رياضة

الاستثمار الرياضي بين الحقيقة والوهم…لماذا استثمارات أنديتنا (تهمة) وقيد الشبهات؟

ناصر النجار : 

القضية التي نتناولها اليوم بعناوينها العريضة وأحرفها الأولى ليست جديدة، فسبق أن تناولناها مراراً وتكراراً من دون أن نجد نتيجة إيجابية لكل ما تم عرضه أو نقده، مع العلم أن كل ما نشرناه سابقاً كان موثقاً بالأدلة والبراهين والوثائق، والمهم أننا اليوم نجد أن مساحة الاستثمار ازدادت، وازداد معها مساحة الخطأ والخلاف والشكاوى، وباتت المحاكم مملوءة بقضايا الاستثمار الرياضي أكثر من ذي قبل، فما الأسباب؟ وأين العلّة؟

عرافون
عندما قدّم رئيس نادي المجد المستثمر الجديد للنادي، قدمه على أساس أنه المنقذ للنادي، وعندما اعترضنا وغيرنا على قيمة العقد «20» مليون ليرة بأنه ضعيف ولا يتناسب مع حجم الاستثمار ومكانة النادي وموقعه، كان الجواب: أن المستثمر سيعيد إعماره وسيتكلف أكثر من مئة مليون ليرة بين بناء وصيانة وخلافه.
ولأول مرة نجد أن المستثمر يفي بوعوده بالدفع والإنجاز.
لكن فجأة اشتعل الخلاف وامتد وتنامى ووصل إلى ما لا تحمد عقباه، وتدخل الأقربون والأبعدون، وجرت عدة جلسات غسيل قلوب وتصفية نوايا، لكن الأمور في تفاقم، وشكل الاتحاد الرياضي العام لجنة لتقصي الحقائق، لكن لجنة التحقيق لم تتوصل إلى قرار حتى الآن، بدليل أنها لم تنه عملها الشائك، ورئيس اللجنة سافر إلى إيطاليا، والجميع ينتظر عودته.
الخلاف الاستثماري في نادي المجد عبارة عن اتهامات متبادلة بين رئيس النادي والمستثمر، ونحن لن نخوض في هذا الخلاف ما دامت هناك لجنة تحقق وتفصل فيه، ولن نكون مع طرف ضد آخر في الوقت الحالي، إنما سيكون لنا تعليق موثق بالأدلة حالما تنتهي لجنة التحقيق من عملها, وفي المحصلة العامة تهمنا مصلحة النادي، وعلينا ضمان حق المستثمر الذي يدفع، فكلاهما شريك في بناء النادي، وأي شراكة رياضية لا تبنى وتقوم على الأسس الصالحة والقوانين الناظمة تبقَ شراكة فاشلة، وسيدفع النادي ضريبة باهظة في نهاية الأمر، ونادي المجد بحاجة إلى عرافين لحل مشكلته.
جاهزون
وما دمنا في العاصمة، فإننا نسمع هدوءاً وصمتاً في باقي الأندية، وهي تعيش حالة ودّ مع المستثمرين، ربما أنجح الاستثمار كان في نادي بردى الذي يشق طريقه نحو الاستثمار المنظم البعيد عن الشبهات، حتى الآن على الأقل، أما النادي الأكثر تعرضاً للشبهة والنقد والاتهام فهو نادي الوحدة.
رئيس النادي يقول: أبواب النادي مفتوحة لكل من لديه سؤال أو اتهام عن استثمارات النادي، وأضع نفسي أمام المساءلة القانونية إن تبين أن هناك خطأ مقصوداً أو غير مقصود في الاستثمار، وهو «كما يقول» جاهز ليقدم أي ورقة يطلبها أي «زميل» لمادة صحفية أو «محقق» في جولة تفتيشية ونحن لن نعلق على هذا الكلام بشيء، لكننا ندرك أنه «بالإمكان أفضل مما كان» وهذا الحديث له تشعبات كثيرة وخصوصاً عند الاستثمار الضعيف في النادي، إلا أن الجواب الذي يصلنا أن هذا الاستثمار قديم، وهو حصيلة عقود وقعتها الإدارات السابقة، ولا يمكننا فعل شيء!
وهنا الطامّة الكبرى، فهذا الأمر لا يقتصر على بعض استثمارات نادي الوحدة، بل على كل استثمارات الأندية!
وعندما نسأل من في موقع القيادة عن سر العقود طويلة الأمد فالجواب: إن العقود الطويلة تأتي من أجل منح المستثمر فرصة لاستعادة ما دفعه قيمة الإعمار، فمن يدفع مبلغ مئة مليون ليرة سورية «مثلاً» لا يمكن أن يستعيدها بموسم أو موسمين، لذلك تأتي عقود هؤلاء أكثر من خمس سنوات، كما حدث في استثمار نادي بردى القديم الذي استمر لعشر سنوات، ومن جهة أخرى فإن الخلل في الاستثمار اليوم يعود إلى الخلل في ميزان الصرف، وهذا ما أغفلته كل العقود، فلم يتوقع أحد هذا التراجع الكبير في سوق الصرف!

لا ضرر ولا ضرار
أمام هذا الواقع، فإن هناك ضرورات قانونية وطبيعية لإجراء تعديلات على العقود، وخصوصاً تلك التي أبرمت قبل الأزمة، والتعديل يجب أن يكون من مبدأ لا ضرر ولا ضرار، فعلى سبيل المثال: عندما استثمر (أي مستثمر) مطعماً كان سعر الوجبة خمسمئة ليرة، واليوم صار سعر الوجبة أكثر من خمسة أضعاف، وهو أمر يعرفه الجميع ولا يحتاج إلى الأدلة والبراهين، وعندما تسأل عن سر هذا الرفع يقال: هو مطابقة لسعر السوق، فكل شيء ارتفع وغلا ثمنه!
قد يكون الكلام هذا محقاً، لكنه نصف الحقيقة، لأن المستثمر تعايش مع السوق فرفع السعر، على حين أبقى ما يدفعه للنادي على حاله، متمسكاً بمقولة «العقد شريعة المتعاقدين» ونحن هنا لا نريد الخوض بالمزيد من التفاصيل، لكننا نأمل أن تتم دراسة العقود القديمة وأن يتم تسويتها وفق المستجدات المالية الجديدة وأسعار الصرف المعتمدة.

روح الرياضة
مع مقولة الإمكانيات المتاحة التي أتعبتنا، فإن المنقذ الوحيد لرياضتنا بات الاستثمار الرياضي، وهو أمر جيد مفيد يدر على رياضتنا المال الذي نتمناه أن يكون وفيراً وأن يكون مستحقاً، ونحن في نهاية المطاف مع المستثمرين كشركاء حقيقيين في العملية الرياضية، ونحن ضد الجشع منهم الذي يستغل الرياضة في مصلحة استثماراته الخاصة، وكذلك ضد الأندية التي تتهاون في الاستثمار،لأنه مال عام جميعنا مؤتمنون على صونه وحفظه ورعايته.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن