رياضة

صافرة مؤلمة

| مالك حمود

شريط الذكريات الرياضية الجميلة مازال يدور في مخيلتي، ذكريات لافتة بحلوها ومرها، والأروع أنها ورغم مضي عشرات السنين عليها تبدو وكأنها حدثت بالأمس، بينما تبدو أحداث البارحة سريعة النسيان.
إلى السبعينيات العودة وإلى ملعب العباسيين بأرضيته التارتانية آنذاك التي كانت تستضيف أهم المباريات المحلية والدولية، ولعب عليه أهم الفرق والمنتخبات العربية كمنتخب تونس العائد من كأس العالم في الأرجنتين عام (78) ومنتخب البرازيل للشباب ونادي الزمالك المصري، وفيما كانت تقام إحدى المباريات الجماهيرية ضمن الدوري السوري لكرة القدم، (شرد) حكم التماس عن إحدى الهجمات وفاته رفع الراية للإعلان عن حالة التسلل الواضحة لكل من في الملعب إلا الحكم المسكين ليصحو من (صفنته) على صيحات الجمهور وتعليقاتهم وأغربها كانت من المشجع الأقرب وهو يصرخ عليه قائلاً: (شو عشقان..؟! قول لأمك تجوزك).. وسط ضحكات الجمهور القادم للمتعة والتسلية.
العبرة من سرد تلك الحادثة الطريفة أن الحكم مطالب بتوظيف كل طاقاته واستنفار جميع أحاسيسه خلال المباراة وتحمل كل ردات فعل الآخرين بمرونة ومن دون تشنج، وإعلان القرار الصح في الوقت الصح، وهيهات يعجب الجميع ما دام إرضاء الناس غاية لا تدرك!
والحكم بالنهاية إنسان وغير منزه عن الخطأ، لكن في الملعب غلطة الشاطر بألف، ولست بصدد الدفاع عن الحكم وتبرير أغلاطه بداعي الأخطاء الإنسانية، ولكن لدى مطالبة الحكم بأن يكون في قمة الجاهزية الفنية والبدنية والنفسية والشخصية، علينا أن نؤمن له كل متطلباته الكفيلة بالوصول إلى دخوله للملعب براحة متكاملة، فهل نحن فاعلون؟
عجلة الزمن دارت وحكام كرة القدم باتت أمورهم وظروفهم أحسن نسبياً، وتبقى المشكلة لدى حكام كرة السلة، الذين بلغوا حد اليأس من المطالبة بتحسين تعويضاتهم لقيادة مباريات دوري المحترفين بينما هم هواة بظروفهم وأجورهم التي لا يتقاضونها مباشرة، وإنما بنهاية كل مرحلة أي بعد عدة شهور، ليدخل الحكم في متاهة قبض إذن السفر من اللجنة التنفيذية (وحسب ظروف المحاسب) وأجور المباريات التي تأتي لاحقاً، فهل أدرك القائمون على كرة السلة السورية أن التحكيم جزء من معادلة اللعبة، ومن أهم أسباب تطورها، والخطوات الجديدة في المسار التحكيمي من معسكرات وتعزيز للياقة والثقافة والمتابعة والمحاسبة والمعاقبة والتحسن النسبي بالأداء، يفترض أن يقابل بتحسين العوائد المادية للحكم، علماً أن تكاليف تحكيم مباراة كرة السلة لا تتجاوز ثلث ما يدفع لتحكيم مباراة كرة القدم. فهل من مجيب؟!.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن