من دفتر الوطن

الشام و… فيروز!

| عصام داري

سوا ربينا سوا مشينا سوا قضينا ليالينا
معقول الفراق يمحي أسامينا ونحنا سوا سوا ربينا
بهذه الكلمات من أغنية فيروز أبدأ مشواري اليوم على بياض الأوراق لأروي قصة عشق طويلة بين الرحابنة والشام، وبين السوريين بشكل عام وبين هذا الفريق الفني الرائع الذي قدم أروع الأغاني والألحان.
وإذا كنت أتحدث اليوم عن الرحابنة وفيروز فذلك كي أرفع التهنئة للسيدة فيروز بمناسبة عيد ميلادها، فغداً ستطفئ الشمعة الثالثة والثمانين من عمرها المديد، وتخطو خطوتها الأولى في عامها الرابع والثمانين، فقد ولدت في 21/11/1935.
مشوار من العطاء والنقاء والرقي في الكلمة واللحن والصوت الذي صار علامة فارقة في تاريخ الأغنية العربية.
وحكاية الرحابنة والشام تعود إلى منتصف القرن العشرين الماضي، عندما ارتبط اسم فيروز بإذاعة دمشق، حتى أطلق بعضهم حينها تسمية (إذاعة فيروز من دمشق) للدلالة على الاهتمام الكبير الذي توليه الإذاعة بأغاني فيروز.
من إذاعة دمشق انطلقت فيروز وعرفها الجمهور العربي من خلال أغنية «عتاب» التي أذيعت من إذاعة دمشق عام 1952، وكانت من أجمل ما غنت فيروز:
حاجي تعاتبني يئست من العتاب.. ومن كتر ما حملتني هالجسم داب
الرحابنة كانوا يأتون كل شهر لتسجيل أغنية لإذاعة دمشق، وحينها لم يكن الراحل عاصي الرحباني قد ارتبط بفيروز برابط الزواج، وجاء مرة إلى مدير الإذاعة حينذاك الأمير يحيى الشهابي وقال له: الشهر القادم سنأتي من دون فيروز، سنقدم لك مطربة جديدة، فرد عليه الأمير يحيى الشهابي قائلاً: إذا لم تحضر فيروز فلن يكون هناك أي تسجيل لمطربة أخرى.
وهناك معلومة لست متأكداً منها تقول إن الرئيس أديب الشيشكلي الذي حكم سورية من 1949إلى 1954 أمر بتعيين فيروز في فرقة كورال الإذاعة، وفي كلتا الحالتين تظهر هذه المعلومة مدى تأثير فيروز والرحابنة في السوريين.
ولي شخصياً قصة طريفة مع فيروز، فقد كنت- ومازلت، من عشاقها، وكان لي صديق يعرف شغفي بفيروز، وذات يوم من أيام حفلات معرض دمشق الدولي سألني: هل تحب أن تحضر حفل فيروز؟ فقلت له: ما هذا السؤال وأنت تعرف أننا غير قادرين على دفع ثمن بطاقة الدخول، فرد علي: سندخل من دون دفع ولا قرش!
وفعلاً ذهبنا إلى مسرح المعرض وكانت خطة رفيقي أن نبادر فور وصول فرقة الرحابنة إلى نقل الآلات الموسيقية إلى داخل المسرح ومن ثم نتوارى في مكان ما حتى تبدأ المسرحية، وهكذا كان، وهكذا صرت أحضر مسرحيات فيروز، وفي إحدى المرات انتظرت حتى خروج فيروز من المسرح كي أصافحها، وعندما حدث ذلك اعتذرت عن مصافحتي لأي شخص بيدي التي صافحت فيروز!
هذه القصة رويتها للدكتورة حنان قصاب حسن، عندما كانت أمين عام احتفالية (دمشق عاصمة الثقافة العربية) فنقلتها بدورها للسيدة فيروز فما كان جوابها إلا أن قالت: لو كنت أعرف هذه القصة لخصصت حفلة من حفلاتي في دمشق مجاناً لصحفيي سورية.
شكراً فيروز فقد أدخلت الفرح إلى قلوبنا على مدى ما يقرب من سبعين عاماً، وكل عام وأنت بألف خير، لك الفرح والحب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن