ثقافة وفن

المنتج يضع نصب عينيه مصلحة فيلمه بالدرجة الأولى … محمد حفظي لـ «الوطن»: على الرغم من ضعف المشاركة السورية إلا أنها تميزت بأفلام ذات قيم فكرية وفنية عالية

| القاهرة- لونا بوظو

يعتبر المنتج والسيناريست الشاب محمد حفظي من أكثر الأشخاص إخلاصاً للفن السينمائي وأهدافه في نشر الثقافة الفنية وتنمية معلومات الجمهور وخلق أقنية معلوماتية جديدة لذلك استحق بجداره أن يحصل على رئاسة المهرجان الفني الدولي الوحيد في المنطقة فيصبح بذلك أصغر رئيس للمهرجان عبر تاريخه الطويل.
في هذا اللقاء السريع الذي أجريناه معه بعد ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي نحاول أن نتعرف على أبعاد هذه التجربة الفكرية والفنية الآن وفي المستقبل:

هل أنت راضٍ عما حققته من إنجازات في الدورة الـ40 لمهرجان القاهرة السينمائي وخاصة أنها المرة الأولى التي تتولى فيها إدارة هذا المهرجان الدولي المهم، وماذا عن خططك لتطوير المهرجان في دوراته القادمة؟
– أنا منذ البدء ذكرت أن فترة عام واحد لا تعتبر كافيه لإنجاز كل ما أعددنا له ونأمل تحقيقه من أجل ترسيخ مكانة المهرجان على خريطة المهرجانات العالمية، فالمدة يجب أن تكون ثلاثة أعوام على الأقل حتى نستطيع الحصول على النتائج المرجوة التي ستظهر المهرجان بأبهى حلة حتى يصل هذا التغيير للعالم أجمع، ولكنني أستطيع القول إنني راض كل الرضا عما تم إنجازه في دورة العام الحالي، إذ استطعنا تحقيق ما يصل إلى 80 بالمئة مما خططنا له، فأنا أهدف لتقديم مهرجان ناجح يتجاوز السلبيات التي عانى منها في دوراته السابقة، لذلك هدفنا إلى توفير قسم خاص بدعم السينما العربية، وعلى مستوى التنظيم الداخلي للعروض قدمنا للمرة الأولى عرضاً يومياً لفيلم، إضافة إلى احتفاء على السجادة الحمراء كما هو متبع في المهرجانات الكبرى، والمسرح الكبير بدار الأوبرا تم تجهيزه سينمائيًا وتمت الاستعانة بشاشات عرض وماكينات عرض على أعلى مستوى، كما استطعنا الحصول على 15 فيلماً عرضاً عالمياً أول، وهو شيء يحدث لأول مرة في المهرجان ومن المؤكد أنه لا تزال هناك مشكلات لم تُحل بعد ولكننا سنبذل كل جهدنا لحلها في الأعوام القادمة إن شاء الله.

وما أكثر التحديات التي واجهتها خلال ترؤسك للمهرجان؟ وهل ساعدك كونك أحد صناع السينما المصرية في التغلب على المعوقات التي صادفتك؟
ربما ضيق الوقت كان من أكبر المشكلات التي واجهتني منذ تسلمي إدارة المهرجان، فالفترة لم تكن كافيه للتحرك بشكل كبير، أيضاً ضعف الميزانية التي نحصل عليها من وزارة الثقافة فلا يعقل أن نقيم مهرجاناً دولياً بميزانية لا تتجاوز الـ16 مليون جنيه لذلك حاولت استقطاب العدد الأكبر من الرعاة من القطاع الخاص لتلافي عجز الميزانية، أيضاً من أهم التحديات التي واجهتنا هو ضرورة الاهتمام بدعم المشاريع السينمائية وتقديم جوائز ماليه كبيره، إضافة إلى حاجتنا لكوادر جديدة شابه مؤهله للعمل معنا في إدارة المهرجان، فنحن نعمل على تغيير العقلية التقليدية السائدة لدى العاملين في المهرجان، أيضاً مهرجان القاهرة تأخر كثيراً في مواكبة التكنولوجيا الخاصة بالعرض، ولكننا هذا العام لدينا أحدث الأجهزة والشاشات والمعدات، وتم عرض أفلام بتقنية 4K.
ذكرت أنك قمت باستقطاب رعاة عدة لمهرجان القاهرة السينمائي، فهل هذا يعني أن القطاع الخاص تنبه لأهمية المهرجان الدولية؟
من المؤكد أن القطاع الخاص استشعر أهمية المهرجان والفائدة المتبادلة لكلا الطرفين، والحمد لله استطعنا رفع ميزانية المهرجان ورفع جوائزه المادية واستحداث جوائز مالية جديدة لتحفيز صناع السينما على المشاركة بأفلامهم في السنوات القادمة.

لاحظنا عدم وجود مشاركة عربيه داخل قسم المسابقة الرسمية ما عدا فيلماً مصرياً وحيداً، لماذا هذا الإحجام؟
ربما كان الأمر صحيحاً بالنسبة للمسابقة الدولية لأن الأفلام يشترط بها أن تكون عرضاً أول في المنطقة، الأمر الذي يصادف أحياناً بعض الصعوبات بسبب ارتباط بعض صناع الفيلم بمهرجانات أخرى، ولكن عدد الأفلام العربية ازداد بشكل ملحوظ هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة وخاصة الأخيرة في أقسام المهرجان المتعددة الأخرى، كالمسابقة العربية التي تنافس فيها ثمانية أفلام عربيه وثلاثة في أسبوع النقاد.

وهل ازدياد عدد الأفلام المصرية هذا العام يعود برأيك إلى توقف مهرجان دبي هذا العام، وهل ستعود الأزمة من جديد في حال انعقاده في العام المقبل؟ أم هناك تدابير جديدة اتخذتموها لعدم تكرر مثل هذه الأزمة؟
على الرغم من أن عدم عقد مهرجان دبي هذا العام أمر محزن للغاية لنا جميعاً كعاملين في المجال الفني إلا أنني لا أنكر أننا بغيابه استطعنا الحصول على أفلام مصريه كانت معدة للمشاركة في المهرجان ومنها الفيلم المشارك في المسابقة الدولية ليل خارجي، فقد كان مدعوما من مشروع إنجاز التابع لمهرجان دبي ولذلك كان سيشارك هناك، ولولا توقف المهرجان لما أتى للقاهرة، أيضاً استطعنا التعاقد مع شركة تسويق عالميه كانت تتعاون مع مهرجان دبي وهذا الأمر سينعكس إيجابياً في الأعوام القادمة إذ سترين الأفلام العربية والمصرية ستفضل القدوم للقاهرة بسبب وجود جوائز ماليه مهمة وجديدة.

أنت كمنتج كنت تحجم عن مشاركة أعمالك في دورات مهرجان القاهرة السينمائي السابقة لضعف إمكانياته وتفضل عليه مهرجانات أخرى كدبي السينمائي والجونة رغم أنه المهرجان الدولي الوحيد لمصر، والآن بعد أن توليت رئاسة المهرجان ما الخطوات التي اتبعتها لتشجيع صناع السينما على المشاركة بأفلامهم في مهرجان القاهرة السينمائي؟
نعم هذا صحيح فالمنتج يضع نصب عينيه مصلحة فيلمه بالدرجة الأولى وأغلب الأفلام المصرية كانت تذهب بالفعل إلى مهرجانات ذات أسواق مهمة للفيلم كمهرجان دبي أو غيرها من المهرجانات العربية ذات الإمكانات المادية والتسويقية الكبيرة، ولكننا الآن مع إقامة ملتقى القاهرة السينمائي الذي أصبح يوفر مبلغا مقداره 150 ألف دولار للمشاريع السينمائية وبشكل يساوي الدعم المتوافر من مهرجان الجونة. إضافة إلى أننا في دورة هذا العام أولينا الإعلام الخارجي النصيب الأكبر فقد استضفنا أكثر من 40 إعلاميا أجنبيا يكتبون في أكبر الصحف والمواقع العالمية، وهذا بحد ذاته يشكل عنصر جذب كبيراً لصناع السينما إضافة لتوافر صالات العروض وبأفضل الشروط الممكنة كما ذكرت من قبل.

وما رأيك بالمهرجانات العديدة المقامة في مختلف المحافظات المصرية؟ هل ترى أنها تقوم بنشر الثقافة السينمائية التنويرية في المحافظات المصرية؟ أم إن إقامة مهرجان ناجح واحد دولي كمهرجان القاهرة السينمائي أفضل من مهرجان في كل محافظ؟
أنا أفضل تنوع المهرجانات وتوزعها على الخريطة المصرية على أن تنحصر بمهرجان واحد، فمهرجان سينمائي في كل محافظه أمر صحي للغاية ويصب في نهاية المطاف في مصلحة الفن السينمائي، ولكن شرط ألا يحدث تنافس بينها، فعلى سبيل المثال هناك مهرجان واحد للسينما الإفريقية وآخر لسينما البحر المتوسط ومهرجان لسينما المرأة ومهرجان للأفلام التسجيلية والقصيرة.

ولكن يبقى مهرجان الجونة السينمائي منافسا قويا لمهرجان القاهرة السينمائي، وأنت كنت قد دعوت مسبقاً إلى تغيير موعد مهرجان الجونة السينمائي إلى شهر آذار، فهل توصلت لاتفاق بهذا الشأن؟
دعوتي لتغيير موعد انعقاد مهرجان الجونة تمثل وجهة نظري كمتحدث باسم مصلحة مهرجان القاهرة السينمائي ولكني لا أعتقد أن هذه الفكرة ستناسب القائمين على مهرجان الجونة، وعلى العموم التنافس بين المهرجانين يشكل ظاهره صحية، فلكل مهرجان طبيعته الخاصة وأنا مؤمن بأن التغييرات التي أحدثناها وسنحدثها في الأعوام القادمة ستصب في مصلحة مهرجان القاهرة الدولي ولن يحجم صناع السينما المصرية عن المشاركة فيه.

تشهد عروض أفلام المهرجان إقبالاً جماهيرياً ضعيفاً بشكل عام، فلم برأيك يقال إن أفلام المهرجانات ذات المضمون الفكري العالي لا تستقطب الجماهير؟
على الرغم من أن المهرجان استطاع أن يحقق نسبة مبيعات مرتفعة هذا العام في تذاكر الأفلام التي بلغت ضعف المبيعات التي حققها في دورته الماضية، إلا أن ضعف الإقبال الجماهيري مشكله لا تواجهنا نحن فقط ولكنها تواجه مهرجانات العالم كله بشكل عام، ولكن مع ذلك فإن أفلام المهرجانات أحياناً يكون فيها استثناءات كفيلم فري بوك، فهو فيلم فني ذو مضمون جاد حصد جوائز عالميه وحظي بجماهيرية كبيره، ولذلك تجدين في بعض الأحيان المهرجانات تهتم بالأفلام الجماهيرية وتقوم بعرضها خارج أقسام المسابقات الرسمية، لذلك استحدثنا قسماً جديداً يحمل عنوان «عروض منتصف الليل»، حيث تعرض فيه أفلام ذات قاعدة جماهيرية كبيرة تنتمي لأفلام الأكشن والرعب والخيال العلمي لجذب الجمهور وخاصة الشريحة الشبابية منهم.

أخيراً، بصفتك أحد صناع السينما المصرية المعروفين، أحب أن أعرف رأيك بالسينما السورية بشكل عام؟
على الرغم من ضعف المشاركة السورية هذا العام في المهرجان، إلا أن السينما السورية تميزت دائماً بتقديم أفلام ذات قيم فكريه وفنيه عاليه وإن صادفت أحياناً بعض الإخفاقات بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها سورية في الفترة الأخيرة. ولعل خير دليل على ذلك تميز فيلم مسافر والحرب لمخرجه جود سعيد وحصوله على أربع جوائز في مهرجان أيام قرطاج السينمائية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن