قضايا وآراء

دمشق رفعت شارة النصر

باسمة حامد : 

منذ بداية الحرب على سورية لم تغب سمة التفاؤل والأمل بالنصر عن تصريحات المسؤولين السوريين، بل إن تلك السمة – ورغم استمرار العمليات العسكرية وسخونة المواجهة على جميع جبهات القتال- تكاد تكون حاضرة في حوار الرئيس الأسد الأخير لقناة المنار أكثر من أي وقت مضى.
وفي الواقع، لا شك أن الصمود السوري بوجه أشرس وأقسى وأقذر الحروب التي عرفتها البشرية على الإطلاق أثبت أهمية التحالف الإستراتيجي مع روسيا وإيران، فكلاهما ثابت على موقفه الداعم للدولة السورية (الحليف الإيراني رفض حل الملف النووي على حسابها، و«السياسة الروسية مبدئية وثابتة»).
وفي ظل توافق دولي على التسوية السورية (كان لافتاً أن بيان مجلس الأمن الأخير حول سورية ينطلق من الرؤية الروسية للحل فهو لم يتطرق إلى موضوع الرئاسة وأكد أن الحل الدائم للأزمة يتم من خلال عملية سياسية شاملة بقيادة سورية تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري، بهدف التنفيذ الكامل لبيان جنيف الصادر في 30 حزيران 2012).. ومع وجود تأييد غربي وعربي واسع لمبادرة الرئيس بوتين الخاصة بتشكيل تحالف دولي لمحاربة «داعش» تقوم روسيا حالياً بالإشراف على الإجراءات المناسبة لعقد النسخة الثالثة والنهائية من جنيف.
كما أن هذا الصمود – وبالحسابات الدقيقة – فرض واقعاً مختلفاً وخلق تحولات جذرية بالغة الأهمية، وأثمر مكاسب عدة من بينها: خطوات عملية ستُتخذ قبل نهاية العام باتجاه تعزيز علاقات سورية بالمحيط العربي والإقليمي، ووجود تنسيق أمني مباشر مع العراق ومصر على أساس أن المعركة على الإرهاب ومشروع أردوغان «الإخواني» هي معركة واحدة «الجميع في خندق واحد».
بالمقابل، ثمة «حالة ضياع» وتصدع في جبهة واشنطن:”سمات السياسة الأميركية التخلي عن الحلفاء، والأصدقاء، والغدر»، فالمستجدات الميدانية والسياسية لا تسير لمصلحة تلك الجبهة، والتعويل الأميركي على ما يسمى «المعارضة المعتدلة» فشل فشلاً ذريعاً، وخطط البيت الأبيض أخذت مسارات جديدة وتحولت إلى كارثة على أدواتها المنفذة، حيث أصبحت الدمى الأميركية بالمنطقة في قلب النار التي أرادوا حصرها بالداخل السوري.
والمؤكد أن أدوات «إسرائيل» عاجزة عن تحقيق أهدافها في سورية، والكيان الصهيوني نفسه خائف من إيران (باعتراف إيهود باراك تراجع عن مهاجمتها ثلاث مرات)، وحدّث ولا حرج عن مشاكل النظام السعودي المتروك وحيداً يتخبط في المأزق اليمني، وخاصة أن التطبيع الخليجي مع إيران والانفتاح العربي والدولي على سورية يجري على قدم وساق تحت الطاولة وفوقها!!
أما تركيا ففيها مشاكل داخلية عاصفة، فبقاء «النظام» في دمشق على قيد الحياة تسبب بزلزال في أنقرة: انتخابات مبكرة وصراع محتدم مع الأكراد.. وضع أمني يتفاقم.. انقلاب الحليف «الداعشي» و«تصفير» للعلاقات الخارجية.. خلافات مع الناتو.. هبوط العملة.. تراجع القطاع السياحي.. وجفاء مع الولايات المتحدة ومطالبات أميركية متكررة لضبط الحدود ومحاربة تنظيم «داعش» ورفض غربي للمناطق العازلة والحظر الجوي.. ما يعني أن الرئيس التركي وحزبه في وضع سياسي حرج لا يسمح لهما باستعادة أمجاد السلطنة العثمانية ولا حتى بالبقاء في السلطة طويلاً!!
ولعل إطلالة الرئيس الأسد في قناة المقاومة وإشاراته إلى قدرة الدولة على الإقلاع بالاقتصاد السوري والبدء بمشاريع إعادة الإعمار لم تأت من فراغ، فالمشهد صار واضحاً: سورية أكبر بلد صغير في العالم – كما توصف- أسقطت مشاريع إسقاطها وبات انتصارها الحاسم حقيقة حتمية سيُسجل في صفحات التاريخ الحديث!!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن