قضايا وآراء

البشير في دمشق: ماذا يعني؟

| ميسون يوسف

سيسجل الرئيس السوداني عمر البشير أنه الرئيس العربي الأول الذي كسر مقاطعة عربية لسورية، وزارها على متن طائرة روسية متحدياً قرار الجامعة العربية الذي أخرج القلب من الجسد يوم جمد عضوية سورية فيها، ولن تكون زيارة البشير في دلالاتها ومعانيها تشبه زيارات رؤساء الدول بعضهم لبعضهم الآخر أو مجرد لقاء روتيني بين رئيسين، فالزيارة في توقيتها وبما يمثله الزائر وبما تربط الزائر من علاقات، تكتسب هذه الأهمية التاريخية وتفتح الباب أمام كم من التوقعات والتحولات في علاقات سورية مع الدول العربية وما ينتظر سورية مستقبلاً في موقعها على الصعيد الإقليمي والدولي.
فالبشير كان من حيث الموقع الشخصي صديقاً حميماً للرئيس بشار الأسد، لكنه جمد صداقته وابتلع عواطفه بعد أن سمع بالتهديد العربي القاطع بأن الرئيس «الأسد انتهى ومن يقف معه يكتب نهايته معه» ولما كان البشير ملاحقاً من الجنائية الدولية في تدبير كيدي من أجل تقييده وتقييد حركته، ومن أجل الدفاع عن نفسه وعن بلاده بعيداً عن نار الحريق العربي، أذعن للتهديد وانتظم في جوقة العرب المقاطعين لدمشق.
اليوم وعندما يأتي إليها، فإن البشير يقول ببساطة إن الحصار كسر وإن الرئيس الأسد خلافاً لما خططوا وتوقعوا باق في عرينه وهو الذي يقود وهو الذي يحكم وكل توقع غير ذلك خبل.
البشير حليف للسعودية في حربها على اليمن قدم في خدمة السياسة السعودية الغالي والنفيس من دماء جيشه وعرقه حتى يمكنها من السيطرة عليها، وإن إخفاق السعودية في حربها لا يحجب عظيم الخدمة التي قدمتها السودان لها، وبالتالي إن العلاقات السعودية السودانية لا يمكن أن تفهم إلا من بوابة هذه الخدمات، ما يعني أن البشير جاء إلى دمشق وبيده دعم وموافقة لا بل تشجيع سعودي وتالياً خليجي، على هذه الخطوة الكبيرة التي تلي اللقاء بين نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم ووزير خارجية البحرين وللبيب أن يتوقع الباقي.
أخيراً، البشير جاء على متن طائرة روسية وفي هذا دلالة على أن الزيارة نتاج عمل منظم شاركت فيه روسيا التي تعمل على أكثر من خط للحل السياسي وعودة سورية إلى وضعها الطبيعي وموقعها الذاتي في المنطقة والجامعة العربية، وما الزيارة بهذا الشكل إلا رسالة حسية على أن الطريق إلى هذه الأهداف قطع معظمه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن