ثقافة وفن

دراسة الشخصيّة والعناية بتفاصيلها تكلفني مزيداً من الوقت والحذر…جوان خضر لـ«الوطن»: ترسيخ التلفزيون على حساب المسرح هو القاعدة في سورية

عامر فؤاد عامر : 

من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق 2010، لديه عدد من المشاركات المسرحيّة قبل الدراسة؛ وأثناءها، وبعدها، وهو عضو في فرقة «جلنار» للمسرح الراقص سابقاً، لكن ظهوره الأبرز كان عبر تميّزه في شخصيّات أداها ضمن أعمال الدراما السوريّة، ومن هذه الأعمال «جلسات نسائيّة»، و«طوق البنات»، و«ياسمين عتيق»، و«بواب الريح»، و«صدق وعده»، و«شيفون»، وغيرها، ولديه حضور في السينما السوريّة عبر فيلمي «الرابعة بتوقيت الفردوس»، و«ليلى والذئاب»، وعدد من الأفلام القصيرة. الفنان «جوان خضر» في حواره معنا في «الوطن»، أجابنا عن مجموعة من النقاط التي تخصّ حياة الممثل السوري، وهمومه، بين ما يخصّه، وما يشترك به مع الآخر.

مادّة خام طوّرتها
للفنان «جوان» خصوصيّة منذ دخوله للمعهد العالي للفنون المسرحيّة، فكان على اختلاط دائم بأقسام المعهد الأخرى، كقسمي الرّقص والدّراسات المسرحيّة، إضافة لقسم التمثيل التابع له، وفي سؤال استفساري حول رغبته في التعرف إلى ما تقدّمه الأقسام الأخرى يجيب: «كان لدي انسجام كبير مع قسمي وطلاب دفعتي، لكن الانسجام أيضاً كان مع طلاب الدّراسات المسرحيّة، واعترف بأنّه في فترة الدخول للمعهد العالي للفنون المسرحيّة؛ لم أكن أمتلك الثقافة الواسعة عن فنّ الممثل، والمسرح، ولم أمتلك أدوات واضحة قبل دخولي للمعهد، فكنت بحاجة لاستقطاب المعرفة حول كلّ ما يمكنني جمعه من معلومات، وخبرات حول فنّ التمثيل، لذلك شدّني كثيراً طريقة تفكير طلاب الدراسات المسرحيّة، فلديهم نضوج فكري، ووجهات نظر فنيّة لم أتعرف إليها سابقاً، وكنت عطشاً ومادّة خام جديدة، وبالتالي جمع الثقافة هو ما جعلني اتجه في هذه الاتجاهات، أمّا الرقص فكنت أحد أعضاء فرقة «جلّنار» مدّة خمس سنوات، وهذا الموضوع سهّل علي التعامل مع جسدي على منصة المسرح، وهذا الموضوع حرضني لمتابعة تمارين الرياضة واللياقة إلى اليوم، ففي الرقص حققت حلمي وشعرت بالاكتفاء ضمن هذا المجال، وبطبيعة الحال كان قسم الرقص يشدّني لأن الموضوع هو من اهتماماتي أصلاً، وأعتقد أن ما قمت به هو تعامل مهني وعلّمي لتطوير مادّتي الخام التي دخلت بها إلى المعهد».

متابعة واستمرار
تساعد الدراسة في الأكاديميّة على صقل الموهبة وزيادة المعرفة، لكن بعد التخرج هل يبقى الممثل على رغبة في زيادة معرفته وصقل الموهبة، وعن هذه الفكرة يشير: «يمرّ في حياتي حالة من الترهل قد يكون لها علاقة بالجو العام، أو بطبيعة خاصّة، فالإنسان بصورةٍ عامّة يميل للراحة، ولا يميل للتكلّف، لكن في الحقيقة وعلى مستوى أدواتي؛ فأنا لا أقاطع الرياضة أبداً، كي أبقى مسيطراً على جسدي، أمّا على مستوى الدراسة؛ فأحاول أن أكون قارئاً جيداً، وأحاول دائماً أن تكون هناك علاقة مع الكتاب والمطالعة، إضافة لمتابعة الأفلام السينمائيّة».

في لغة السينما
عن السينما في سورية، والمشاركات التي قدّمها ضيفنا فيها يقول: «كان لي دور في الفيلم الطويل «ليلى والذئاب» وهو من تأليف «رياض عصمت» وإخراج «محمد عبد العزيز» وهي تجربة لم تقدّم في السينما السوريّة سابقاً، فالفيلم دمج بين أكثر من شكل فني ضمن السينما، أمّا الفيلم الطويل الثاني فهو «الرابعة بتوقيت الفردوس» وهو من تأليف وإخراج «محمد عبد العزيز» أيضاً».

المعهد يربي للمسرح
والتلفزيون يستقبل
بين لغة المسرح في المعهد العالي التي تربي الممثل وتؤهله للعمل المسرحي، وساحة عمل يأخذ نسبته العُظمى التلفزيون، كان للفنان «جوان» تعليقه: «إنعاش المسرح اليوم يحتاج لجهود حقيقيّة، فمديريّة المسارح والموسيقا ماذا تقدّم للممثل المسرحي؟ الجواب عن هذا السؤال هو ما يجعل من الممثل المسرحي مهاجراً للتلفزيون دائماً، لأنه يحقق شروطاً أفضل بكثير له، فهو في النهاية يحتاج للعمل والمال، ومن يقل بأن الفنّ يحتاج للتضحية، أقل له نعم يحتاج لذلك، ولكن عبر عشرات السنوات؛ لم يتحرك من المعنيين أحد تجاه أي حلّ كرمى المسرح، فبالتالي ترسيخ التلفزيون على حساب المسرح في سورية هو القاعدة».

تأثير مباشر
تجذبنا الشخصيّة الفنيّة على تنوّعها، وتؤثر في مجتمعنا، وتستأثر في حضورها بالمتابع، وبالتالي يؤثر الفنان بصورة مباشرة في مجتمعه، لكن كيف يفرق الفنان «جوان» بين الشخصيّة السلبيّة والإيجابيّة، ومسؤوليّة التأثير ذلك: «يأخذ ذلك مني مزيداً من الجهد والتفكير والتبنّي، والمراقبة، وحتى في إضافة كلمة أو حذفها، ولذلك يجب أن يبقى الضمير صاحياً أكثر ما يمكن، فمن الممكن أن أقدم مشهداً سيسبب تعباً وحرجاً كبيراً، بالتالي عرض الشخصيّة يعدّ مسألة خطيرة، فمثلاً لا يمكن تقديم شخصيّة كما هي على أرض الواقع، بل يجب تحسينها ما أمكن، وهذا من جهة لكن من جهةٍ ثانية ما زال النصّ الذي يقدّم إلى اليوم، يَعرض شخصيّاته من جانب واحد، أي شخصيّات ذات قطب وحيد، فالغيور هو غيور دائماً، والشرير هو شرير دائماً، وهكذا دائماً، وعموماً لدى العمل على شخصيّة يجب على الممثل أن يحبّها مع ضرورة الفصل بينها وبين شخصيّته الداخليّة، وهذا الفصل فني فقط، ليبقى الرقيب الداخلي متيقظاً».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن