ثقافة وفن

«همس الياسمين» و «الخوابي» ديوانان في وقت واحد … رشا معتز الخضراء لـ«الوطن»: تمثّل قصائدي روح الأنثى الحاضرة بفلسطين وبدمشق وبكل الحياة

| سوسن صيداوي

بين الوطن وحبّه تجود الكلمة، بين غمرة الأحاسيس تطيب الذكرى، ومن بين النظرات هناك الصور البليغة في حديث يأخذنا عبر مشاعر ملونة. بين المرأة والرجل يبقى دائماً وطن يكبر فينا ونكبر معه ملتزمين بقضية وبهموم ومبادئ فيها فيض من الالتزام والتشبّث القوي. إذاً الشعر مزيج مشاعر يأخذنا إلى أماكن أحب كاتب كلمتها- الشاعرة – أن نذهب معها في رحلتها الوجدانية التي شكلّت عمقا روحانيا تقدمه لنا في قصائدها. رحلتنا إليكم عبر ديوانين، ديوان (الخوابي)
وديوان(همس الياسمين) الصادرين عن دار دوراً أوروبورس للشاعرة رشا معتز الخضراء، الظروف قدّرت أن يصدرا في وقت واحد احتفاء بعودة الشاعرة إلى دمشق بعد غياب في لبنان. في كل من الديوانين مشاعر الوطن والحب والغزل، والمدن شاهدة على التاريخ، في تنوّع مقصود تخبرنا خلاله الشاعرة بما يدور في قلبها وفكرها.
للحديث أكثر توقفنا عند بعض النقاط وإليكم إيّاها..

ديوانان في وقت واحد
بدأنا الحديث مع الشاعرة عن سبب إصدار ديوانين في الوقت نفسه، فشرحت «بالنسبة لإصدار كلا الديوانين لم يكن الأمر عن قصد ولكن الظروف هي التي دفعتني لهذا القرار، ففي الحقيقة تمّ تأليف ديوان (الخوابي) وأخذ موافقة الطباعة قبل ديوان (همس الياسمين)، ولكنني كنت موجودة في لبنان، ولأنني أحببت أن أطبعه في دمشق، هذه الرغبة دفعتني أن أؤجل فكرة طباعة الديوان لوقت متأخر، ومع عودتي إلى دمشق كنت أنهيت ديواني الثاني (همس الياسمين) فقمت بطباعة الديوانين معا.

القضايا والمدن والهموم في الاثنين
عن الإضافات والفوارق التي احتوت كلّا من الديوانين، شرحت أكثر مؤلفة قصيدة سطوة الغربان، وخاصة بعد الإشارة إلى أن الاثنين فيهما من الكل، من الحب والوجد، ومن الهموم والقضايا العربية، ومن التغني بالأمل الوطني والحلم بعودة فلسطين، هذا ويضاف إلى المحتوى قصائد تذكر المدن، كدمشق وحلب والقدس ومدن عربية أخرى، وللمرأة العربية حيز في المشاعر، وإضافة إلى ما ذكر تتابع صاحبة قصيدة الخنساء الشاعرة رشا معتز الخضراء ديوان(همس الياسمين) جعلته قائماً على وحدة الموضوع، لذا بدأت بالمعنى الخاص، وأقصد بذلك الأنثى الدمشقية إلا وهي سوريتي، لأنتقل بعدها للمعنى العام وهو تغنّي سورية ببعض الدول العربية.
أما في (ديوان الخوابي) فنحن نعلم أن الخابية تخبئ في جوفها أشياء عديدة ومتنوعة، ومن هنا جاءت تسمية الخوابي، وهذا ما رسمته بحروف قصائدي في الديوان، فكل قصيدة هي خابية بحد ذاتها، وهذا أن دلّ على شيء فهو يدل على تنوع موضوعات القصائد، فبعضها أخذت الطابع الاجتماعي، والبعض الأخر أخذ الطابع الوطني، إضافة إلى قصائد غزلية وعلاقة آدم بحواء.
الإهداءات المرسلة لطالما حملت الشاعرة همّ الوطن وهمّ القضية الفلسطينية ويبدو الأمر واضحاً في ديوان (الخوابي) من خلال الإهداء الذي ورد فيه: «إلى غاليتي القوية كما لا يستطيع الصخر….
صبورة كما لا يطيق الصبر….
عشتِ عمرك في تعب وعمل لتنزعي أراضيك من فك أفعى جاءت لتعبث بحقوقك
إني لا أعرف أن صدرك مليء بحطام العذاب، وراحتاك تشبهان جلد الأرض تلك الأرض التي ارتوت بدماء شهدائها الأبرار….
فما أجملك عندما تطلين من الطريق المحاط بأشجار الزيتون. تبدين كشيء انبثق من رحم الأرض…
فلا تحزني يا الحبيبة.. ولتعلمي مهما حلّت الظلمة يبقَ الأمل وتبق الإرادة…
إلى القدس الشريف، إلى فلسطين الحبيبة أرضا وشعبا…..»
وهنا تعقّب صاحبة قصيدة الدم القدسي بالنسبة إلى ديوان (الخوابي) فهو يأخذ حيزاً لا بأس فيه من القصائد الاجتماعية والغزلية والوطنية، وعندما تغنيت بفلسطين، جعلت الإهداء يتحدث عن قضيتها وصمودها.
وبمناسبة الحديث عن الإهداء استوقفنا الشاعرة هنا وذكرت بأنها في إهداء ديوان (همس الياسمين) تغنّت بدمشق الأنثى التي تملك رائحة البطولة، والتي ترتدي ثياب الياسمين الدمشقي، وتقول في بعض من الإهداء: «دمشق عاصمة التاريخ التي عشقها الحالمون، والبسطاء والشعراء والمجانين، تلك المدينة المرمية على حجر الكون، ضاربة في الأشياء منذ بداية أول حرف من حروف الأبجدية الأولى التي توزّعت على الناس كرغيف خبز….».
وعن تأثر الشاعر أكثر من غيره بالوضع الراهن الذي حلّ بأمتنا العربية، وتمسّكه بعنفوان الوطن تقول رشا معتز الخضراء «لقد جعلت قصائدي الوطنية تمتلك على روح الأنثى المتمثلة بفلسطين وبدمشق بكل دوافع الحياة، لم أتطرق إلا إلى النواحي الوطنية القائمة على حب الوطن وتشجيع أبناء الوطن إلى العودة إليه».

بوح المشاعر هو متنفس الكلمة
في مرة قالت الشاعرة «أبحث عن حرية قلمي»… وعن سؤالنا لها عن كون الشعر هو المتنفس بالشعور وبالتعبير، أجابت صاحبة قصيدة عطر السماء «بالنسبة لي الحرف هو الذي يكتبني كي يجسّد شخصيتي عبر السطور، إذا لست أنا من يكتب الحرف، وهذا ما جعلني أدخل في تحدٍ مع ذاتي لأجعل القصيدة تؤثر فيّ لأجد نفسي بها وأكتب شتى أنواع الأدب، سواء النثر، قصائد التفعيلة، القصائد العمودية، وكذلك أحياناً أتطرق للقصة. ففي النهاية ومن وجهة نظري أن الإتقان بكل هذه النواحي يجعلني أمتلك العربية بشكل كبير، وأكون بعيدة عن الهفوات من النواحي اللغوية والنحوية.
من همس الياسمين… قصيدة عشق وطن
بكتب فلسطينية… على كفّ الزمان
وفي أسامي المجد وجبين الفخر
بكتب إحساسي وحبي والحنان
بكتب اسمك يا وطن بأغلى الدرر
يا وطن فيك الدفء
فيك الأمان… فيك قدس اللـه تعمم وانتشر
عانقيني منك أصوات الأذان
والقرآن بقلبي تغلغل وانغمر
يا وطن حبّك لقي فيني مكان
ما يلاقي له مثل بين البشر
وانزرع له في الحشا أروع جنان
والوفاء له كان غيثه والمطر
من الخوابي….. قصيدة ألم الرحيل
أحبّك لا بديل
أتريد من قولي دليل
سيظل حبّك في دمي
لا لن أحيد أو أميل
سيظل ذكرك
في دمي… ووصيتي مع كل جيل
حبّ الوطن ليس ادعاء
حب الوطن
عمل ثقيل… ودليل حبك يا بلادي
سيشهده الزمن الطويل
فأنا أجاهد صابراً
لأحقق الهدف النبيل
إني سأعمل مخلصاً
ولن أصبح لحبك بخيل
وطني يا وطن الطفولة
علمتني الخلق النبيل
لكل من ذاق
ألم الرحيل

سيرة ذاتية
تجدر الإشارة إلى أن الشاعرة رشا معتز الخضراء من مواليد عام 1985 فُطرت على حب القراءة والكتابة. جادت في فنون الأدب العربي منها الشعر الأدبي الموزون والحر- والنثر الأدبي والقصص القصية للأطفال.
عملت مدققة لغوية لكثير من الأعمال الشعرية- الأعمال التلفزيونية.
شاركت في العديد من الأمسيات الشعرية على جميع المسارح العربية.
حازت جائزة الإبداع الأدبي من إمارة الشارقة.
حازت جائزة القلم العربي في العراق.
عضو في الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الفلسطينيين.
لها دواوين عدة تتناول فيها مراحل الحياة منها:
همسات -‏ نرجسية الحب – واحة الغرام – أوراق على جدار الزمن – فلسطينية أنا عربية الهوى سورية الهوية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن