الذي يستهدف تراثنا ووطننا وتاريخنا وشعبنا»، مشدداً على ضرورة حماية هذا التراث.
وأضاف: «على المجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة لوقف هذا النزيف على اعتبار أن تدمر لؤلؤة التراث السوري والعالمي وعلى أبناء شعبنا في تدمر أن يعوا هذه الآثار كانت عبارة عن خزان اقتصادي سياحي ومصدر رزق لهم وبالتالي عليهم أن يتحركوا ويفعلوا شيئاً ولا يسمحوا لأناس مجرمين بتجفيف منابع رزقهم. على الكل أن يتحرك سريعاً وأتمنى لأنه سيكون هناك كارثة».
وعبر عبد الكريم عن مخاوفه الكبيرة على المدينة الأثرية لأن «من حول المتحف إلى سجن ومحكمة واستخدم المسرح لتنفيذ عمليات إعدام ومن قتل الباحث الأسعد ومن أعطى الموافقات للصوص والحرامية للتنقيب في المواقع الأثرية (كلها أمور تستدعي) أن يكون لدينا الخوف وكل الخوف على مستقبل المدينة الأثرية».
وتمنى عبد الكريم على الجيش العربي السوري أن «يقوم في الأسابيع القادمة بتحرير هذه المدينة وعلى المجتمع الدولي وكل السوريين أن يتحركوا وان يدخلوا في معركة مع الجيش للدفاع عن مدينة تدمر وتحريرها».
واعتبر أن الجيش إن قام «بتحرير تدمر فهو لا يقوم بتحرير مدينة سورية وإنما ينقذ جزءاً غالياً من التراث العالمي»، مطالباً «الجميع أن يعي أن معركة تدمر هي معركة ثقافية وعليهم أن يتكاتفوا مع الجيش في سبيل استعادة المدينة وإنهاء هذا المسلسل الإجرامي الذي يحدث كل أسبوع بحق تدمر» التي سيطر عليها داعش في نهاية أيار الماضي.
وبدأ بناء المعبد الذي يحمل اسم اله السماء لدى الفينيقيين عام 17 ميلادي ثم جرى توسيعه في عهد الإمبراطور الروماني هادريان عام 130.
ويعتبر تنظيم داعش أن المعالم الدينية قبل الإسلام وتحديدا التماثيل بمثابة أصنام تعارض معتقداتهم، ما دفعه إلى تحطيم مواقع أثرية عدة في العراق وأثار قلقاً بالغاً لدى اليونيسكو والمجتمع الدولي.
ونشر التنظيم في نيسان شريطاً مصوراً لعناصره وهم يدمرون بالجرافات والمعاول والمتفجرات مدينة نمرود الآشورية الأثرية في شمال العراق والتي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، قبل أن يعمد إلى تفخيخها وتفجيرها بالكامل.
كما عمد إلى جرف مدينة الحضر التي تعود إلى الحقبة الرومانية قبل أكثر من ألفي عام، وتدمير آثار متحف الموصل في شمال العراق.
وفخخ جهاديو التنظيم المتطرف في 21 حزيران المواقع الأثرية في مدينة تدمر بالألغام والعبوات الناسفة كما أعدموا أكثر من مئتي شخص داخل المدينة وخارجها، عشرون منهم في المدرج الأثري.
وأقدم التنظيم المتطرف قبل أقل من أسبوع على قطع رأس المدير السابق للآثار في تدمر خالد الأسعد (82 عاماً). ووصفت اليونيسكو وفرنسا والولايات المتحدة الواقعة بأنها جريمة «وحشية» ارتكبها «همجيون».
وبحسب الأمم المتحدة تعرض أكثر من 300 موقع أثري سوري للأضرار أو التدمير أو النهب خلال النزاع المستمر منذ أكثر من أربع سنوات ويتسبب يومياً بمقتل العشرات جراء المعارك والقصف المتبادل على جبهات عدة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة والجهاديين والأكراد.
وفي السياق أفاد الناشط مجاهد الشامي مؤسس «حملة دير الزور تذبح بصمت» بحسب موقع «الحل السوري» المعارض، بأن تنظيم داعش، بدأ الأسبوع الماضي، بإعطاء تصريحات لمدنيين في ريف دير الزور تسمح لهم بالتنقيب عن الآثار، ليتم تهريبها لاحقاً برعاية التنظيم إلى خارج البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن