قضايا وآراء

الانتخابات المحلية «الإسرائيلية» في الجولان المحتل والقانون الدولي

| المستشار رشيد موعد

بتاريخ 11/7/2017 أصدرت سلطات الاحتلال الصهيوني قراراً يقضي بإجراء انتخابات للمجالس المحلية في الجولان العربي المحتل ولاسيما في قرى مجدل شمس ومسعدة وعين قينية، وبقعاتا.
يهدف هذا القرار إلى محاولة زرع الفتنة، وتفتيت المجتمع العربي تحت الاحتلال، وإشغاله بنزاعات داخلية، ليسهل على سلطات الاحتلال تمرير مشاريعها التهويدية، فالوحدة الوطنية لإخوتنا العرب في الأراضي المحتلة هي الضامن الوحيد للحفاظ على منجزات هذا المجتمع وهويته الوطنية السورية، ومن يقبل التعاطي مع هذا القرار، يكن خارجاً على الإجماع الوطني لأهلنا لأن الجولان جزء لا يتجزأ من أراضي الجمهورية العربية السورية، والقرار بطبيعته القانونية باطل وغير شرعي، ولا يعتد به ولا في نتائجه، وعلى مجلس الأمن ومنظمات الأمم المتحدة القيام بدورها المنوط بها للتصدي له، وإلزام الكيان الصهيوني بالتراجع عنه.
تهدف سلطات الاحتلال من هذا الإجراء، التمهيد لتهويد الجولان المحتل وسلخه عن وطنه الأم، لكن أهلنا في بقعاتا ومجدل شمس وعين قينية ومسعدة يتصدون لهذا القرار وسيسقطونه مثلما أسقطوا غيره من القرارات، وسيواصلون وقوفهم بوجه الممارسات القمعية والعدوانية التي تمارس بحقهم.
لم تكتف «إسرائيل» بدعمها المعلن والمكشوف للمجموعات الإرهابية المسلحة، خلافاً لكل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالأزمة في سورية والتي قامت حكومة الجمهورية العربية السورية بإخطار الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن بها، بل عمدت إلى إصدار قرارات جديدة تتعلق بنية «إسرائيل» إجراء انتخابات لما يسمى «المجالس المحلية» في قرى الجولان السوري المحتل وفق القانون الإسرائيلي.
التوجهات العنصرية الصهيونية، هذه، لم تأت مفاجئة لأهلنا هناك، ولا للشعب العربي السوري ولا لحكومته، لأن استثمار السلطات الصهيونية للأزمة في سورية عن طريق الدعم الذي تقدمه للمجموعات الإرهابية المسلحة كان واضحاً منذ بداية الأحداث الدموية التي شهدتها سورية طوال السنوات السبع الماضية.
لقد رفض المواطنون العرب السوريون في الجولان المحتل عبر الوثيقة الوطنية التي أصدروها بتاريخ 25/3/1981 عندما اتخذت السلطات الصهيونية قرارها المشؤوم بضم الجولان العربي السوري بعد إضرابهم الشامل آنذاك، رفضوا أي قرار تصدره «إسرائيل» لضم أرضهم إلى الكيان الصهيوني، وكذلك رفضوا القرارات الإسرائيلية التي من شأنها أن تؤدي إلى سلبهم شخصيتهم العربية السورية خلافاً للفقرة الخامسة من هذه الوثيقة التي نصت على عدم اعترافهم بمجموعة ما تسمى «المجالس المحلية» وأن رؤساء وأعضاء هذه المجالس لا يمثلونهم بأي حال من الأحوال، وإنهم اتخذوا قراراً لا رجعة فيه برفض فرض الهوية «الإسرائيلية» عليهم.
والعام الماضي، بعد أن علموا بالقرار الصهيوني الجديد الذي ينص على إجراء انتخابات «مجالس محلية» قاموا بتجديد موقفهم الرافض بقوة للإجراءات الإسرائيلية، وأنهم لن يعترفوا بها، أو يتعاملوا معها.
لقد رفض الكيان الصهيوني الانصياع للشرعية الدولية طوال السنوات السابقة، كما تمرد على قرارات الأمم المتحدة بإنهاء احتلاله للجولان العربي السوري المحتل وكرَّس في قراره الجديد تمرده أيضاً، وعدم اعترافه بسيادة الدولة السورية على أراضي الجولان المحتل.
بعد ضم الجولان للكيان الصهيوني عام 1981 أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 497 تاريخ 17/12/1981 جاء فيه: «إن قرار «إسرائيل» بفرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها في الجولان السوري المحتل ملغياً وباطلاً وليس له فاعلية قانونية على الصعيد الدولي»، وطلب مجلس الأمن من «إسرائيل» القوة المحتلة أن تلغي قرارها فوراً، كما أعلن مجلس الأمن أيضاً، في قراره هذا بأن جميع أحكام اتفاقية جنيف المعقودة بتاريخ 12/8/1949 والمتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب ما زالت سارية المفعول على الأراضي السورية المحتلة من قبل العدو الصهيوني منذ عام 1967.
إن الخطوة الأخيرة التي اتخذها الكيان الصهيوني بإجراء هذه الانتخابات تمثل انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الإنساني الدولي، ولاتفاقيات جنيف، كما جاءت هذه الخطوة استثماراً لدعم الإرهاب بشكل فاضح من خلال علاقته المباشرة مع « جبهة النصرة» المسجلة على لائحة الكيانات الإرهابية في مجلس الأمن وغيرها من المنظمات الإرهابية الأخرى، كما يشكل هذا الإجراء انتهاكاً صارخاً للقرار رقم 497 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.
لقد رفضت الجمهورية العربية السورية القرار الذي اتخذته السلطات الإسرائيلية بإجراء انتخابات «مجالس محلية» في الجولان العربي السوري المحتل رفضاً قاطعاً جملة وتفصيلاً، وأكدت أن الجولان المحتل هو جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية، وأنه سيعود إلى وطنه الأم عاجلاً أم آجلاً، وشدَّدت على وقوفها إلى جانب شعبنا العربي في الجولان المحتل الذي رفض بدوره قرار الضم عام 1981 وكذلك هذا القرار الأخير الصادر بتاريخ 11/7/2017، كما أحالت هذا الموضوع إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وكذلك إلى مجلس الأمن الدولي لعل الضمير الأممي يصحو، ويدين هذا الاحتلال.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن