قضايا وآراء

إسرائيل والمهجرين السوريين في الأردن ولبنان

| تحسين الحلبي

يبدو أن التطورات التي جرت خلال العقد الجاري في الشرق الأوسط وفي منطقة شبه جزيرة كوريا وبحر الصين فرضت على الاستراتيجية الأميركية المزيد من التحديات التي لن يكون بمقدورها تحقيق النجاح في مجابهتها ومنع نتائجها السلبية المحتمة على مصالحها.
في الشرق الأوسط ازدادت متانة التحالف بين روسيا وسورية وإيران مثلما ازدادت متانة التحالف بين كوريا الديمقراطية والصين في مجابهة الولايات المتحدة ويلاحظ المراقبون وفي مقدمتهم الأميركيون أن المنطقتين تتشابهان بشكل ما حين يجدون أن كوريا الديمقراطية دولة تمتلك قوة نووية بحجم تتمكن من توظيفه لردع واشنطن، وكذلك بشكل آخر تجد واشنطن أن التحالف الإيراني السوري الروسي يحمل قدرة ردع دونما حاجة لوجود «إيران نووية» رغم أن إسرائيل تتهمها بالسعي إلى امتلاك سلاح ردع نووي.
وإذا كانت قوى محور المقاومة وحلفاؤها قد حققت انتصارات واضحة على أدوات الحرب الأميركية الإسرائيلية وحلفائها في الميدان العسكري على الأرض فإن واشنطن لن تكف عن محاولة تحقيق أي مكاسب ممكنة بطرق أخرى تنفذ بعضها في شمال وشمال شرق سورية حين تطبق سياسة احتواء واضحة لمجموعات داعش وغيرها وأشباهها إلى جانب محاولة توسيع دائرة انتشار ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية – قسد» في مناطق أخرى.
هي تمهد عملياً لهذه الخطة بالاحتواء والتوسع بواسطة الغارات الجوية التي تقتل فيها المواطنين السوريين وتدمر بيوتهم بهدف تهجيرهم من بعض المناطق وتحويلهم إلى لاجئين خارج قراهم لزيادة عدد اللاجئين في الداخل أو تحويلهم إلى لاجئين إلى الخارج وهذه السياسة الوحشية الأميركية في استهداف المدنيين والتي تتكرر فيها الغارات عليهم يراد منها حرمان سورية من مواطنيها وخصوصاً بعد أن أصبح ما يزيد على خمسة أو ستة ملايين من اللاجئين السوريين خارج هذا الوطن أي إن قدرات هذا العدد من المواطنين لم تعد موجودة بكل ما تعنيه وخير ما يدل على ذلك أن واشنطن وحلفاءها ما زالوا يرفضون السماح لعودة السوريين إلى مدنهم وبيوتهم بعد أن حررها الجيش السوري من المجموعات الإرهابية وأصبحت آمنة وجاهزة لإعادة الإعمار.
واشنطن وحلفاؤها يدركون أن عودة هذه الملايين ستزيد من قدرة سورية على مجابهة أي مؤامرات وحروب أخرى يسعون إلى شنها فهي حق تاريخي في هذا الوطن الواحد لجميع المواطنين اللاجئين في الخارج وهي قوة بشرية واستمرار للوحدة الوطنية وإعادة إعمار سورية ولا يحق لواشنطن ولا للدول التي يقيم فيها اللاجئون منع السوريين من العودة إلى مدنهم وقراهم وهذا ما يفعله لبنان حين تقوم سلطاته بتسهيل عودة اللاجئين فيه.
إذا كان هناك من يتجاهل وجود مؤامرة واضحة من وراء منع عودة اللاجئين السوريين فإن إسرائيل هي التي توجه هذه المؤامرة بدعم أميركي والدليل الساطع على ذلك ظهر بعبارات واضحة في بحث نشرته المحلية الإلكترونية لـ«معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي – آي إن إس إس INSS» في الثالث من تشرين الأول في «التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي»، مجلد 21 عدد 3 تشرين الأول 2018 بقلم سفير إسرائيل السابق في عمان ومسؤول المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، عوديد عيران، يطلب فيه في صفحة 60 من التقرير الاستراتيجي: «إن زيادة السكان من غير الفلسطينيين في الأردن ومن غير الشيعة في لبنان سيكون لها آثار سياسية داخلية تعزز قوة هذين النظامين في هاتين الدولتين».
هذا هو مدخل التقسيم المذهبي للجوار السوري بلسان إسرائيلي مسؤول لاستخدام اللاجئين السوريين ومنعهم من العودة إلى بيوتهم في وطنهم، لكن هذا المخطط ستهزمه سورية مثلما هزمت عشرات المخططات لتفتيت قدراتها ووحدة شعبها وسيادة أراضيها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن