رياضة

إستراتيجية جديدة معتمدة لمنتخبات السلة وتضافر الجهود مطلوب

| مهند الحسني

عانت سلتنا الوطنية الكثير من الويلات منذ بداية الأزمة التي عصفت بالبلاد، وشهدت نزيفاً كبيراً بكوادرها من لاعبين ومدربين وحكام، غير أن اتحاد السلة نجح في الخروج من النفق المظلم وبأقل الخسائر، لا بل قام بفرض حلول واقعية، ونجح في المحافظة على بقاء اللعبة، وضمان استمراريتها، وأقام مسابقاته في أصعب الظروف والمنغصات، لكنه أخفق في إعداد منتخب في ظل (الأزمة).
فكانت هذه المرحلة الحساسة بحاجة إلى تضافر لجهود جميع كوادر اللعبة، غير أن البعض ممن أجادوا فن التنظير طالبوا الاتحاد بإخراج الزيز من البير، وهو في أصعب الظروف والمحن، وبدلاً من تكاتفهم معه، والوقوف إلى جابنه، بدؤوا يشهرون أسهم النقد، وكأن سلتنا تعيش في أجمل الظروف، ولديها كل مقومات التألق.

أخطاء ومبررات
أسئلة كثيرة ما زالت بلا إجابات لدى عشاق ومحبي السلة السورية، هل اعتلت سلتنا في السنوات العشرين الأخيرة منصات التتويج الآسيوية والعالمية، واليوم لم نعد نصعد هذه المنصات؟ وهل تأهلنا لكأس العالم، واليوم بات عصياً علينا؟ وهل نسي أصحاب التنظير والانتقاد المجاني أن سلتنا وما حققتها في السنوات الماضية كان بسبب وجود كوكبة من اللاعبين النجوم الذين تركوا بصمات مشرقة في المحافل العربية والقارية، ابتداء من بيير مرجانة، وشامل داغستاني، إلى محمد أبو سعدى، وأنور عبد الحي، وانتهاء باللاعب ميشيل معدنلي آخر المواهب الفردية السلوية في سلتنا؟ طبعاً نحن لا نقلل من شأن باقي نجوم سلتنا السورية.
وكل منتخب حقق إنجازاً عربياً أو قارياً، كان بفضل جهد جماعي توج بإمكانيات فردية لأحد اللاعبين النجوم الذين غابوا عن شمس سلتنا منذ فترة ليست بالقصيرة، وندرك جميعاً أن إعادة النجوم لأنديتنا ومنتخباتنا لابد من أن يتطلب توافر منظومة جماعية من الأداء والتدريب واللعب، وهذه المنظومة تبدو معقدة وصعبة في الظروف الحالية، لأنها تتطلب توافر أبسط عناصر اللعبة، ابتداء من الصالات التدريبية، والمدربين الأكفاء، والإدارات المتمكنة، والمشاركات الخارجية.
هذا غيض من فيض غياب العناصر اللازمة وأبسط مقومات العمل لبناء منتخب قوي ينافس من حوله، فماذا تركت لنا أزمتنا التي لو شهدتها السلة الأميركية المصنفة الأولى على مستوى العالم لتأثر مستوى منتخباتها وأنديتها، لأن الأزمة لم تترك لنا سوى النزر اليسير القائم على جهد بعض المخلصين.

رحيل
لابد أن نعترف أن منتخبات السلة في عهد الاتحاد الحالي ليست بخير، وهي لا تعيش حالة مثالية، لأنها تمر في أسوأ مراحلها، لكنها حظيت ببعض المخلصين ممن بذلوا جهدهم بما توافر لهم من مقومات العمل وأبسطها، فبدت عملية الحفاظ على ما تبقى من أشلاء السلة السورية أشبه باستخراج الماء بعصر الصخر.
فكانت الخسارات المؤلمة والقاسية عناوين قاتمة لمشاركات جميع منتخباتنا الوطنية، الأمر الذي جعل أصوات البعض تعلو مطالبين بمنتخب في ظل الظروف الصعبة أن يفوز على منتخب لبنان المدجج بأفضل وأقوى اللاعبين، وأن نفوز على منتخبي إيران والأردن، وننافس منتخبات نيوزيلندا وأستراليا، وسارعوا إلى المطالبة بحل الاتحاد في الفترة الماضية محملين إياه مسؤولية الخسارات والنكبات، وتناسوا أو نسوا أن من أهم نجاح إعداد أي منتخب هو العمل الاحترافي الصحيح الذي تسير به الأندية، والسؤال هنا، هل أنديتنا تعمل على صناعة اللاعب ليكون جاهزاً للعب مع المنتخب بتوافر كل عناصر المهارة الفردية، والتكتيك العالي واللياقة البدنية؟
وإذا كان خلاص منتخبات سلتنا، وإعادتها لمرحلة الألق والنتائج الجيد برحيل الاتحاد الحالي، فإننا سنقف إلى جانب المطالبين بهذا الرحيل بشرط واحد هو تقديم خطط بديلة قابلة للتنفيذ، وقادرة على إحداث نقلة نوعية بمفاصل سلتنا، وقبل كل شيء لا بد لمن يملك الخطة البديلة لإنقاذ سلتنا ومنتخباتها، أن يعززها بتجارب ناجحة، قبل أن يتولى زمام الأمور، لا أن نكتفي بالوعود والكلام المعسول والخطب الرنانة.

منتخب جديد
بعد كل انتكاسة يسارع اتحاد السلة إلى رفع شعاراته بأنه سيعود لنقطة الصفر، والعمل على بناء منتخب للمستقبل، وما إن ينسى عشاق اللعبة نتائج المنتخب حتى ينسى الاتحاد شعاراته، ويضعها في جزء مهمل من ذاكرته، لكن والحق يقال إن هناك رؤية جديدة بموضوع المنتخب الحالي، لكون أغلبية لاعبيه من الشباب، وقد وضع الاتحاد هدفاً له، وهو تصفيات آسيا المقبلة، وبدأ يعمل ويستعد لها حتى يصل بالمنتخب إلى مرحلة كبيرة من النضوج الفني بين لاعبيه، لذلك علينا أن نقف مع هذا المنتخب، وندعمه بكل ما يحتاجه عسى ولعل أن يكون اللبنة الأساسية لمنتخب وطني يعيد البسمة لعشاق السلة السورية في قادمات الأيام.

خلاصة
اليوم كل من يعمل لأجل كرة السلة السورية مطالب بأن يرمي خلافاته مع اتحاد كرة السلة وراء ظهره، وأن يلتف الجميع حول المنتخب الوطني في استحقاقاته القادمة، ولنؤجل انتقاداتنا إلى ما بعد محطاته الأخيرة من التصفيات العالمية، التي ستكون الفرصة الأخيرة لتقييم وجهة عمل اتحاد كرة السلة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن