ثقافة وفن

الأديبة وداد سكاكيني.. بين البحث والإبداع … كاتبة شغوف بالإبداع وكتاباتها حريصة على إصلاح المجتمع والضمير

| سارة سلامة- «ت: طارق السعدوني»

كاتبة وناقدة بدأت حياتها الأدبية في مطلع الثلاثينيات، ونشرت معظم أعمالها التي تنوعت بين الكتابة الإبداعية (قصة قصيرة، رواية، مقالة) والدراسة الأدبية والنقدية والتاريخية، وكانت مهتمة بقضية المرأة وأدبها وتاريخها، وسلطت الضوء على أبرز المبدعات والشخصيات النسوية التاريخية في الشرق والغرب.
الأديبة وداد سكاكيني مواليد مدينة صيدا في لبنان، وتخرجت في كلية المقاصد الإسلامية في بيروت، ومن ثم أقامت في سورية ومصر مع زوجها الأديب زكي المحاسني، وتعدّ رائدة في مجال القصة القصيرة النسوية، ولها خمس مجموعات قصصية منها: «مرايا الناس» و«بين النيل والنخيل» و«الستار المرفوع».
كانت هي البطلة العاشرة من ندوة «سوريات صنعن المجد» التي حملت عنوان «وداد سكاكيني بين البحث والإبداع»، وأدار الندوة مالك صقور الذي قال: «من يقرأ إبداعات وداد سكاكيني فسيعرف موهبة هذه الأديبة، فهي تختار موضوعاتها المتنوعة والمختلفة والغنية فنياً بكل دقة، وتشعرنا بحرارة اللهجة وقوة النبرة وجزالة الكلمة كما يعرف انتصارها للقيم والأخلاق والشرف.

مشغوفة بالإبداع الوطني

وقالت الأستاذة فلك حصرية في محورها الذي حمل عنوان (وداد سكاكيني والمجتمع الدمشقي) إن: «الأديبة والناقدة والباحثة سكاكيني لم تكن إلا واحدة من النساء العربيات بعامة، والسوريات بخاصة اللواتي أكدن حضورهن النوعي في معارك العز والكرامة والوجود، وقد دخلت بقوة في مضمار الحياة الأدبية منذ القرن العشرين، الأديبة الشامية التي هي جزء من المجتمع ليس الشامي فحسب، بل المجتمع العربي وقد تخطت الحدود الجغرافية، الأديبة المثقفة الواعية التي تمتد شخصيتها ووجودها على مساحة الوطن العربي، وتعد سكاكيني الكاتبة والقاصة والناقدة والباحثة رائدة من رائدات الإبداع العربي في سوية ولبنان ومصر، وهي مثال للمرأة العربية التي لم تستطع الحواجز والعوائق كافة أن تقف بوجهها، وعشقها للأدب وشغفها واندفاعها نحو الإبداع الأدبي وهي امرأة من لبنان ومن سورية، عاشت ردحاً من الزمن في مصر، وتخرجت في كلية المقاصد الإسلامية في بيروت لتمضي عشر سنوات من عمرها في التعليم، إذ عملت في المعهد العالي للبنات، ثم أقامت في سورية ومصر مع زوجها الأديب والشاعر زكي المحاسني، حيث بدأت حياتها الأدبية في مطلع الثلاثينيات وقد نشرت معظم أعمالها في القاهرة، وهي المشغوفة بالإبداع الوطني الذي يعنى بالمرأة هماً إنسانياً، وهي البعيدة عن انشغالات الأنثى في نفسها وملابسها والمبالغة في التأنق والإجادة في كتاباتها، كما كانت تشجع الأدباء الناشئين من خلال توجيههم، وتقديم النصح، أما تراثها الأدبي فقد تنوع بين (الرواية والقصة القصيرة والمقالة والنقد الأدبي والترجمة الذاتية)، تعرفها قراء المجلات العربية من خلال كتاباتها ومقالاتها منذ أمد بعيد، تلك المجلات الأدبية الرائدة في الأدب والثقافة في الوطن العربي ومنها في مصر (الرسالة والثقافة والكتاب)، وفي سورية مجلة (الحديث) وغيرها، ونُشرت للمبدعة سكاكيني في هذه المجلات مقالات أدبية وقصص قصيرة لتظهر نبوغها وإبداعها في هذين المجالين، ومن ثم لتفوز بجائزة القصة القصيرة في مسابقة جريدة (المكشوف) اللبنانية وهي جريدة أدب وسياسة وفن، أما قصتها الفائزة فتحمل عنوان (الشيخ حمدي)».
وأضافت حصرية إن: «دمشق التي شهدت في الهزيع الأخير من القرن التاسع عشر عهد نهضة فتغدو أحد ميادين النهضة العربية لتؤسس فيها الصحف والمجلات وتنشر المدارس، دمشق التي شهدت في ظل الانتداب الفرنسي محاكمة النساء لقيامهن بتظاهرات مطالبات بالاستقلال وخروج المستعمر، أكدت الأديبة الكبيرة وداد سكاكيني -عبر كل ما كتبته بقديمه وجديده بذلك الزمن الذي شهدته- حرصها الشديد على أن يكون الإصلاح غايتها وغرضها، الإصلاح في المجتمع والناس والسلوك والضمير، وبالمقابل فقد قدر أدبها عظماء الأدباء وحملة الأقلام ليشهد لها الجميع بصفاء الأسلوب وعمق الثقافة والفكر، ونجحت الأديبة والباحثة والناقدة وداد سكاكيني في الميدان الأدبي وبجدارة كما في التواصل مع المجتمع العربي من خلال كتاباتها، وخرجت سكاكيني منذ نشأتها من إطار الوطن الضيق مهتدية في نتاجها الأدبي إلى فكرة الالتزام بالأدب بوحي من ذاتها وإحساس صادق بحاجات المجتمع، وهي التي تعد من كاتبات النصف الأول من القرن العشرين اللواتي خضن المجال الأدبي بثقة ووعي وإيمان، ليأتي مؤلفها «الخطرات» باكورة إنتاجها».

ازدواجية التراث ولغة المعاصرة

أما محور (وداد سكاكيني وقضية المرأة) فتناوله الدكتور عاطف البطرس حيث قال: «إن هناك مجموعة مقالات من كتاب (إنصاف المرأة) لم تذهب فيها الأديبة بعيداً من ناحية تجذير قضية المرأة والعودة إلى جذورها التاريخية والفكرية، كما أنها عندما تطالب بالإنصاف لا تطالب بحركة انقلابية تعيد الوضع إلى طبيعته عندما كانت المرأة هي الحاكمة في مرحلة مديدة من التاريخ، ولم تذهب بوضع يدها على المفتاح الانعطافي في التحول من مجتمع تهيمن فيه المرأة إلى مجتمع يهيمن فيه الذكورة، لأن هذا يتعارض مع مرجعتيها بما تعتقد وما جاء في الأحاديث والقرآن وما جاء في الثقافة العربية، كما لاحظ ميل المؤلفة في الكثير من مقالاتها إلى لغة كانت فيها أسيرة ثقافة ما تبقى من مخلفات اللغة القديمة ولغة العصور المنقرضة، حيث إن الكتاب ضم مجموعة مقالات ومن الصعب الحكم عليه كوحدة متجانسة ومتكاملة، إلا أننا نلمس فيه التكرار والجامع لهذه المقالات هي ذاتية الكاتبة وليس فقط وحدة الموضوع، وبالتالي هناك ازدواجية في استخدام المفردات «التراثية والحداثة» ولكن يتبادر إلى الذهن سؤال مهم: كيف يمكن لشكل قديم أو مفردات قديمة أن تحتوي موضوعات جديدة؟ ألا يشكل هذا خداعاً وتبايناً في العلاقة بين الشكل والمضمون؟ إلا أن وداد سكاكيني استطاعت التوفيق إلى حد ما بين ازدواجية المفردات من التراث ولغة المعاصرة».

تناولت مختلف الأجناس الأدبية

وتحدث الدكتور عبد اللـه الشاهر في محوره (وداد سكاكيني وتعدد الأجناس) أنه: «سواء اتفقنا مع نتاج سكاكيني النقدي أم لم نتفق، فإنه لا يمكن لنا تجاهل الدور المهم الذي نهضت به في محاولات التنظير لقيم وتقاليد في النقد العربي الحديث، حيث إنها تناولت في نقدها الأدبي مختلف الأجناس الأدبية الحديثة، ولاسيما القصة والرواية والشعر، وإن الحالة النقدية عندها وفي شتى ألوانها هي جزء لا يتجزأ من أدبها، فهي تنقد بصراحة ودون مواربة أو محاباة، وقد يمازج نقدها شيء من الحماسة والانفعال، وبخاصة عندما يكون الأمر ذا مساس بقضية المرأة، وتناولت في كتبها النقدية (نقاط على الحروف) الذي صدر عام 1960 في القاهرة وكتاب (شوك في الحصيد) الذي صدر في دمشق عام 1981، وقد جاء على شكل مقالات نقدية، وكذلك كتاب (سطور تتجاوب)، الذي صدر في دمشق عام 1987 والذي جاء كذلك على شكل مقالات نقدية، وكذلك كتاب (سواد في بياض) الذي صدر في دمشق عام 1959 ومما قوّى الجانب النقدي لسكاكيني أنها في مصر أتيح لها أن تتصل بكبار الأدباء وأعلام الفكر فتابعت المطارحات النقدية باهتمام، ما أكسبها خبرة واسعة في هذا الميدان، وقد هيأت لها الظروف أنها عاصرت أعلام الأدب والنقد في مصر، ومن هؤلاء الدكتور طه حسين والعقاد ومحمد مندور وغيرهم كثير من أدباء مصر».
وبين الشاهر أن: «أعمال سكاكيني تجلت من خلال القصة القصيرة ولها خمس مجموعات قصصية حرصت فيها على الواقعية والتغلغل في أعماق الشخصية، وبدت قدرتها على تقديم صون المعاناة بصدق وعفوية، وحصلت على الجائزة الأولى في مسابقة القصة القصيرة التي أقامتها مجلة المكشوف في بيروت وكان عنوان قصتها (الشيخ حمدي)، وفي الرواية كتبت روايتها الأولى (أروى بنت الخطوب) وتجاوزت فيها حرفية الواقع وتحررت من السردية الطويلة لكنها بقيت أسيرة المصادفات وبعض المبالغات التي تؤدي بالسرد إلى استطرادات زائدة وبدت لغتها أقرب إلى التقليدية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن