من دفتر الوطن

أحلام وكوابيس..!

| عصام داري

رأيت فيما يرى النائم أن وزير الاتصالات يلاحق العباد بعصا غليظة، ويهددهم بوضع أقفال على أفواههم، أو عدادات تسجل عدد الكلمات التي ينطقون بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي كالواتس والفيس وأشقائهما.
سألت السيد الوزير عمّا يزعجه فقال: يظهر أننا دللنا الناس كثيراً، فهم منذ اختراع الواتس والفيس والفايبر والماسينجر وغيرها يتحدثون مع كل أرجاء العالم بالمجان، وبصراحة وزارتنا ستعلن إفلاسها، لذا ستصبح هذه الخدمات مأجورة شأنها في ذلك شأن العديد من دول الخليج!
والله معه حق، والمواطن السوري على استعداد تام لمساواته بأهل الخليج، وعليه فعلى وزير المال أن «يبحبح» الأجور والرواتب لتتناسب مع أجور ورواتب دبي والشارقة والعين، وعين الحسود فيها عود! غضب معاليه وقال لي: هذا ليس من شأني، عليك بوزير المال.
بحثت عن وزير المال «بسراج وفتيلة» كما يقولون فلم أعثر عليه، وقيل لي إنه في «كهفه المسحور» منكب على إعداد جداول جديدة «لتعديل» الضرائب المفروضة على المواطنين، وعلى فكرة فسورية هي الدولة الوحيدة التي تستخدم كلمة «تعديل» عند نيتها رفع أسعار سلعة ما، ولا أدري اليوم ما «التعديلات» الجديدة التي ستفرض على المواطنين، وهل هناك سلعة لم يرتفع سعرها عشرة أضعاف عما كانت عليه قبل سبع سنوات، وهل بعد هذا الارتفاع الفلكي والضرائب المباشرة وغير المباشرة من ضرائب جديدة؟ ومن أين يدفع المعترون في الأرض؟
من الطبيعي أن يبحث «خازن بيت المسلمين» عن مداخل جديدة لفرض ضرائب «مبتكرة» على المواطنين، وذلك لتحقيق هدفين: الأول رفد خزائن الدولة بمزيد من الأموال لزوم تحسين معيشة المواطن!! أما الهدف الثاني فهو تحسين دخل خازن بيت مال المسلمين، وبالقانون، لأن كل ضريبة يفرضها على العباد يأخذ نسبة مئوية منها!
المهم، عند خروجي من «الكهف المسحور» كان وزير الاتصالات بعصاه الغليظة ينتظرني بفارغ الصبر، فرفع عصاه وقال غاضباً: ادفع بالتي هي أحسن، ولأنني لا أملك كي أدفع، فأطلقت قدمي للريح، وفجأة تعثرت بأحد المطبات الرقيقة الموزعة في شوارعنا العائمة، فسقطت في بحيرة تحت نفق ساحة الأمويين، وصرخت بأعلى صوتي: أنقذونا.
في هذه اللحظة استيقظت من النوم أرتجف رعباً، فطلبت «طاسة الرعبة» وعدت إلى النوم لأجد وزير التموين وحماية التجار، عفواً حماية المستهلك بانتظاري الذي سألني عن سبب غضبي وحقدي على موظفي وزارته، فقلت له: ليس غضباً، إنه عتاب، قال: ولماذا العتب؟ ألم تسمع أغنية فيروز التي تقول فيها: حاجي تعاتبني يئست من العتاب؟ قلت: إنهم يتقاضون من صغار الباعة رشوة تحميهم من المخالفات.
فشكا الوزير حتى كادت تنهمر الدموع من عيني، وقال: أنت تعرف أن رواتب الموظفين لا تكفيهم ثمن خبز أولادهم، لذا فهم يسعون إلى تحسين دخلهم، فوافقته الرأي تماماً، لكن على أن الرواتب لا تكفي الموظف الشريف طبعاً، وطلبت منه تعليمي طريقة الإثراء غير المشروع، فربما نعيش يوماً واحداً فوق خط الطفر، فقال ضاحكاً راحت عليك، فالفساد يبدأ باكراً، وأنت تجاوزت سن الرشد!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن