ثقافة وفن

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (الدورة الـ40)

| القاهرة - لونا بوظو

لا أحد يستطيع أن ينكر أو يقلل من أهمية مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، فالمهرجان ومنذ تأسيسه في مطلع السبعينيات استطاع أن يحقق إنجازات على قدر كبير من الأهمية من أجل السينما العربية سواء من أجل نوعية الإنتاج السينمائي في المنطقة أم من أجل ثقافة أوسع وأعمق عن الناتج السينمائي عبر العالم.
مهرجان هذا العام كان لديه إدارة جديدة برئاسة المنتج والسيناريست الشاب محمد حفظي الذي أثارت إمكانية قدرته على تنظيم المهرجان جدلاً واسعاً ورهانات كبيرة، وخاصة أن مهرجان القاهرة الدولي هو المهرجان الوحيد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي وصل العدد الأربعين في دوراته، وقد استطاع حفظي كسب الرهان من خلال مهاراته العالية وعلاقاته المتعددة كأحد صناع السينما المصريين المرموقين، وتمكن من عقد دورة ناجحة تحت شعار «الأحلام الكبيرة والتطلع نحو العالمية»، إذ استطاع تلافي العجز في الميزانية التي عانى منها المهرجان في سنواته الأخيرة، بل تمكن من رفع ميزانية المهرجان إلى 40 مليون جنيه وذلك من خلال حصوله على دعم وزارة الثقافة الكامل وعلى دعم العديد من الرعاة من القطاع الخاص وعلى رأسهم صاحب مهرجان الجونة رجل الأعمال الشهير نجيب سويرس، كما استطاع النجاح في استقطاب عدد كبير من الأفلام للعرض الأول بالمسابقات المختلفة.
حفل افتتاح المهرجان كان ناجحاً بالقدر الذي يؤكد فيه وجوده على لائحة مهرجانات العالم السينمائية، أقيم الحفل على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية وبحضور كل من وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم، ووزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، ورانيا المشاط وزيرة السياحة، ووزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري هالة السعيد، وسط حضور حشد كبير من نجوم الفن وصناع السينما في مصر والعالم.
بدأ الحفل بعرض فيلم تسجيلي قصير عن تاريخ السينما بصوت الإعلامي والفنان الكبير سمير صبري الذي صعد على المسرح بعد انتهائه معرباً عن تأثره الشديد لتقديمه المهرجان مجدداً، وعدم تصديقه بأنه قد مر أكثر من أربعين عاماً منذ أن وقع اختيار كمال الملاخ رئيس المهرجان الأول عليه لتقديم الدورة الأولى للمهرجان عام 1976، كما تحدث أيضاً عن الرواد أصحاب الفضل في تأسيس المهرجان وعلى رأسهم صاحب الفكرة الكاتب الصحفي الكبير كمال الملاخ من خلال الجمعية المصرية للكتاب والنقاد السينمائيين، كما قام بتأسيسها أيضًا، وعن الرعاة الأوائل قال: كانوا ثلاثة فقط من كبار الفنانين وهم عبد الحليم حافظ وردة ونجوى فؤاد، وفي ختام كلمته شكر الفنان سمير صبري كل رؤساء المهرجان الذين أتوا بعد الملاخ وأولهم الكاتب الكبير سعد الدين وهبة الذي تمكن من إضفاء الصفة الدولية عليه وصولاً للرئيس الحالي المنتج محمد حفظي.
شارك في تقديم حفل الافتتاح كل من الفنانين ماجد الكدواني والفنانة شيرين رضا. كما قدم الفنان شريف منير فقرة موسيقية متميزة من العزف على آلة الدرامز، بعد ذلك قام رئيس المهرجان بدعوة الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة للصعود على المسرح لإلقاء كلمتها والتي أعربت من خلالها عن أمنيتها بأن تشكل دورة المهرجان إضافة حقيقية لتاريخ المهرجان من أجل رفعة الفن وإعلاء قيم الإنسانية، وأضافت: «لقد أصبحنا أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى التحدث مع بعضنا، والاستماع إلى بعضنا، ومشاركة رؤيتنا للعالم، وهذا المهرجان هو أفضل وسيلة لتحقيق كل هذا، فالسينما تأخذنا إلى عوالم وثقافات لم نرها من قبل، ومعها تنحسر العزلة وتقترب المسافات ويزداد الوعي».
وبعد كلمة الوزيرة بدأ أعضاء لجنة تحكيم المسابقة الدولية برئاسة المخرج الدنماركي الحاصل على الأوسكار بيل أوجست، وهو واحد من القلائل الذين فازوا بسعفة «كان» الذهبية مرتين وبجائزة غولدن كلوب، بالصعود إلى المسرح.
عقبها تتالت التكريمات وكان أول المكرمين المخرج الروسى بافين لونجين الذي تم ترشيحه لـ30 جائزة دولية حصل على 12 منها أهمها جائزة «كان» عام 1990 وسلمته الجائزة الفنانة نيللي كريم، وشكر بافين إدارة المهرجان على تكريمه وأضاف قائلاً: أنا لم أر في حياتي أناساً يضحكون في حفل الافتتاح، بالفعل أنتم تستحقون أن تكونوا عاصمة للسينما العالمية، أما المخرج بيتر جريناواي فقد أعرب عن سعادته بالتكريم قائلاً «شرف كبير لي أن أكون معكم الليلة».
بدوره أعرب النجم القدير حسن حسني عن تأثره الشديد بتكريمه وهو لا يزال على قيد الحياة قائلاً: «صدقوني والله بكلمكوا جد.. عشان أفرح بالتكريم ده وأنا وسطيكوا لسه» الأمر الذي أثار عاطفة الجمهور ودفعه للتصفيق الحاد له، أما الفنان سمير صبري فقد أهدى تكريمه لروح مؤسس المهرجان ورئيسه الأول كمال الملاخ، كما تم تكريم الموسيقار هشام نزيه.
وفي نهاية الحفل كان هناك تكريم من نوع خاص للمدير الفني للمهرجان يوسف شريف رزق اللـه على دوره الكبير في مساندة المهرجان على مدار 30 عاماً.
اختتم حفل الافتتاح بعرض الفيلم الأميركي «كتاب أخضر» الفائز بجائزة اختيار الجمهور في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي لعام 2018، للمخرج بيتر فاريلي.
قناة «dmc» الفضائية الشريك الإعلامي الوحيد لـ«القاهرة السينمائي» استضافت 4 نماذج من ذوي الاحتياجات الخاصة، ساروا على «ريد كاربت» المهرجان، في مبادرة لتسليط الضوء على مبادرة «قد التحدي» لصاحبتها رنا خليل، ودعمها.
بدأ المهرجان فعالياته ابتداءً من مساء يوم الثلاثاء في 20 شهر تشرين الثاني والتي استمرت لمدة عشرة أيام قدم فيها أكثر من 160 فيلماً من إنتاج 59 دولة في مختلف أقسام المهرجان من بينها:
16 فيلماً ضمن المسابقة الدولية شاركت فيها مصر بفيلم «ليل / خارجي» من دون مشاركات عربية أخرى.
مسابقة آفاق السينما العربية قدمت أحدث سبعة أفلام روائية في المنطقة وفيلم تسجيلي واحد، أما في مسابقة سينما الغد فقد تم عرض7 أفلام كعمل أول أو ثان، على حين تم عرض 20 فيلماً قصيراً في مسابقة سينما الغد إضافة إلى جائزة أحسن فيلم عربي أضافها المهرجان هذا العام والتي تصل قيمتها إلى 15 ألف دولار أميركي.
وكعادته كل عام يُلقي المهرجان الضوء على إحدى صناعات السينما البارزة في العالم، وهذا العام حلت السينما الروسية كضيفة شرف على المهرجان، حيث تم عرض تسعة من أهم الأفلام الروسية الحديثة.
دورة هذا العام شهدت إقامة عروض السجادة الحمراء في كل ليلة من ليالي المهرجان بحضور نجوم الأفلام الكبرى المهمة المعروضة، كما شهدت تخصيص برنامج خاص للاحتفاء بالمرأة في السينما من خلال عرض 9 أفلام لمخرجات عربيات نلن حفاوة دولية خلال الأعوام الأخيرة.
كما ضم المهرجان مجموعة كبيرة من الندوات وحلقات النقاش ودروس السينما التي ألقاها خبراء من المستوى الأول في العالم.
وفي الفترة الواقعة بين 26 – 28 تشرين الثاني أقيمت الدورة الخامسة لملتقى القاهرة السينمائي والتي تجمع المنتجين والممولين وصناع السينما لإقامة تعاون دولي وشراكات مع أفلام من جميع أنحاء العالم العربي.
وبمناسبة حلول مئوية ميلاده احتفل المهرجان بذكرى الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، وذلك بعرضه نسخاً رُممت حديثاً لأربعة من أهم الأفلام المأخوذة عن رواياته.
ومن مفاجآت المهرجان الجميلة كانت حضور الفنان العالمي المنتج والمخرج والممثل البريطاني الفائز بجائزة توني المسرحية، والذي رُشح مرتين لنيل جائزة الأوسكار رالف فينيس وقد تم تكريمه وإهداؤه جائزة فاتن حمامة التقديرية لتميزه عن مجمل أعماله خلال ندوة أقيمت بعد عرض خاص لفيلمه الأخير «الغراب الأبيض»، وقام رئيس المهرجان محمد حفظي بتسليمه الجائزة معربا عن استحقاقه للتكريم لأنه ممثل قدير متعدد الموهبة ومتنوع القدرة، إضافة إلى أنه مخرج ذو موهبة عالية ومنتج بارع وممثل ذو حضور آسر، وبدوره أعرب الفنان رالف عن سعادته الكبيرة بالتكريم وبالمهرجان وبالمستوى العالي لعروض الأفلام المقامة فيه.
وعلى المسرح الكبير بدار الأوبرا أيضاً اختتمت فعاليات المهرجان مساء الخميس التاسع والعشرين من نوفمبر وسط غياب وزيرة الثقافة وأغلب نجوم الصف الأول من الفنانين المصريين، الفنان محمود حميدة تكلم في كلمته الافتتاحية عن وجوب تسليم لواء قيادة السينما لصناع السينما الشباب مع وجوب تقديم الدعم الكامل لهم لأن السينما تعني الشباب الدائم.
وبعد ذلك تم عرض لقطات سريعة لأهم الأفلام التي عرضت في المسابقة الرسمية للمهرجان وكان النصيب الأكبر للفيلم المصري «ورد مسموم» الذي حصد ثلاث جوائز، وقد أهدى مخرج الفيلم أحمد فوزي فوزه لأهالي وعمال منطقة «المدابغ» الذين ساعدوه في صنع الفيلم، إضافة إلى فريق عمل الفيلم.
أما الجائزة الكبرى وهي جائزة الهرم الذهبي فقد ذهبت لفيلم «A Twelve-Year Night» للمخرج ألفارو بريخنر الذي عبر عن سعادته الكبيرة بالفوز قائلاً: «عاجز عن الكلام، وأشكر لجنة التحكيم المتنوعة»، مضيفاً: «سعيد بالحضور إلى هنا ومشاهدة الأهرامات وآلاف السنوات من الحضارة والتاريخ، سعيد بالجائزة التي أعتبرها احتراماً وتقديراً للروح البشرية والكرامة الإنسانية.
وعلى الرغم من غياب بريق نجوم هوليوود هذا العام عن المهرجان إلا أن وجود أغلب الفنانين المصريين وبكثافة في جميع أمسيات وحفلات المهرجان الغنية عوض نوعا ما عن الغياب الكلي لمشاهير هوليوود، كما أنه من اللافت للنظر في دورة المهرجان لهذا العام الجهود البالغة الكفاءة والتنظيم الدقيق لمختلف فعاليات المهرجان والتي كان وراءها أشخاص يمثلون مواهب تنظيمية فائقة.

جوائز مهرجان القاهرة الدولي 2018
• جائزة صندوق الأمم المتحدة للشباب: ورد مسموم (مصر).
• مسابقة سينما الغد للأفلام القصيرة: تنويه خاص ذاكرة الأسماك (كولومبيا) – تنويه خاص: شوكولاته داكنة (مصر).
• جائزة لجنة التحكيم الخاصة: هي (كوسوفو، فرنسا).
• جائزة يوسف شاهين لأحسن فيلم قصير: إخوان (كندا، تونس، السويد).
• مسابقة أسبوع النقاد الدولي.
• جائزة فتحي فرج لأحسن إسهام فني: طرس، رحلة الصعود إلى المرئي إخراج غسان حلواني (لبنان).
• جائزة شادي عبد السلام لأحسن فيلم: آجا إخراج ميلكو لازاروف (بلغاريا، ألمانيا، فرنسا).
• مسابقة آفاق السينما العربية.
• جائزة صلاح أبو سيف (جائزة لجنة التحكيم الخاصة) «ورد مسموم» إخراج أحمد فوزي صالح (مصر).
• جائزة سعد الدين وهبة لأحسن فيلم عربي: «فتوى» إخراج محمود بن محمود (تونس).
• جائزة أحسن فيلم عربي، مقدمة من تيك تيوك بقيمة 15 ألف دولار: «ورد مسموم» إخراج أحمد فوزي صالح (مصر).
• جائزة الاتحاد الدولي للنقاد (فيبريسى) في ذكرى سمير فريد: «ليلة الاثني عشر عامًا» إخراج ألفارو بريخنر (أوروجواي، الأرجنتين، إسبانيا) الزوجة الثالثة إخراج آش مايفير (فيتنام).
• المسابقة الدولية جائزة أحسن إسهام فني: الزوجة الثالثة إخراج آش مايفير (فيتنام)
• جائزة نجيب محفوظ لأحسن سيناريو: طيور المعبر إخراج كريستينا جاليدو وتشيرو جويرا، (كولومبيا، الدنمارك، المكسيك).
• جائزة أحسن ممثلة: صوفيا ساموشي – «ذات يوم» إخراج صوفيا سيلاجي (المجر).
• جائزة أحسن ممثل: شريف دسوقي – «ليل/ خارجي» إخراج أحمد عبد اللـه السيد (مصر).
• الهرم البرونزي: طاعة إخراج جايمي جونز (بريطانيا).
• الهرم الفضي، جائزة لجنة التحكيم الخاصة لأحسن مخرج: مانتا راي إخراج بوتيفونج أرونفينج (تايلاند، فرنسا، الصين) _ دونباس إخراج سيرجي لوزنتسا (ألمانيا، أوكرانيا، فرنسا).
• الهرم الذهبى، لأحسن فيلم وتمنح لمنتج فيلم «ليلة الاثني عشر عاماً» إخراج ألفارو بريخنر (أوروجواي، الأرجنتين، إسبانيا) جائزة لجنة التحكيم الخاصة: فيلم «هي».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن