من دفتر الوطن

تخاريف!

مكافأة قيّمة لمن يدلني على «الفهمان» الذي أقنع حكومتنا الموقرة أن المواطن السوري بعد ثماني سنوات من الحرب والخراب والدمار والخطف والتفجيرات وكل ألوان الإرهاب الذي عرفته البشرية، قادر على دفع المزيد من الضرائب وتحمّل رفع السعار والغلاء والبلاء الذي حل به.
سمعت أحاديث من العديد من المواطنين «المقيمين»!أي غير المهاجرين والمهجرين واللاجئين الذين توزعوا في دول العالم هرباً من الموت الذي زار سورية طوال السنوات الماضية، تدور حول سؤال واحد: هل جزاء صبرهم وصمودهم وتضحياتهم والدمار الذي لحق بممتلكاتهم وخوفهم أن يعيشوا حالة الفاقة والفقر والتعتير؟
من الأمور المضحكة والمبكية في الوقت نفسه أن تبحث الحكومة المهضومة عن وسائل مبتكرة لسحب آخر قرش من جيوب المواطنين، ومن الطريف أن بعض الأدوية التي كانت مرشحة لرفع أسعارها حافظت على هذه الأسعار بفضل ذكاء الصناعي لدى القائمين على الأمر، وذلك بأن علبة الدواء التي كانت تباع بمبلغ معين فيها ثلاثون حبة، حافظت على سعرها ولكن صارت هذه العلبة تحتوي على عشرين حبة فقط لا غير، أليس هذا منتهى الذكاء؟
ومن الطرائف التي قد لا نجدها إلا في بلدنا أن شرطي المرور المكلف كتابة المخالفات يختبئ خلف الأشجار والأعمدة ويظهر فجأة إما ليوقف السيارات المخالفة، أو المشتبه في أنها مخالفة، وإما لتصوير تلك السيارات، فالحمد لله على نعمته فقد كسبنا شرطياً ومصوراً في آن معاً.
وبما أني أسجل تخاريفي أتساءل ببراءة: ماذا عن الشتاء الذي دخل علينا بقوة، و«الله يبعت الخير» وكيف سيحصل المواطن على مصادر التدفئة، خاصة أني قرأت قبل أيام دراسة غربية تقول – والعهدة على الراوي – أن منطقتنا (سورية ولبنان والأردن وفلسطين وشمال شبه الجزيرة العربية) ستشهد خلال شهري كانون الثاني وشباط القادمين أسوأ موجة برد لم تشهدها المنطقة منذ مئة عام، فهل من حلول حكومية ناجعة يمكنها إغاثة المواطن البردان؟
و.. يسأل المواطن: ماذا عن زيادة الرواتب والأجور التي لوحت الحكومة بها منذ بعض الوقت؟ وهل ستردم الهوة الهائلة بين الأجور والأسعار التي تعادل حالياً عشرة أضعاف و«حبة مسك»؟ وإذا أفرجت الحكومة عن الزيادة الموعودة فماذا عن بقية شرائح المجتمع، وما الآلية التي ستتبعها الجهات المختصة لخفض الأسعار، وبالحد الأدنى العمل على الحفاظ على الأسعار الحالية وعدم تسبب زيادة الرواتب في موجة غلاء جنونية جديدة؟
وهناك سؤال جريء: لماذا لا تأخذ الحكومة من أموال الفاسدين – ويعرفهم حتى الأطفال – وتحسن معيشة المواطن؟ وأظن أن الأموال المنهوبة من خزائن الدولة تعادل ميزانية سورية بالكامل.
أخيراً أسأل عبر تخاريفي عن الرد الذي ينتظره أي مواطن على التخريف والهذيان الذي يصدر عن بعض المسؤولين «العرب»! حول سبل إعمار سورية أن السوريين هم من دمر بلدهم! وهم من كسّر بلدهم، وأن هؤلاء «المسؤولين» لن يدفعوا جنيهاً واحداً لإعادة إعمار سورية، وأنا أقول: يا سيدي دع سورية فهي بألف خير ما دمت بعيداً عنها، ولا تتدخل بأمور أكبر من قدرتك العقلية والفكرية.
وعلى تخاريفي أوقع.

| عصام داري

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن