سورية

عطا الله: القدس اليوم في «كارثة حقيقية» … أبادي: عندما انتصرت حلب انتصرت أمتنا

| حلب – خالد زنكلو

أكد سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سورية جواد ترك أبادي أنه عندما «انتصرت حلب لم تنتصر هي كمدينة بل انتصرت أمتنا وهذا البلد العزيز» وأن النصر في سورية «بدأ عندما كان القرار الكبير الذي اتخذه سيادة الدكتور بشار الأسد بوقوفه وتصديه لهذه المؤامرة».
وأشاد أبادي في كلمة السفارة خلال مشاركته في فعاليات المؤتمر الدولي: «محور المقاومة في مواجهة ثقافة التطبيع مع الكيان الصهيوني»، الذي أقامه مركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية في جامعة حلب والمستشارية الثقافية لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سورية وبرعاية أمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في جامعة حلب الدكتور إبراهيم حديد، بموقف الأسد، وقال: «هذا الموقف كان مرموقاً والنصر الذي كتب لسورية، وهو يتحقق قريباً جداً، سوف يبقى علماً على مر التاريخ».
وشدد أبادي على أن النصر صنع في حلب «وفيها نتشارك النصر ضد هذه المؤامرة الهمجية والتي أريد لها أن تكمل المشروع الصهيوني بتفتيت سورية وجيل أبنائها وحواضنها، ونذكر بهذا الانتصار الذي حققه الجيش العربي السوري والشعب السوري بالتفافه حول هذه القيادة الحكيمة»، منوهاً إلى أن حلب «ستبقى تنادي وتدعو كل الخيرين إلى التمسك بالحق الذي هو قوة وردع ورافع لكل من التزم العلا، وهو حق شعب فلسطين والتزامهم بحبهم الثابت بأرضهم وخيارهم وقرارهم لتحقيق النصر، الذي لا ريب فيه، عاجلاً أم آجلاً».
وبيّن أبادي في المؤتمر، الذي شاركت فيه فعاليات أكاديمية وسياسية وإعلامية من فلسطين ولبنان وإيران وسورية واستمر يوماً واحداً، أن قضية الأمة وكل أحرار العالم وكل من آمن بالحق «هي قضية فلسطين أهم قضية للأمة الإسلامية وكل الأمم المؤمنة بالخير والسلام، وهو أمر مبارك، ونعتقد أن وصال الحب بيننا زرع وشجرة طيبة، والغرس الطيب يؤتي أكله»، مؤكداً أن كل المشاريع التي تنتقص من حق الشعب الفلسطيني «وزر ومهزومة، فتلك المسارات أرادت أن تفكك الأمة والشعوب التي تعيش على أراض وحضارات عظمى، فلدينا أعظم الحضارات بل نحن كتبنا التاريخ وبينّا للبشرية كيف تعيش الحب، واحتضنّا في هذه المنطقة كل الرسالات السماوية التي جعلتنا دعاة خير».
وقال: «الخلاص هو الدعوة للحق والتصدي للباطل والمنكر، ومن يقف ضد الحق ضعيف ولن يستطيع أن ينتصر، ومن يرغبون بالارتماء في أحضان الصهاينة إرادتهم ظالمة ويريدون فرض التمزق والتقهقر على شعوب المنطقة»، ولفت إلى أن «تلك الجهات من صغار من الذين يحكمون هذه المناطق من حولنا إلى أربابهم وإلى من يضللهم إلى طريق السوء، لن ينجحوا لأننا نرى أن إرادة شعوب هذه المنطقة ستبقى داعمة لإرادة الشعب الفلسطيني، وستبقى إرادة شعوب المنطقة تطالب بمقدساتها ولن يستطيع أحد أن يلتف على القضية الفلسطينية».
وأوضح سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سورية أن المنهج والأنموذج الفاخر والفخم الذي يقدمه الشعب السوري البطل «هو رأس محور المقاومة والتصدي للمخططات، فسورية بهذا الموقف المنتصر، استطاعت أن ترسم المستقبل وأن تقوي حضارتنا وما نبنيه من علم ومعرفة وأداء طيب يكون في بلداننا خيراً». وأضاف: «نرى أن الحياة تعود لنا ويتدفق منها الخير، بعد الانتصار في حلب، فهذه الحركة مباركة تزيد ثمارها خيراً تنعمون بها وننعم بها جميعنا لتهنأ البشرية بالخير القادم، وسوف نبقى يحب بعضنا بعضاً ونقف ضد أعداء الخير ونبني منارات الخير التي تنادي بالسلام والسلم والمحبة، وأنا فخور بأن أكون في هذا المكان الطيب بينكم».
وأوضح رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر الدكتور أحمد جدوع أن صمود سورية «جعلنا أكثر صلابة رغم كل الظروف المحيطة، وبقينا في سورية صامدين ولا ننكر دعم الحلفاء الذين وقفوا إلى جانبنا في المحنة»، ولفت إلى أن المؤتمر ينعقد للتأكيد على الثوابت ورفض إملاءات النظام الدولي والتشديد على مخاطر التطبيع «وما يروج له من ثقافة كالعيش المشترك والسلام الدولي من مصطلحات تصب في خانة استسلام الجيل الجديد الذي يدرك أن عدونا الأول هو الكيان الصهيوني على عكس الذين ارتموا في أحضانه وظنوا أنهم بنفطهم قادرين على محو هوية الأمة»، مبيناً أن ثقافة التطبيع من أخطر أنواع التثقيف القسري «ونحن هنا في حلب المقاومة لنبين مظاهرها وخطورتها على جيلنا الناشئ».
أما مفاجأة المؤتمر، فتحققت بظهور المطران حنا عطا اللـه رئيس أثاقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في تسجيل مصور من القدس من جوار المسجد الأقصى، خص فيه المجتمعين في مؤتمر محور المقاومة في مواجهة التطبيع مع الكيان الصهيوني وحيّاهم على لقائهم في سورية «البلد العزيز على قلوبنا».
وخاطب عطا الحضور قائلاً: «أخاطبكم من القدس وكلكم تعلمون ما مكانة القدس بالنسبة لنا مسيحيين ومسلمين، وبالنسبة لنا كأمة عربية».
وتابع: «شعب فلسطين مناضل ومكافح من أجل الحرية، والقضية الفلسطينية مستهدفة ومستباحة لكن مدينة القدس تمر بظروف كارثية غير مسبوقة، فهناك استهداف لمقدساتنا وللحضور الفلسطيني في هذه المدينة المقدسة، يريدنا الاحتلال أن نتحول إلى أقلية وإلى جالية وضيوف في هذه المدينة عاصمتنا الروحية والوطنية وحاضنة مقدسات المسلمين والمسيحيين».
وجدد عطا اللـه موقفه بالقول: «كنا نقول قبل سنوات إن القدس في خطر، واليوم هي في كارثة حقيقية، وهي تسرق منا كل يوم وتستهدف في كل حين، وأبناؤنا يتصدون للاحتلال وعنصريته وقمعه بصدور عارية، على حين كل القوانين العنصرية في دولة الاحتلال هدفها الضغط على شعبنا الفلسطيني وابتزازه، يريدوننا ألا نتحدث عن النكبة وأن نشطب هذا المصطلح من قاموسنا وملاحقة واعتقال كل من يرفع الراية الفلسطينية، يريدوننا أن نتوقف عن دفاعنا عن فلسطين وعن عاصمتها القدس، على حين سنبقى سنتحدث عن النكبة والقوانين العنصرية الفاشية وما يتعرض له شعبنا من ظلم واقتلاع منذ 1948».
وأردف بقوله: «يريدوننا أن نتخلى عن هويتنا -ولا توجد لنا هوية أخرى- والانتماء لهذه الأرض المقدسة، يريدوننا ألا نرفع العلم الفلسطيني، ونقول سيبقى علمنا. وإن القوانين عنصرية وغير مسبوقة منذ 1948 وأشد ظلماً وعنصرية في وقت يستغل الاحتلال حالة التطبيع المؤسفة مع بعض الدول الخليجية، وأنتم تشاهدون أن مسؤولين إسرائيليين عنصريين يزورون بعض الدول الخليجية ويستقبلون استقبالاً رسمياً، في حين تدل الزيارات على خيانة وعمالة بعض هذه الأنظمة التي هي جزء من المؤامرة التي تستهدف القضية الفلسطينية والقدس».
وأشار رئيس أثاقفة سبسطية للروم الأرثوذكس إلى أن الشعب الفلسطيني يقدم التضحيات في كل حين «والقدس صامدة وغزة التي تقف في وجه العدوان بمسيرات العودة صامدة وتقول: لا يضيع حق وراءه مطالب، وأنتم تلتقون في سورية العزيزة على قلوبنا، أشكركم على مبادرتكم الطيبة وأنقل لكم تحية شعبنا والقدس عاصمتنا وقبلتنا، أنقل لكم تحيات جميع أصدقاء سورية في فلسطين ونقف مع الدكتور بشار الأسد والجيش السوري والشعب السوري الموحد مع جيشه وقيادته في مواجهة هذا العدوان، وأحيي كل أصدقاء سورية كي نفشل هذه المؤامرة التي تعرضت لها سورية الحبيبة والعزيزة على قلوبنا».
من جانبه، أوضح حديد أن المنطقة تشهد أحداثاً تنبئ بمؤامرة صهيوأميركية لإلغاء القضية الفلسطينية وسط هرولة من أنظمة عربية «كان آخرها صفقة القرن»، وبين أن «البعث» والكيان الصهيوني في صراع وجودي مرتبط بفكر الأول «الذي يعتبر الكيان الصهيوني ورماً خبيثاً زرعه الغرب ليحول دون تحقيق آمال شعوب المنطقة»، وأدان بعض الأنظمة العربية التي تتعاون مع الكيان الصهيوني وعملية التطبيع «التي وصلت إلى قضايا حساسة اجتماعية توجه اتهامات كاذبة لمحور المقاومة، وخاصة سورية وإيران، لتحويل الصراع بين شعوب المنطقة بدل الصراع من الصهاينة».
بعدها، بدأت جلسات المؤتمر التي ترأس الأولى منها الخبير في الشؤون الإستراتيجية للمنطقة الدكتور مسعود أسد اللهي من إيران والتي ألقى فيها أبادي محاضرة بعنوان «خطر ترسيخ ثقافة التطبيع مع الكيان الصهيوني على وحدة ومستقبل الأمة» ثم محاضرة لمنسق شبكة أمان للبحوث والدراسات الإستراتيجية أنيس النقاض تحدثت عن «دور المراكز البحثية والدراسات الإستراتيجية والنخب المنتمية إليها في مقاومة ثقافة التطبيع» ثم محاضرة لرئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية الدكتور نضال الصالح حول «دور رجال الفكر في تحذير شعوبهم من خطر انحراف بوصلة العداء من الكيان الصهيوني باتجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية» ومحاضرة مفتي حلب الدكتور محمود عكام بعنوان «موقف رجال الدين من انحراف بوصلة العداء من الكيان الصهيوني باتجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودورهم في مقاومة التطبيع الثقافي».
واختتمت الجلسة بمحاضرة لأستاذ علم الاجتماع والتنمية بجامعة حلب رئيس اللجنة التنظيمية الدكتور أحمد جدوع عن «مسار العلاقات التطبيعية على المستوى الرسمي والثقافي بين دول الخليج والكيان الصهيوني، قطر أنموذجاً» ثم مناقشة عامة لما طرحته المحاضرات.
وترأس الباحث أنيس نقاشات الجلسة الثانية والتي ألقى خلالها النائب في مجلس النواب اللبناني عن كتلة الوفاء والمقاومة علي فياض محاضرة بعنوان «محور المقاومة الخط الدفاعي الأول ضد التطبيع رسمياً وثقافياً»، وتناول رئيسة جمعية الصداقة الإيرانية- الفلسطينية الدكتور محمد البحيصي «علم التطبيع مع الكيان الصهيوني، المعنى والمخاطر» في حين تحدث الباحث في الشؤون الإقليمية وعلم الاجتماع التربوي من لبنان الدكتور طلال عتريسي في محاضرته «خطر ترسيخ ثقافة التطبيع الذي تنتجه وسائل الإعلام الرسمية والدينية الخليجية مع الكيان الصهيوني في وحدة الشعوب العربية والإسلامية» في حين تناول المدرس في كلية الآداب بجامعة حلب الدكتور أحمد الحميد العنزي «علاقات التطبيع بين دول الخليج والكيان الصهيوني وأثرها في المسألة الفلسطينية» على حين أجاب الدكتور أسد اللهي عن تساؤلات الحضور.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن