اقتصاد

تبرير استخدام القطع الأجنبي: إدارة أزمة وليس إدارة مخاطر

| علي محمود محمد

أثار قرار مصرف سورية المركزي رقم 1088 الصادر بتاريخ 13/8/2018 الكثير من الأقاويل وحتى النقد في بعض الأحيان حول دستورية وسلامة ومرجع صدور هذا القرار، ولدى الرجوع إلى حيثياته تبين أن القرار آنف الذكر ينص على قيام اللجنة (المشكلة بموجب القرار رقم 662 الصادر بتاريخ 16/6/2013) بالتواصل مع التجار لتقديم الوثائق التي تثبت وتبرر كيفية استخدامهم للقطع الأجنبي الذي تم شراؤه من قبلهم في العام 2012 حيث إن القرار 662 لم يحدد مهلة للتجار لتقديم وثائقهم للجنة ولم يحدد فترة انتهاء عملها، ونظراً للظروف التي مرت بالبلد وإغلاق العديد من شركات الصرافة لم تقم هذه اللجنة بمهامها المطلوبة والموكلة إليها بموجب القرار 662 لعام 2013 طوال السنوات الخمس الماضية، ومن هنا فالقرار الأخير رقم 1088 تاريخ 13/8/2018 جاء ليؤطر عمل هذه اللجنة وأعطاها مهلة لغاية 30/11/2018 للانتهاء من عملها وإغلاق ملف المخالفين لأنظمة القطع أصولاً نظراً لأنه لم يتسن لها القيام بعملها للنهاية من ناحية، ولعدم تحديد مهلة المهمة الموكلة إليها في القرار السابق من ناحية أخرى، وكان القرار قد حذر من أن عدم تسوية الوضع أو تقديم الوثائق خلال المهلة المذكورة سيتسبب في تغريم المتخلف بالفارق بين سعر القطع بتاريخ الشراء وسعره بتاريخ التسوية، وبالتالي فجوهر المشكلة ليس في القرار 1088 بل بالقرار 662 الذي لم يحدد مهلة نهاية عمل اللجنة أي إن اللبس يتعلق بتنفيذ القرارات المتممة للقرار الشهير رقم 590/م ن/ تاريخ 6/12/2009 الذي سمح بموجبه ببيع 10 آلاف دولار لكل مواطن لغايات غير تجارية والذي نص على منع التصرف بها أو بيعها إلا عن طريق القنوات الرسمية، حيث نصت المادة الثالثة منه على ما يلي: «كل مخالفة لأحكام هذا القرار ولاسيما القيام بشراء أو تحويل العملات الأجنبية إلى خارج القطر عن غير طريق الجهاز المصرفي أو شركات الصرافة المرخصة تعرض صاحبها للملاحقة القانونية بتهمة تهريب القطع الأجنبي وبجريمة غسيل الأموال».
أما الحديث عن أن هذا الإجراء غير دستوري وغير قانوني فهذا يعود لأصحاب التشريع والقانون ولكن المادة آنفة الذكر واضحة والقرارات التابعة للقرار تفيد بذلك.
وبعد هذا السجال الإعلامي جاء القرار رقم 1637 الذي صدر بتاريخ 3/12/2018 الذي نص على تسوية أوضاع مستجري القطع الأجنبي الذين لم يقدموا وثائقهم لكيفية استخدامهم للقطع المشترى في العام 2012 وذلك من خلال تسديدهم للفرق بالليرات السورية بين سعر القطع بتاريخ 10/10/2012 (والبالغ 67 ل. س) وسعر القطع بتاريخ 16/6/2013 (والبالغ 98 ل. س) أي أن يتم سداد 31 ل. س عن كل دولار زائد عن 10 آلاف دولار خلال مهلة أقصاها 28/2/2019.
وهنا فمن حقنا كمواطنين أن نسأل عمن استجر القطع الأجنبي بشكل مخالف ودونما إثبات لكيفية استخدامه ولاسيما أن حجم هذه المبالغ مبهمة وغير معلومة ولكن وإن كانت ملياراً واحداً فالخزينة أولى بها من تجار أو أفراد ضاربوا بها في السوق أو هربوها بشكل غير شرعي خارج البلد، ومن حقنا أيضاً أن نعلم حجم الهدر الذي حصل في الاحتياطي من القطع الأجنبي، وأخيراً من حق الفقراء أن تعود عليهم تسوية أوضاع أولئك بشيء من دعم وتحسين لمستوى المعيشة لأن 31 ليرة لا تغني من جوع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن