ثقافة وفن

الإرهاب الصهيوني… وفق بروتوكولات حكماء صهيون

| المستشار: رشيد موعد

منذ ظهورها – أواخر القرن التاسع عشر– وحتى الآن ما زالت (بروتوكولات حكماء صهيون) تثير الجدل حولها.. مجموعة من الأوراق ظهرت.. ولادتها لم تكن شرعية.. ضرب عليها سياج من السرية والتكتم… بلا اسم ولا صاحب بدأت التخمينات حول أصحابها… البعض رأى أن اليهود هم أصحاب هذه الفكرة… فالخطاب بها موجه لهم والمخطط المرسوم فيها لمصلحة اليهود والهدف الذي تسعى لتحقيقه هو (تدمير العالم كله ليحكمه اليهود).
لقد تبرأ اليهود من هذه البروتوكولات منذ الإعلان عنها أواخر القرن التاسع عشر وتعاملوا معها بحساسية بدت للبعض أنها متعمدة ومقصودة فأنكروا نسبها لهم… فالبروتوكولات بكل ما تحمله من حقد وضغينة وتآمر ودمار للعالم ستصيب كل من يقرؤها أو يتعامل معها بالغضب والثورة على اليهود وعلى مخططهم الوحشي. والغريب أنه في الوقت الذي يتبرأ فيه اليهود من البروتوكولات… تظهر فيه إسرائيل بوجهها العنصري المدمر.
وتبدو كأنها تطبق بمهارة كل ما جاء في هذه البروتوكولات.
الجدل حول البروتوكولات دفعنا للبحث عنها للتعرف على مزيد من التفاصيل عن هذه الوثائق لكن ما هي حكاية هذه البروتوكولات ومتى ظهرت. يقول الباحث محمد خليفة التونسي في كتابه:
(الخطر اليهودي في بروتوكولات حكماء صهيون).
لو توهمنا أن مجتمعاً من أعتى الأبالسة الأشرار قد انعقد ليتبارى أفراده منفردين أو متعاونين في ابتكار الأجرام كخطة لتدمير العالم لما تفتق عقل أشر هؤلاء إجراماً وخِسة وعنفاً عن مؤامرة أكثر شراً من هذه المؤامرة لحكماء صهيون التي تعكسها بروتوكولاتهم وقد تناولها بالترجمة عام 1951 للغة العربية.
ويؤكد الأستاذ خليفة من ناحية أخرى في كتابه المذكور أن البداية كانت عام 1897 وفي أول مؤتمر صهيوني عقد برئاسة تيودور هرتزل في سويسرا حيث اجتمع 300 من أعتى حكماء صهيون وقرروا وضع خطتهم السرية لاستعباد العالم وكانت قراراتهم السرية حيث دامت مؤتمراتهم الثلاثة والعشرون حتى عام 1951.. لكن القدر أراد أن تتكشف هذه السرية، عن مؤتمراتهم بعد أن استطاعت سيدة فرنسية أثناء لقائها بأحد زعماء هذه المؤتمرات في مكان ماسوني سري في فرنسا أن تختلس بعض هذه الوثائق التي وصلت لأحد أعيان روسيا وهو اليكس نيقولا حيث دفعها لصديق له يدعى سيرجي نيلوس الذي أدرك بدوره جدية هذه الأوراق وعكف على دراستها وقارن بينها وبين الأحداث السياسية الجارية… وبناء عليه تنبأ بكثير من الأحداث الخطيرة التي وقعت فيما بعد منها نبوءته بتحطيم القيصرية الروسية ونشر الشيوعية، وكذلك نبوءته بسقوط الخلافة العثمانية، وأهم نبوءة كانت لديه هجرة اليهود إلى فلسطين وقيام دولة الكيان الصهيوني. ومنها أيضاً إثارة حروب عالمية لأول مرة في التاريخ يخسر فيها الغالب والمغلوب ولا يظفر بمغتنمها إلا اليهود.
الكاتب اللبناني عجاج نويهض الذي قدم لإحدى ترجمات البروتوكولات للعربية قال: إن السكوت المتعمد لذكر فلسطين أو أرض إسرائيل أنهم قالوا عند ذكر مخططهم لهدم البابوية واتخاذ أوروبا قاعدة لحكمهم فالوصول إلى فلسطين كان مرتبطاً عندهم بمصير الدولة العثمانية الذين تسرعوا في التوغل فيها وإسقاطها هذا التفسير الذي يؤكد به الأستاذ عجاج عن قناعته من أن البروتوكولات من صنع اليهود نلمحها أيضاً في كلمات الأديب عباس محمود العقاد الذي قدم لترجمة كتاب (الخطر الصهيوني في بروتوكولات حكماء صهيون) للأديب محمد خليفة التونسي مؤكداً أن ما جاء في البروتوكولات ملماً بحوادث التاريخ اليهودي والعالمي سيكشف له مؤامرة يهودية هدفها إفساد العالم والسيطرة عليه دون سائر البشر.
وقد ظهرت أول طبعة رسمية لبروتوكولات حكماء صهيون في روسيا القيصرية التي قام على نشرها القيصر نيقولا قيصر روسيا عام 1905 وكان طبيعياً أن يلصق البعض البروتوكولات لليهود لأنه يبدو لكل من يقرؤها أنها بمثابة خطة منظمة لتدمير العالم لسيطرة اليهود في النهاية عليه بإشاعة الانحلال والفساد حتى يتحقق لها هذا الهدف.
وإذا كان اليهود كما جاء في البروتوكولات يستطيعون أن يفسدوا الأرض وما عليها كي يقيموا على أنقاض الفساد دولتهم فإنهم لن يستطيعوا إصلاح الناس بعد إفسادهم لأن اتباع الفساد تحلل وإهمال بينما الصلاح التزام وجهد.
وعلى كل حال هذه دعوة لقراءة هذه البروتوكولات كي تدركوا مدى انحطاط هذه النفوس الشريرة التي صاغتها ومدى سخافة هذا البرنامج الخيالي الذي يمثل أحلام محرومين.. وخيالات «مخبولين» لأن هذه الأقوال لا تفيد إلا في تأجيج نيران الحقد في الصدور وإثارة البغضاء والكراهية بينما نحن في عالم اليوم بحاجة إلى المحبة وإلى الإخاء لا إلى النزاع والخصام.

قاضي محكمة الجنايات سابقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن