رياضة

تعادلا بهدفين لمثلهما في ذهاب نهائي الليبرتادوريس … البوكا والريفر.. أكثر من مجرد كلاسيكو

| خالد عرنوس

عالم كرة القدم عالم غريب وعجيب مملوء بالقصص والحكايات المثيرة التي تخرج عن المألوف في بعض الأحيان، فعندما يصف أسطورة ليفربول بيل شانكلي بأن لعبة كرة القدم أكثر من مجرد حياة أو موت نجد أن بعض العاملين في حقل اللعبة الشعبية الأولى يطلقون تعابير خيالية، ومنها ما يصفه عشاق الكرة في الأرجنتين مباراة القمة هناك بين فريقي العاصمة بيونس آيرس بأنها الحرب العالمية الثالثة، وعندما يعتذر عشرات الحكام عن إدارة نهائي الليبرتادوريس بين الفريقين ندرك مدى صعوبة هذه المواجهة وهوس جماهير الفريقين بهذه المباراة وخاصة عندما نعرف أن صحفياً طرح مجرد فكرة أن تقام من دون جمهور لقي حتفه غيلةً، لكن اتضح فيما بعد أن كل هذا يقع تحت بند الشائعات التي امتلأت بها مواقع التواصل الاجتماعي بين مناصري الفريقين، وهي حكاية قديمة بين ناديين مثلا قمة الكرة في بلاد لا تعترف سوى بالعظماء وتعتبر كرة القدم حياة أخرى وقد أعطت صفة القداسة للاعب كرة قدم يدعى مارادونا، فما حكاية هذا الديربي أو السوبر كلاسيكو كما يسمى في أرض الفضة؟… نتابع في السطور التالية.

عداء طبقي

لم يكونا نادياً واحداً وانشق أحدهما عن الآخر بل نشأ ريفر قبل البوكا بأربع سنوات ومن سوء المصادفة أنهما انتميا لحي واحد على شواطئ بيونس آيرس العاصمة الأرجنتينية وتواجها أول مرة رسمياً عام 1913 وفاز ريفر 2/1 وذلك بعد 6 سنوات على لقائهما الودي الأول الذي انتهى بفوز بوكا بالنتيجة ذاتها، واستمرت مواجهتهما بشكل طبيعي حتى مطلع الثلاثينيات عندما دأب بعض أغنياء المدينة بتمويل الريفر ليصبح تابعاً للأغنياء على حين بقي البوكا ممثلاً لفقراء المدينة ومن هنا نشأت العداوة التاريخية بين فريقين أحدهما يملك المال والثاني يملك الجماهيرية الأوسع ولعل ارتداء راتين ثم مارادونا وريكيلمي وباليرمو قميص النادي زاد في شعبية الفريق ذي اللباس الأزرق والأصفر الذي اشتقت ألوانه من لون العلم السويدي الذي كان أول لون مرفوع على سفينة دخلت ميناء المدينة عندما قرر مسؤولو النادي اختيار ألوان جديدة خاصة به، وبالمقابل لم تكن أسماء لاعبي الريفر ذي اللونين الأبيض والأحمر أقل شأنا إذا ما عرفنا أن لابرونا وكيمبس وباساريللا وإيمار وغاياردو وفرانشيسكولي ارتدوا قميصه.
ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت تعرف مبارياتهما باسم الحرب العالمية الثالثة نظراً لقسوتها وخشونتها وإثارتها ولعل ما حدث عام 1968 مثال سيئ عن قسوة المواجهة بينهما فقد اشتعلت أحداث شغب بين الفريقين راح ضحيتها أكثر من سبعين شاباً ولذلك فإن سلطات العاصمة تستنفر قبل أيام من لقاءاتهما، ولذلك فقد ارتاحت السلطات من هذا العناء عندما هبط ريفر إلى الدرجة الثانية عام 2011 وبقي هناك ثلاثة مواسم.

زعامة محلية

بالطبع لم تأت جماهيرية الفريقين من فراغ فقد هيمنا على بطولة الدوري الأرجنتيني فيتصدر البوكا لائحة المتوجين بـ36 لقباً مقابل 33 لقباً لريفر مقابل 33 مرة مركز الوصافة للأول و22 مرة للثاني وكان رافدين أساسيين لمنتخب التانغو إلا أن الزعامة القارية كانت لنادي أرجنتيني ثالث يدعى إيندبندينتي برصيد 7 ألقاب ويتقدم البوكا برصيد 6 ألقاب مقابل 3 فقط لريفر علماً أن الأخير شارك في البطولة القارية 31 مرة مقابل 25 فقط لأبناء جونيورز الذين خاضوا النهائي 10 مرات مقايل 5 مرات فقط لبلايت.
وكان بوكا جونيورز توج بالليبرتاردوريس (دوري أبطال أميركا الجنوبية) أعوام 1977 و1978 و2000 و2001 و2003 و2007، بينما ألقاب ريفر بلايت أعوام 1986 و1996 و2015.

ذكريات وأرقام

246 مباراة جمعت الفريقين في كل المناسبات قبل مباراة الذهاب التي أقيمت الأسبوع الماضي والغلبة لبوكا بواقع 88 فوزاً مقابل 81 لريفر وتعادلا 77 مرة والأهداف 322/298، ومنها 210 مواجهات رسمية في سائر المسابقات والكفة أيضاً تميل للبوكا الفائز 77 مرة مقابل 69 مرة لجاره و65 تعادلاً والأهداف 288/277، أما في بطولة الليبرتادوريس فقد اقتصرت مواجهاتهما على 24 مباراة فاز البوكا بعشر منها مقابل 7 لريفر و7 تعادلات والأهداف 28/19، ولعل آخر مواجهة بينهما في نسخة 2015 خير مثال على حالة العداء بين جماهير الفريقين.
ففي لقاء الذهاب يومها في دور الستة عشر تقدم ريفر بلايت بهدف في ملعبه مونومنتال وفي لقاء الرد على ملعب بونبونيرا الخاص ببوكا ومع دخول بعض لاعبي الفريق الضيف لأداء الشوط الثاني قام بعض من جماهير صاحب الأرض برش رذاذ الفلفل الحار على وجوه بعض اللاعبين وهي الحادثة التي أكدتها الصورة التلفزيونية فما كان من حكم المباراة إلا أن أوقف المباراة ليقرر اتحاد الكونيمبول معاقبة البوكا ومنح الفوز لريفر ويومها أكمل الطريق نحو اللقب الأخير ليمثل أميركا اللاتينية في مونديال الأندية علماً أن كلاً الفريقين خاض المونديال مرة واحدة وقد خسرا النهائي أمام الأوروبيين.
فلعب بوكاجونيورز عام 2007 وتجاوز النجم الساحلي التونسي في نصف النهائي قبل أن يخسر 2/4 أمام ميلان، أما ريفر بلايت فقد تأهل لمواجهة برشلونة في نهائي 2015 بعد فوزه الصعب على سانفريتشي الياباني بهدف وخسر أمام بطل أوروبا بثلاثية نظيفة وبالطبع فإن المتوج بلقب نسخة العام الحالي سيكون ممثلاً للقارة في مونديال الأندية بالإمارات بعد قرابة أسبوعين.

مواجهات مشهودة
وبدأت مواجهات الفريقين في البطولة القارية عام 1966 ويومها احتاجا إلى أربع مباريات كاملة بعدما تبادلا الفوز كل في ملعبه وفي المباراة الفاصلة الأولى تعادلا 2/2 ثم فاز بوكا بهدف حيث لم يكن معمولاً بنظام الأهداف خارج الأرض وكذلك الركون إلى ركلات الترجيح.
ومن المواجهات المشهودة مباراتا عام 1991 ويومها فاز البوكا ذهاباً بنتيجة تاريخية بلغت 4/3 ثم كرر الفوز 2/صفر خارج أرضه وهي المرة الثانية فقط التي انتهت المواجهات بينهما بفوز فريق ذهاباً وإياباً، أما الفوز الأعلى بينهما في الليبرتادوريس فقد سجلها البوكا عام 2000 عندما فاز بثلاثية نظيفة.
وكان ريفر بلايت فاز في عام 1972 بنتيجة 5/4 في أغزر مواجهة بينهما، أما النتيجة الأعلى فكان صاحبها الريفر الفائز عام 1941 بنتيجة 5/1 وعاد وفاز في العام التالي برباعية نظيفة.

إياب مجهول
الفريقان اللذان يمنيان النفس برحلة ثانية إلى المونديال وبجائزة مالية تصل إلى 6 ملايين دولار للمتوج باللقب قنعا بالتعادل تحت قيادة الحكم التشيلياني روبرتو توبار وقد استعمل هذا الأخير روح القانون في كثير من الحالات المثيرة للجدل كي لا تتحول المباراة إلى مجزرة تحكيمية مكتفياً بطرد وحيد وإبعاد مدرب ريفر اللاعب الشهير غاياردو الذي أشرف على الفريق منذ هبوطه إلى الدرجة الثانية وكان وراء لقب 2015 وبالتالي سيغيب عن لقاء الإياب بعد رفض اتحاد الكونيمبول استئناف القرار، وقد عزا توبار بعض القرارات المخففة بأنه استعمل العقوبة الأسهل دائماً من أجل تخفيف التوتر بين لاعبي وجمهور الفريقين.
مباراة الإياب التي ستقام السبت بداية من الساعة العاشرة بتوقيت دمشق عهدت قيادتها لحكم أورغوياني يدعى أندرياس كونا الذي سبق أن قاد أربع مباريات للفريقين مناصفة في هذه البطولة وكانت جميعها ضد أندية برازيلية.

قبل النهائي
• إجراءات واسعة اتخذتها إدارة ريفر بلايت تحسباً للمباراة فاكتفت بحضور 55 ألف متفرج علماً أن ملعب مونومنتال يتسع رسمياً لـ66 ألفاً، وقررت التفتيش على الحضور حيث يحضر صاحب البطاقة بالاسم، وخصصت 5 آلاف بطاقة لأنصار بوكا، وكان 80 ألفاً من عشاق ريفر طلبوا تذاكر لحضور المباراة.
• قررت إدارة ريفر منع إدخال أي مشروبات روحية أو ألعاب نارية من مختلف الأنواع والأشكال إلى المدرجات، وقررت منع أي مراهق يقل عمره عن 16 سنة من الحضور.
• بادرت إدارة ريفر بلايت عبر رئيسها رودلوفو دونوفريو بطلب من الشرطة عدم تفتيش غرف ملابس فريق البوكا قبل المباراة وذلك منعاً للاستفزاز كما حدث مع لاعبي فريقه في لقاء الذهاب عندما أثار رجال الأمن والكلاب البوليسية الذعر في غرفة ملابسهم ووصف المنظر بغير الحضاري.
• نهائي 2018 هو الأخير الذي سيقام بطريقة الذهاب والإياب بعد قرار اللجنة المنظمة إقامة مباراة نهائية على غرار دوري أبطال أوروبا في ملعب محايد لطرفي النهائي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن