ثقافة وفن

وثائقي الرجل الذي لم يوقع محاولة لإنصاف التاريخ وإنصاف رجل لم يكن عابراً في تاريخ المنطقة … كمال خلف لـ«الوطن»: إسرائيل تعيش على التعاطف والدعم الغربي وسورية بدأت تستعيد قدراتها الصاروخية

| سناء أسعد

هو عاشق محب ومخلص لسورية.. سورية التي تسكن قلبه ووجدانه والتي تعنيه كوطن، هي بالنسبة له الطفولة والشباب والارتباط.. سورية الشعب الطيب والوطني، سورية الرجل الذي لم يوقع على سلام منقوص وسورية الرجل الذي لم يخف ولم يهتز على الرغم من أن المليارات التي دفعت لإسقاط سورية كفيلة بأن تسقط عشرين دولة..
فعندما يكون الحديث عن سورية فجأة نصبح نحن الشعراء وهي تلك الجميلة التي يليق بها كل قصائد الحب والغزل، وعندما تكون الكلمات نابعة من أعماق صادقة، ممزوجة بمشاعر وأحاسيس دافئة لا بد أن نشعر بطهر حروفها وقدسيتها.
فكيف إذا كان من يتحدث عنها رجل أصيل لا يعرف المراوغة وحبه لها يجري في دمه وعروقه.. رجل مقاوم بفكره وقلمه ومن على منبره الإعلامي. هو كمال خلف الإعلامي في قناة الواقع كما هو.. قناة الميادين.. ميدان الحق والحقيقة.
إعلامي بارع في تقديم برامجه ومبدع في إدارة حواراته لطيف الحضور ويتمتع بكاريزما خاصة في جميع إطلالاته.
«الوطن» التقت الإعلامي كمال خلف أثناء زيارته لمحافظة طرطوس وكان لنا معه هذا الحوار الخاص:

في البداية حدثنا عن سبب زيارتك لمحافظة طرطوس؟
الزيارة جاءت بدعوة لإلقاء محاضرة في محافظة طرطوس بمناسبة الحركة التصحيحية وأنا أتيت تلبية لهذه الدعوة وأيضاً الموضوع المطروح الذي له علاقة بالرئيس المؤسس حافظ الأسد تحت عنوان الرجل الذي لم يوقع.. موضوع أراه يستحق القدوم والحديث فيه..

وثائقي الرجل الذي لم يوقع هل هو تكريم لشخص القائد الخالد حافظ الأسد أم إنه للتذكير بنهج سورية ومبادئها وبخطها المقاوم في ظل ما تعرضت له كثمن لهذا النهج وتلك المبادئ؟
في موضوع الرجل الذي لم يوقع أنا سأتحدث عن وجهة نظري الشخصية لأني لست منتجاً لهذا الوثائقي ولست معداً له.. هو أعد من عدد من الزملاء الأعزاء. لكن في اعتقادي أن الوثائقي كان محاولة لإنصاف التاريخ وإنصاف رجل لم يكن عابراً في تاريخ سورية وتاريخ المنطقة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى في الواقع الحالي خلال السنوات الماضية التي عشناها كان هناك محاولة لتشويه صورة الرئيس حافظ الأسد وتشويه هذا التاريخ النضالي. كان يوجد محاولة للانتقام من رجل لم يوقع، من رجل أسس لسورية الحديثة، انتقام من رجل لم يسر في ركب القادة الذين وقعوا أو استسلموا لذلك جرت عملية استهداف لشخص الرئيس حافظ الأسد، لرمز الرئيس حافظ الأسد، لتماثيله في المحافظات السورية، للخطب التي كان يلقيها حتى بدؤوا يطرحون سؤالاً لماذا لم تحرر الجولان وكل ما هو من هذا القبيل. لذلك كان لابد أن يكون هناك نوع من الرد على كل هذا إنصافاً للرئيس حافظ الأسد ولتوثيق مرحلة تاريخية أعتقد أن كثيرين ليس لهم مصلحة في توثيقها.. طبعاً كثيرون من خارج سورية..

ماذا تقول للأقلام التي انتقدت الوثائقي؟
كل صحفي له الحق أن يقول رأيه والانتقاد هو حالة صحية لكن هناك فرق بين أن تنتقد عملاً معيناً وتجد فيه أخطاء ومثالب وأن يكون لك وجهة نظر مختلفة عن ما قدمه هذا العمل وبين أن يكون هناك نوع من الهجوم المجاني.
طبعا هناك أقلام محترمة وعندما تنتقد نشجعها لكن هناك أقلام تهاجم لمجرد الهجوم وأعتقد أن الرد على هؤلاء مضيعة للوقت. على الإنسان أن يقدم في نهاية المطاف وجهة نظره ولا يلتفت لمثل هذه الأصوات.

ماذا تقول للذين يسوغون التطبيع مع إسرائيل بمقولة ماذا فعلت المقاومة؟ وماذا يفعل من يريدون تحرير فلسطين؟
ما أستغربه حقيقة هو كيف أنك أنت لا تريد أن تقاوم وكيف أنك استقلت من مهمتك كعربي ومن ثم تأتي وتنتقد المقاومة وتسألها ماذا فعلت؟
الدول قامت على أساس أنها قامت للتحرير ويوجد هناك أرض عربية محتلة وعلى هذه الأرض العربية يوجد كيان إسرائيلي يهدد باقي الدول العربية، وهذا بالمناسبة ليس تخويفا أو تنظيرا للتاريخ،
يوجد مخاطر حقيقية تشكلها إسرائيل على دول المنطقة.
هناك مشروع إسرائيلي توسعي كبير، مشروع إسرائيلي وهيمنة اقتصادية كبيرة، مشروع إسرائيلي وهيمنة ثقافية كبيرة، فإذا كانت هذه الأقلام والأصوات والسياسيون استقالت من مهمتها ولا تريد أن تقاوم فلتترك الآخرين يقاوموا، أنت كعربي وأتحدث هنا عن المطبعين اليوم الذين يسألون المقاومة ماذا فعلت ليس مطلوب منك شيئاً. لكن لا تسأل المقاومة ماذا فعلت، أنت ماذا فعلت أيضاً حتى تسأل المقاومة ماذا فعلت.. في نهاية المطاف أنت لك خيارك حر فيه. فاترك المقاومة لخيارها ولا تقترب منها ولا يشرف المقاومة طبعاً أن تقترب منها.
المقاومة وهنا لا أتحدث عن المقاومة المسلحة. هناك أشكال كثيرة للمقاومة.. المقاومة الفكرية والسياسية حتى الشعور أحياناً بأن إسرائيل عدو هو شكل من أشكال المقاومة.. حالة المقاومة المجتمعية والجماهيرية والسياسية والنخبوية هذه الحالة لديها أهداف تسعى لتحقيقها هي لم تعد حالة ردة فعل وغضب كما كانت في زمن عبد الناصر وزمن المد القومي حيث كان لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، الآن أصبح هناك خطط أصبح هناك عمل حقيقي، أصبح هناك نظرة واقعية لما يجري في الصراع.
ثانياً أنا برأيي إن تيار المقاومة الآن يحقق مكاسب كبيرة. أما تيار التطبيع يعتقد أنه يحقق قفزات كبيرة في مجال السياسة والتقارب مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية لكن النتائج بتقديري ستكون كارثية، وهنا أريد أن أذكر أن محمد رضا بهلوي الذي كان شاه إيران كان رجلاً قوياً ورجل أميركا الأول في التحالف مع إسرائيل وكيف استيقظ صباحاً ولم يجد بلداً يستقبله في الطائرة التي كانت تحمله في الأجواء.. يجب أن يأخذوا العبرة، على الجميع أن يأخذوا العبرة من هذا الأمر.

برأيك هل نعيش عصراً عربياً قاسياً أدنى من عصر الانحطاط؟
طبعا نحن نعيش عصرا أدنى من عصر الانحطاط لأنه في أقسى عصور الانحطاط لم يكن التقاتل العربي والخصام العربي بهذا المستوى المتدني. يعني عندما نتابع الأزمة الخليجية على سبيل المثال أو حتى أزمة الخاشقجي بغض النظر إذا كان صحفيا نختلف معه أو نتفق معه لكن أن تأتي بإنسان وأنت قائد دولة إلى قنصلية ومن ثم يقتل وتقطع جثته بمنشار هناك شيء بشع يحصل في العالم العربي حقيقة. قبل قليل ذكرت في المحاضرة عن مصادر القوة ومواقع القوة.. ومواقع القوة في دول الخليج هي المال والميديا والتأثير هذه المواقع يساء استخدامها، وسوء الاستخدام الذي تقوم به هذه الدول سيؤدي إلى المزيد من الانحدار والانحطاط في العالم العربي.. طبعا النخبة أيضاً تعيش حالة من الانحطاط لأن النخبة أصبحت مجموعة من المرتزقة تعمل من أجل المال لا أحد يستطيع أو لديه استعداد أن يضحي كما كان يحصل في السبعينيات والثمانينيات عندما كانت النخبة تدفع ثمن حصار بيروت مثلاً.. النخبة لا تريد أن تدفع ثمناً، تريد أن تقبض ثمناً. باعتقادي أن الخليجيين حولوا النخبة إلى هذا النوع من البشر الذين يبحثون عن مصادر المال ولذلك يوجد ترد فكري في العالم العربي وترد إعلامي لأن البعض اعتقد أن الجزيرة والعربية يمكن أن تشكلا منابر للتقدم في الحالة العربية لكنهم اكتشفوا أنه لا يمكن أن تؤسس لمؤسسة صحفية عريقة تنشر تنويرا وفي الآخر يكون صاحبها شيخاً أو أميراً وليس في بلده ديمقراطية أو حرية.
اكتشفنا الكذبة والميديا كانت سلاحاً تدميرياً ولم تكن سلاحاً تنويرياً.

في ختام إحدى مقالاتك قلت مئة عام ولم ننهض وليس في الأفق القريب بوادر انجلاء الظلام وبزوغ فجرنا.. هل فقد كمال خلف الأمل بأن يستيقظ العرب يوماً ما؟
ليس فقداناً للأمل هو توصيف للواقع، أنا لم أكن أتحدث عن أملي أنا، ولكن الحقيقة أن الواقع الراهن لا يوجد فيه بوادر نهضة هناك بوادر إعادة توازن.. انتهاء الحرب في سورية يعطي فرصة لإعادة التوازن في العالم العربي بعد أن فقد العالم العربي توازنه في الفترة الأخيرة وانتقل مركز القرار العربي إلى دول هامشية مثل قطر والإمارات والسعودية.. هناك دول محورية مثل سورية ومصر والعراق فقدت دورها إلا أن وقوف الحرب في سورية سيعيد التوازن في المنطقة ولكن ليس هناك بوادر لمشروع نهضة.. عندما انطلقت الأحزاب، عندما انطلقت القومية العربية في القرن التاسع عشر كان هدفها النهضة. فإبراهيم اليازجي وزكي الأرسوزي وغيرهم من السوريين كانوا يبشرون بالنهضة.. الآن لا أرى النهضة قريباً، لا أرى القيام قريباً لكن نحن على أمل أن تتم إعادة التوازن.

برأيك هل قامت مصر بدورها العروبي حيال أزمات المنطقة؟
في مصر بعد عبد الناصر أصبح هناك إشكالية كبيرة.. مازال القوميون العرب يتمسكون بمصر.. يتمسكون بمشروع عبد الناصر مازالت مصر دولة عربية كبيرة نتحدث عن 90 إلى 100مليون إنسان يعني نتحدث عن أمة فيها نخبة عربية كبيرة.
وأنا بتقديري إن الأمة العربية لا تزال تنظر إلى مصر من منظار التاريخ. المصريون في واقعنا الحالي لايلعبون أي دور، يعني مصر لا تلعب الدور الذي يليق بها وأكثر من ذلك يعاب على مصر أنها مثلاً خلال الأزمة الخليجية لعبت دور تابع مثل دور البحرين التي لا تمثل بالحجم حجم حي في القاهرة.. كانت مصر والبحرين دولتين هامشيتين لكن من كان يأخذ القرار في الهجوم على قطر أو في مقاطعة قطر وحصارها السعودية والإمارات؟ مصر لا تلعب دورها القومي حقيقة.. لابد أن تلعب دورها القومي نتمنى ذلك.. مصر على وقع أزمتها الاقتصادية وفي واقعها الراهن بعد حكم الإخوان المسلمين ذهبت أكثر وأكثر باتجاه الانكفاء الداخلي ولا يبدو أن المصريين لديهم شهية أو رغبة أصلا في أن يلعبوا دوراً على المستوى العربي، طبعاً موضوع غزة استثناء فيما يتعلق بالوساطات التي تقوم بها مصر في غزة لأن غزة تمثل مجالا حيويا للمصريين.

هل تعتقد أن المعارضة السورية ستراجع نفسها وستستجيب لدعوتك في الرسالة التي وجهتها لها؟
لا أعتقد ذلك وأنا وجهت الرسالة للتاريخ كنا نقول للكثير من المعارضين السوريين الذين كنا نلتقيهم مصادفة أو كانوا أصدقاءنا قبل الأزمة إن حساباتهم خاطئة، البداية كانت خاطئة، الأسلوب كان خاطئا، الخطاب كان خاطئاً، لم يكن هناك شيء مقنع تقدمه المعارضة للشعب السوري كنا ننصحهم بأن يبتعدوا عن الدعم الخارجي وهذا بالطبع كان صعباً.. كنا نقول لهم ذلك لأن الشعب السوري لديه حساسية من موضوع الدعم الخارجي ولأن هذا الأمر لن يشكل لهم شعبية.. هناك تجارب اعتمدوا عليها منها أن المعارضة العراقية جاءت على متن الدبابات الأميركية وأن إطاحة القذافي في ليبيا كانت عبر الناتو.
وأنا برأيي أن المعارضة لم تحسب حساباتها الجغرافية والسياسية في سورية، ولم تدرك أهمية التحالفات أو عضوية التحالفات التي أجرتها سورية في زمن حافظ الأسد مع عدد من القوى الإقليمية، لم يدركوا خصوصية حالة الاستقرار الموجودة لدى الشعب السوري الذي يسعى تاريخياً لأن يكون بلد استقرار وازدهار وليس بلد حروب واقتتال داخلي، كما أن هناك أمراً يجب ألا نغفله هو أن هذه المعارضة بلغت حالة من الثراء، هناك أموال كثيرة دفعت للمعارضة لدرجة أنه صار هناك تسابق للانضمام إلى صفوفها.
للأسف المعارضة لم تستمع للنصيحة.. هناك رسالة مفتوحة وجهتها لهم ليعودوا إلى دمشق وكفاهم مراهنات.. كاشفتهم في التاريخ القديم وكيف كانوا يكذبون على الناس في أساطير كثيرة
وفي النهاية أقول اذكروا محاسن أمواتكم إذا كان لهم محاسن.

برأيك لماذا اختار السيد حسن نصر اللـه هذا التوقيت للكشف عن لغز الغارات الإسرائيلية على سورية؟
هذه إحدى النقاط المهمة جداً مما يجري في سورية.. هناك عمل دؤوب على أن تستعيد سورية الترسانة الصاروخية وخاصة الصواريخ الإستراتيجية وهذا كان سبب الغارات على سورية حقيقة أو سبب الغضب الإسرائيلي وليس الوجود الإيراني في سورية، طبعاً الوجود الإيراني المقصود فيه هو الوجود الداعم لإعادة ترميم الترسانة الصاروخية السورية وقوة الردع السوري ولذلك جرى استهداف العالم السوري عزيز إسبر وكان هناك غارات مجهولة السبب أو الهدف.. وعندما تحدث السيد حسن نصر اللـه عن أن الغارات تستهدف القدرة العسكرية السورية الصاروخية كان يكشف سرا وهذا السر هو أن سورية بدأت تستعيد قدراتها الصاروخية.
هناك عمل دؤوب لتستعيد سورية قوة الردع الصاروخية وهذا ممنوع إسرائيلياً لأنه عندما قامت الحرب الكل يذكر كيف كانت العصابات المسلحة تستهدف المطارات وتستهدف الرادارات ومنصات الصواريخ.. فلذلك كان أحد أهداف الحرب هو ضرب القدرات الصاروخية وهذا طبعا الآن مدرك لدى سورية والحلفاء لذلك تتم إعادة ترميم الصواريخ.. هذا ملف كبير وأنا استغربت صراحة كيف تحدث عنه السيد حسن نصر الله.

برأيك عندما يصرح العدو بقوة خصمه هل هو اعتراف بهزيمته أم إنه مجرد اعتراف بحقيقة لا يمكن إنكارها؟
أحياناً يقول العدو عن الخصم إنه قوي ليسوغ بناء قوته.
الإسرائيليون بالمناسبة يقولون حزب اللـه قوي ويمتلك آلاف الصواريخ لكي يقولوا ادعمونا أكثر، لنبني قدرات عسكرية أكبر لكي يقولوا للدول الغربية نحن نقع على حدود حزب لديه آلاف الصواريخ ويهدد وجودنا وهذا يزيد من تعاطف هذه الدول مع إسرائيل التي تقدم نفسها دائماً ضمن صورة الضحية وتقول لهم نحن هنا على الحدود مع حزب قوي، حزب كبير، حزب يملك أسلحة كثيرة حتى إذا هزموا يقولون هزمنا من حزب كبير وقوي. في النهاية إسرائيل تعيش على التعاطف الغربي وعلى الدعم الغربي.

هناك أقلام تباع وتشترى وأقلام تدفع ثمن جرأتها وتمسكها بمبادئها، ماذا تقول في كلا الطرفين؟
بالنسبة للأقلام التي تباع وتشترى فقد ذكرت قبل قليل أنه صار هناك حالة في العالم العربي أوجدتها بعض الدول الخليجية التي استثمرت في الميديا، أوجدت حالة في العالم العربي اسمها الصحفي الباحث عن المال أو النخبة الباحثة عن المال.. هناك من وجد هذا الموضوع نوعاً من الاستثمار المكسب المربح وهذا النوع من النخبة خطير وليس سهلاً فنحن نرى أن هناك تلفزيونات تابعة لدول الخليج، صحافة تابعة لدول الخليج، لكن الأخطر أنه يوجد مراكز دراسات جاؤوا بنخبة حقيقية وليست نخبة مزيفة نخبة تستطيع أن تنظر لك ما تريد لكن مقابل المال، هذه النخبة سيطرت على فضاء المطبوعات تحديداً الكتب. فبدأت تصدر نوعاً من الخطاب في هذه الكتب. هذا الخطاب يتبنى رواية معينة، الخطورة أين؟ الخطورة أنك أنت الآن في سوق الصحافة والنشر لن تجد إلا هذه النوعية من الكتب، وبعد جيل أو جيلين سيأتي أبناؤنا سواء احتاجوا هذه الكتب كمراجع لرسالة الدكتوراه أم رسالة الماجستير لن يجدوا سوى هذه الرواية في المكتبة العربية لذلك ستضيع الرواية الحقيقية التي نتحدث فيها.
أن تتم السيطرة على النخبة أو تكون هناك محاولات دائمة لاستقطاب النخبة هذه مشكلة كبيرة وخطيرة، أما الأقلام التي لا تباع ولا تشترى فيمكن أن نراهن عليها بشكل كبير لكن أيضاً العمل الإعلامي أو الصحفي يحتاج إمكانات ولو بالحدود الدنيا، اليوم قناة الميادين ميزانيتها أقل بكثير من ميزانية الجزيرة ولكنها تمتلك الحد الأدنى من الإمكانات. فأنت لا يمكنك أن تطلب من كاتب عربي أن يدافع وهو ليس لديه صحيفة ليكتب ما يريد قوله، يجب توفير الحد الأدنى للنخبة المؤمنة حقيقة بقضايا الأمة ومستعدة فعلا أن تقاتل وتدفع الثمن. والحد الأدنى يكون بتوفير المنابر للنخبة.. لا يمكن الاستفادة من النخبة من دون منابر.

كيف تقيم دور الإعلام السوري خلال الأزمة؟
الإعلام السوري قام بواجبه وهو إعلام بطل، إعلام مقاتل، إمكانيات بسيطة لكنه صمد ولم يستسلم، قدم شهداء، وفي الإعلام السوري نخبة يعجب الإنسان بها هناك من هم على قدر كبير من المسؤولية.. خاض الأزمة بأخطاء، بعثرات، بقصور، لكن أنا لا يمكن أن ألوم إعلاماً بهذه الإمكانات المتواضعة أمام إمبراطوريات إعلامية كبيرة تدفع مليارات الدولارات في سورية للتسليح والتمويل والإعلام والدعاية والصحافة والنخبة.. وفي نهاية المطاف ألوم الإعلام السوري على خوض المعركة. مجرد أنه خاض هذه المعركة وثبت فيها فهذا يعني انتصاراً للإعلام السوري. ولا يوجد بديل للإعلام المحلي سواء أكانت الميادين أم الجزيرة وغيرها لا بديل للإعلام المحلي. الإعلام المحلي السوري هو جزء من الدولة هو إعلام الشعب، إعلام الدولة، إعلام الحكومة، إعلام المجتمع ولا يوجد بديل منه وخطابه يجب أن يكون موجها لهذه الشريحة لذلك لا توجد فائدة من أن يسعى الإعلام المحلي لمنافسة القنوات الكبرى في القضايا التي تطرحها يجب أن يكون خارج دائرة المنافسة لأنه إعلام يسعى إلى مخاطبة الرأي العام السوري ويجب التركيز على هذا الموضوع..

كيف تصف لنا مسيرتك الإعلامية مع قناة الميادين؟
مسيرة حافلة.. مسيرتي في الميادين فتحت لي آفاقاً كبيرة في المجال الإعلامي والصحفي.. الميادين قناة طموح.. قناة عملت الكثير بشكل مكثف خلال السنوات الماضية وهذا أتاح لي وللكثير من الصحفيين أن يكون لدينا تجارب متعددة سواء أكان في العالم العربي أم حتى لدى شعوب أخرى. مثلاً أنا زرت كوبا أربع مرات، زرت روسيا والكثير من البلدان العربية لأن الميادين كانت تتحرك وتنشط في هذه الدول وتنشط في مجال التواصل مع شعوب العالم.. التجربة مع الميادين هي تجربة قصيرة لكنها غنية، سبع سنوات من عمر الميادين كانت غنية للغاية لي ولكل الصحفيين الذين عملوا في الميادين.

ماذا تعني سورية لكمال خلف؟
سورية هي بلدي تعنيني كوطن.. سورية هي الطفولة والشباب والارتباط وكيف يتعامل أي إنسان مع وطنه أنا أتعامل مع سورية على أنها وطني وأتعامل مع الشعب السوري على أنه شعبي وأحترم القيادة السورية وأعتبرها قيادتي.

أترك لك الكلمة الأخيرة؟
أحيي الرئيس بشار الأسد مثلي مثل أي مواطن عربي أشعر بالفخر بهذا الصمود الذي قدمه حقيقة وبالإعجاب الشديد بهذه الأعصاب القوية التي خاض فيها الأزمة، عولنا عليه، أنا شخصياً عولت عليه في بداية الأزمة، بنيت آمالا عليه ولم يخيبني ولم يخيب الكثيرين في سورية والعالم العربي.. وإذا كان الرئيس حافظ الأسد الرجل الذي لم يوقع فإن الرئيس بشار الأسد الرجل الذي لم يخف ولم يهتز، والشعب السوري هو شعب نفتخر ونرفع رأسنا به، الشعب السوري شعب طيب، شعب صادق ووطني لا يستحق ما جرى له خلال السنوات الماضية ويستحق مستقبلا أفضل وأعتقد أن السوريين قادرون على صناعة هذا المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن