ثقافة وفن

يتحدر من عائلة لها باع طويل في الفن … محمود القلعاوي.. اعتزل الفن لأنه لم يجد عملاً يحترم قيمة كبار السن ورفض الظهور كديكور

| وائل العدس

توفي خلال الأسبوع الماضي الفنان الكوميدي المصري محمود القلعاوي بمنزله عن عمر ناهز 79 عاماً.
إن من يشاهده على المسرح أو عبر الشاشات كانت تنتابه راحة نفسية لأنه يمتلك وجها باسماً، ما جعله أحد فناني الكوميديا المشهود لهم، حيث كانت أدواره في عدد كبير من المسرحيات سبباً في نجاحها.
قدّم الفنان الراحل أعمالاً ناجحة مع عدد كبير من الفنانين الكبار، الذين ارتبطوا به وبأدائه الرائع، حيث كانوا يتمتعون بالحوار معه من خلال الشخصيات التي يجسدها، رغم أن بعضهم كان لا يتوقف عن الضحك من ردود فعله الكوميدية، خلال هذه المشاهد، مثلما حدث في مسرحية «الجوكر» التي كانت سبباً في تعلّق قلوب الجمهور به.

في ذاكرة الجمهور
ويتحدر القلعاوي من عائلة لها باع طويل في الفن، فوالده الممثل الراحل عبد الحليم القلعاوي وشقيقته الممثلة إحسان القلعاوي.
ورغم أنه تخرج في كلية الحقوق عام 1964، إلا أن ميوله الفنية دفعته لممارسة مهنة التمثيل حيث برز اسمه منذ بداياته في عالم المسرح والسينما والتلفزيون، واشتهر بالعديد من الأدوار التي جعلته مطلوباً من مخرجين ومنتجين كثر رغم أنهم ظلموه كثيراً ولم يستغلوا موهبته الكوميدية، فكانوا يستعينون به في أدوار ثانوية أو قصيرة لكنه صنع منها تاريخاً لنفسه فأصبح في ذاكرة الجمهور.
يعد الراحل من الفنانين الذين أثروا بفنهم في الجمهور، فمن الممكن أن تتذكره بكلمة بـ«البلباتوز» في مسرحية الجوكر التي قدمها مع الفنان محمد صبحي عام 1979، حيث قدم شخصية «برهان بيه»، وله العديد من الأعمال الفنية على خشبة المسرح منها «أولاد دراكولا» و«عبده يتحدى رامبو» و«واحد لمون والتاني مجنون»، و«أنت حر» و«العم النبيل» و«عفاريت من ورق» و«دون كيشوت و«وراك وراك»، ولمع في الكوميديا وصار محاصراً فيها، فعرضت له عدة أعمال منها: «رحلة المليون» و«برج الأكابر».
وكانت مسرحية «كناس وناس» آخر أعماله المسرحية وقدمها قبل 5 أعوام، حيث امتنع قبلها عن أداء بعض الأدوار التي رآها لن تضيف إلى تاريخه، بل كانت أدواراً كضيف شرف أو من أجل الظهور فقط، فقرر الابتعاد حتى أقنعه المخرج أحمد الإبياري فعاد بهذه المسرحية التي كانت مشهد الختام في حياة القلعاوي الفنية.
قدّم القلعاوي أعمالاً رائعة مع نجوم التمثيل، فشارك الفنان محمد صبحي في بعضها أهمها فيلم «العبقري خمسة»، و«علي بيه مظهر» الذي تم تقديمه مسرحية وفيلماً، كما شارك معه في مسلسلي «رحلة المليون» و«يوميات ونيس»، ومسرحتي «أنت حر» و«الجوكر».
ومع النجم عادل أمام قدم عدداً من الأعمال منها «لا من شاف ولا من دري»، وكان مشاركاً للفنان سمير غانم في عدد من مسرحياته مثل «أنا ومراتي ومونيكا»، و«المحظوظ وأنا» وفيلم «الرجل الذي عطس»، ومسلسل «هايم عبدالدايم»، ثم الفيلم الذي ما زال يثير الجدل كلما تم عرضه عبر الشاشات وهو «4-2-4» الذي قدم فيه المخرج أحمد فؤاد خلطة كوميدية رائعة عن لعبة كرة القدم وكيف تتم إدارتها في الدول العربية بطريقة تعتمد على البيع والشراء والاحتراف الكروي الواهي، وجسد فيه القلعاوي دور مدرب الناشئين.
أما آخر أعماله فكان ظهوره سينمائياً في فيلم «علي سبايسي».
ولم تكن مشاركاته في الأعمال التلفزيونية أقل أهمية من السينما، فقد لعب أدواراً مهمة في العديد من المسلسلات أبرزها: «رحلة المليون» و«برج الأكابر». أما آخر مسلسل شارك فيه فكان «معكم هايم عبد الدايم» إلى جانب الفنان سمير غانم.
ومن أهم أفلام السينما التي تألق فيها أيضاً «ريا وسكينة» و«هدى ومعالي الوزير» و«لا من شاف ولا من دري» و«الرجل الذي عطس» و«أحضان الخوف» و«قمر الليل» و«صباح الخير يا سيناء» و«برج المراهقين».
ولم يظهر في الآونة الأخيرة في وسائل الإعلام إلا قليلاً بسبب توقفه عن العمل، وظهر في عزاء شقيق الممثل أحمد بدير، وفي عزاء الفنان الراحل مظهر أبوالنجا، الذي كانت تربطه معه صداقة قوية.
اعتزال

قرر اعتزال العمل الفني قبل عشر سنوات وقال عن هذه الفترة خلال حوار صحفي: «قررت الابتعاد لأنني لا أجد عملًا يحترم قيمة كبار السن، أرفض الظهور كديكور في دور لا أهمية له سوى الوجود، فما معنى أن أقدم أعمالاً تقلل من شأني في عيون جمهوري؟». وأضاف: «أتمنى أن أموت وتظل الصورة الذهنية لي أنني الفنان الذي يضحك الجمهور ويرعبني أن أسمع أنني لا أجد مالًا أصرف على نفسي فأضطر لأن أقلل من مستواي ويقول الجمهور: «مش لاقي اللي يشغله»، من الصعب على الفنان أن يكون مجرد شكل بعدما تعامل معه الجمهور على أنه يمتلك موهبة حقيقية».

بكامل صحته
من ناحية ثانية نفت ابنته هبة محمود القلعاوي، معاناته من أي صراع مع المرض قبل وفاته، وأكدت أنه كان بكامل صحته، ولديه فقط بعض الارتباك في السكر والضغط.
قالت إن والدها كان منذ وفاة والدتها منغلقاً على نفسه بعض الشيء، ويمضي وقته في بيته الذي كان يعتبره مملكته، بين أولاده وأحفاده.
وأضافت: إن المقربين من والدها كانوا دائمي الاتصال به، نظراً لصعوبة استقباله الزوار في البيت، ومنهم الفنانان ناجي سعد وصلاح عبد اللـه.

رثاء إلكتروني
محمد صبحي: وداعاً أخي الحبيب وستظل نوراً متوهجاً بأعمالك التي أثبت فيها أنك ممثل لا مثيل لك، بكل الحزن أنعى الفنان القدير محمود القلعاوي رفيق كفاح وزميلي وصديقي في الفن.
رانيا يوسف: وداعاً الفنان العظيم محمود القلعاوي، الفن العربي خسر ممثلاً قديراً، اللـهم ألهم أهله الصبر والسلوان وتغمده برحمتك.
صلاح عبد اللـه: يا حبيبي، الموت علينا حق والحزن والدموع على فراقك حقك علينا يا أطيب وأنقى وأطهر من عرفت، آه لو تعرفوا الراجل العظيم!
وفاء كيلاني: الفنان القدير محمود القلعاوي في ذمة اللـه.. اللـه يرحمه ويغفر له.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن