رياضة

وداعاً محمد العطار

| محمود قرقورا

نسمع بين الحين والآخر خبر رحيل شخصيات مؤثرة في مجالات عدة والرياضة أحدها، والأزمة التي عصفت ببلدنا جعلتنا نصبح ونمسي على وقع نبأ وفاة من نحب، لكن آخر ما كنت أنتظره نبأ رحيل المدرب الوطني محمد العطار صباح الجمعة قبل إكمال عقده الخامس، فاتشحت ملاعبنا الخضراء بالسواد حداداً على رحيل رجل تألق لاعباً ومدرباً، وكان رجلاً عصامياً لا يخشى بالحق لومة لائم.
شخصياً عاصرت العطار عندما كنا لاعبين في صفوف الشرطة خلال تسعينيات القرن المنصرم، وكنت ألمس مدى جديته في التمرين وعزيمته وإصراره ذاك الوقت على التفوق في دراسته الجامعية بكلية الاقتصاد، فكان بحق أحد الرياضيين الذين وفّقوا بين النجاح الدراسي والنجاح الكروي وتلك ميزة معظم لاعبي فريق الشرطة ذاك الوقت كحاتم الغايب ورياض الدرقاوي وماهر مصطفى ومحي الدين الدغلي ومحمد غريبة ومحمد الأبرش وكاتب هذه السطور إضافة إلى فقيدنا العطار.
غادرت فريق الشرطة عام 1997 وعلاقتي لم تنقطع بالكابتن محمد وشاءت الظروف أن نكون من ضيوف شركة غاز بروم لحضور برنامج كرة القدم من أجل الصداقة وافتتاح كأس العالم الأخيرة في روسيا خلال حزيران الفائت.
فقيدنا جمع بين الجدية والحزم وقوة الشخصية وكان لاعباً مهاب الجانب عند الخصوم، يلعب بدم وحيوية وهذا كان يكلفه البطاقات الملونة، فإخلاصه للقميص وحب التفوق كانا يجعلان رئتيه تنفجران صراخاً وحنجرته تتألم لهيباً ورغبة بالفوز.
مسيرته كلاعب كانت مكللة بالنجاح وهو أحد لاعبي منتخب سورية للشباب في كأس العالم 1991 وأحد فرسان وصافة الدورة العربية لكرة القدم 1997 فضلاً عن كونه أحد الأعمدة الأساسية لنادي الشرطة طوال عقد التسعينيات من القرن المنصرم.
عشقه لكرة القدم جعله يواصل من بوابة مهنة التدريب التي لا يتحملها ضعاف القلوب، فدرب الطليعة والنواعير وحطين ومنتخب سورية للناشئين عندما قاده لنهائي كأس العالم 2015 إضافة إلى عدة تجارب في الملاعب العربية.
امتاز العطار بالذكاء وسرعة البديهة ويكاد يكون الرياضي الأكثر قبولاً من جماهير الطليعة والنواعير رغم كونه طلعاوياً بامتياز، وكلنا يعلم العداء التاريخي بين الناديين وجمهوريهما بفعل حساسية مباريات الديربي لكنه عرف كيف يستأثر بعقولهم ويكون له حصة في قلوبهم.
الرحمة لروحك الطاهرة كابتن محمد وأقل واجبي تجاه أسرتك وذويك هذه الكلمات ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن